بين صفحات التاريخ وتحديات الحاضر، يلقي الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون بظلال من التحليل والنقد على قضايا معاصرة، تتراوح بين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والسياسة الأمريكية الداخلية.
وفي مقابلة صحفية مع "نيويورك تايمز" الأمريكية، سلط الضوء على رؤيته حول دور بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال، وعملية السلام في الشرق الأوسط، وقضايا الهجرة في الولايات المتحدة.
نتنياهو والهجمات.. شريان حياة سياسي
خلال حديثه عن رئيس "نتنياهو"، وجَّه "كلينتون" إليه انتقادًا ضمنيًا، خلال المقابلة التي أجريت بمناسبة صدور كتابه الجديد "المواطن.. حياتي بعد البيت الأبيض"، وقال إنَّ "نتنياهو شغل منصب رئيس الوزراء عندما كنت رئيسًا في التسعينيات، وبقي في منصبه لفترة أطول بكثير مما كنت أتوقع".
وأشار كلينتون إلى أنَّ الهجمات التي شنَّتها حماس في السابع من أكتوبر شكَّلت تحولاً لصالح نتنياهو سياسيًا، وأوضح أنَّ البداية كانت صعبة عليه، بسبب عدم جاهزية الجيش الإسرائيلي وما أثارته القضايا الداخلية المتعلقة بسيادة القانون، إلا أن تلك الأحداث عززت بشكل غير متوقع موقفه السياسي وقوَّت ائتلافه الهشَّ.
وقال كلينتون: "في البداية، أضرَّت به الهجمات لأنها كشفت عن ضعف الاستعداد، ولكن -بفضل الظروف- تحولت إلى شريان حياة سياسي له، إذ عززت موقعه كقائد أعلى خلال الأزمة".
انتقل كلينتون إلى الحديث عن القضية الفلسطينية، واصفًا الصراع المستمر بأنه إحدى "أكبر مآسي القرن الواحد والعشرين"، وأعرب عن أسفه لفشل التوصل إلى اتفاق سلام بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، الذي وصفه بأنه "أكثر زعيم أحبه".
علاقته بترامب
وعن علاقته بالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، المعروف سابقًا بعلاقاته الودية مع كلينتون وزوجته هيلاري، قال الرئيس الأمريكي الأسبق: "كنت ودودًا للغاية مع الرئيس ترامب لسنوات، وكان لطيفًا جدًا معي عندما غادرت البيت الأبيض.. لقد اتصل بي ذات يوم وقال: الطريقة التي تتعامل بها وسائل الإعلام معك مخزية، وأريدك أن تشاركني لعبة جولف في ملعبي الخاص".
وأضاف كلينتون: "لكن لاحقًا، عندما وصف ترامب المكسيكيين بالقتلة والمغتصبين، وعلمت أنَّ بعض حاملي أدواته في المحكمة كانوا من اللاتينيين، أخذت مضاربي وغادرت، لم أكن أعتبر نفسي أفضل منه، ولم أنظر إليه بازدراء، لكنني أدركت أنني لا أستطيع التعايش مع ذلك، أمريكا أمة عظيمة بسبب تنوع سكانها، وعلينا أن نتعلم كيف نتعايش مع الجميع".
قضية شائكة وخلاف سياسي
وفي سياق تصريحات ترامب حول الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، أبدى كلينتون أسفه لغياب النقاشات الجادة حول قضية الهجرة في النظام السياسي الأمريكي، وأوضح: "الهجرة قضية كبيرة.. إذا كنت لا تريد أي شخص آخر هنا، عليك أن تفكر في الأمر بجدية، لأننا لا نستطيع الاستمرار في قيادة العالم ما لم نسمح للمهاجرين بالقدوم والإسهام بعقولهم ومواهبهم.. هذا لا يعني أننا يجب أن نكون ساذجين ولا نثبت الحدود، بل يعني أنه يجب علينا التعامل مع هذه القضية بمزيد من الاحترام والتفهم".
وأكد كلينتون أنَّ الديمقراطيين ارتكبوا خطأ كبيرًا بعدم التركيز على معالجة أزمة الهجرة في الانتخابات الأخيرة، قائلًا: "إنكار وجود مشكلة ليس خيارًا، وهذا ما تسبب في مشكلات للديمقراطيين.. اعتقدوا أنه من غير الملائم الإصرار على حدود منظمة، لكنها بالفعل مشكلة، والناس يكرهون الفوضى.. إذا أظهرنا اهتمامنا بإدارة انتقال قانوني ومنظم، لكان ذلك خيارًا مشروعًا للغاية، وربما غيّر نتيجة الانتخابات".