تشهد المملكة المتحدة حاليًا واحدة من أقوى العواصف التي ضربتها في الآونة الأخيرة، حيث أصدرت هيئة الأرصاد الجوية البريطانية تحذيرًا أحمر، الذي يُعد أعلى مستويات التحذير، من عاصفة "داراج" التي تجتاح مناطق واسعة من البلاد.
وبحسب ما تشير صحيفة الجارديان البريطانية، فإن هذه العاصفة، التي تعد الرابعة في موسم العواصف الحالي، تأتي في توقيت حرج بعد أسبوع واحد فقط من الجدل الواسع الذي أثير حول نقص التحذيرات من الفيضانات خلال عاصفة بيرت السابقة، مما يضع السلطات البريطانية أمام تحدٍ كبيرٍ في إدارة هذه الأزمة الطبيعية الجديدة.
تحذيرات غير مسبوقة
كشفت صحيفة الجارديان عن اتخاذ السلطات البريطانية إجراءات استثنائية غير مسبوقة لمواجهة العاصفة "داراج"، حيث تم تفعيل نظام الإنذار العام على الهواتف المحمولة للمرة الأولى في مناطق جنوب غرب إنجلترا وأجزاء من ويلز.
وأوضحت الصحيفة أن السكان تلقوا رسائل تحذيرية مصحوبة باهتزازات وأصوات إنذار عالية، تحثهم على البقاء في منازلهم وتجنب القيادة في ظل الظروف الجوية الخطيرة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هذا النظام، الذي تم إطلاقه العام الماضي، أثبت فعاليته في إنقاذ الأرواح في دول أخرى مثل هولندا واليابان.
مخاطر محتملة
أفادت الجارديان بأن التأثيرات المتوقعة للعاصفة "داراج" تشكل تهديدًا خطيرًا للحياة والممتلكات في المناطق المتضررة، إذ حذر مكتب الأرصاد البريطاني من أن الرياح العاتية التي تصل سرعتها إلى 145 كيلومترًا في الساعة، ستؤدي إلى تطاير الحطام بشكل خطير، وإمكانية تضرر المباني بشكل كبير، خاصة مع احتمال تطاير القرميد من الأسقف.
كما أن هناك مخاوف جدية من حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي وتشكل أمواج ضخمة على الشواطئ المكشوفة قد تهدد المناطق الساحلية.
وأضافت الصحيفة أن خطر سقوط الأشجار يشكل تهديدًا إضافيًا للسلامة العامة، خاصة مع تشبع التربة بالمياه نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة مؤخرًا.
أزمة المواصلات والنقل
وفقًا للصحيفة فإن قطاع النقل والمواصلات يواجه تحديات غير مسبوقة مع اقتراب العاصفة، إذ أعلنت هيئة الطرق الوطنية البريطانية عن حالة التأهب القصوى وأصدرت تحذيرات شديدة للسائقين في مناطق الجنوب الغربي والشمال الغربي.
وتأثرت بالفعل العديد من الطرق الرئيسية، حيث تم إغلاق جسر سيفرن M48 في جلوسيسترشاير بسبب الرياح العاتية.
كما أن الطرق السريعة الرئيسية مثل M5 في شمال سومرست، وA30 في كورنوول، وM6 في تشيشاير معرضة لتأثيرات شديدة من العاصفة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في حركة النقل.
مخاوف من الفيضانات
وتتصاعد المخاوف من الفيضانات مع اقتراب العاصفة، خاصة في المناطق التي لا تزال تتعافى من آثار عاصفة "بيرت"، إذ أصدرت هيئة الموارد الطبيعية في ويلز أكثر من 30 تحذيرًا من الفيضانات، في حين أصدرت وكالة البيئة في إنجلترا أكثر من 20 تحذيرًا أحمر من الفيضانات، بحسب "الجارديان".
وتثير الصحيفة قلقًا خاصًا حول منطقة روندا سينون تاف، التي شهدت فيضانًا أدى إلى تضرر ما بين 200 و300 عقار خلال عاصفة بيرت، حيث من المتوقع أن تتعرض مرة أخرى لأمطار غزيرة.
وما يزيد من خطورة الوضع أن التربة مشبعة بالفعل بالمياه من الأمطار السابقة، كما أن بعض الأنهار لا تزال تحتوي على حطام من العاصفة السابقة، ممايزيد من مخاطر الفيضانات.
تداعيات طويلة المدى
تكشف الجارديان عن الارتباط الوثيق بين تزايد هذه الظواهر المناخية المتطرفة والتغير المناخي العالمي، إذ أوضح الخبراء أن الظروف الحالية نتجت عن مناطق الضغط المنخفض المدفوعة نحو بريطانيا بواسطة التيار النفاث، الذي تصل سرعته في قلبه إلى 240 ميلًا في الساعة.
وأشاروا إلى أن هذه السرعة العالية مدفوعة بالهواء البارد القادم من شمال الولايات المتحدة وكندا.
كما أكدت الصحيفة أن هطول الأمطار الشديدة أصبح أكثر شيوعًا وكثافة؛ بسبب التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري، حيث يمكن للهواء الأكثر دفئًا احتواء المزيد من بخار الماء.