كشفت وثائق استخباراتية رومانية، رفعت عنها السرية، أن المرشح الرئاسي القومي المتطرف في رومانيا كالين جورجيسكو استفاد من حملة على تطبيق "تيك توك"، تشبه عمليات التأثير المزعومة التي يدعي الغرب أن الكرملين يديرها في أوكرانيا ومولدوفا.
وتزعم الوثائق الرومانية -التي رفعت عنها السرية- أن مؤثرين مدفوعي الأجر، إلى جانب أعضاء من جماعات متطرفة يمينية وأشخاص مرتبطين بالجريمة المنظمة، روجوا لترشيح جورجيسكو عبر الإنترنت.
ولا تنص الوثائق بشكل مباشر على أن روسيا حاولت التأثير على الانتخابات "لكنها تشير بقوة إلى ذلك"، وفق "بوليتيكو"، التي لفتت إلى أن الرئيس الليبرالي كلاوس يوهانيس وافق على الإفراج عن الملفات، اليوم الأربعاء، بعد طلب من الصحفيين الرومانيين وجماعات المجتمع المدني.
حسب التقرير، يبدو أن الوثائق تتناقض مع مزاعم جورجيسكو بأنه لم يتلق أي دعم أجنبي لحملته وأنه جاء في المركز الأول في انتخابات 24 نوفمبر لمجرد أن رسالته لاقت صدى لدى الشعب الروماني.
وفي مقابلة تلفزيونية رومانية أجريت معه، اليوم الأربعاء، رفض المرشح الأقرب لكرسي الرئاسة الوثائق التي رفعت عنها السرية، ووصفها بأنها "خطوة يائسة" من جانب المؤسسة السياسية الرومانية لمنعه من الفوز في جولة الإعادة.
نشاط مفاجئ
وفقًا لوثيقة رفعت عنها السرية من جهاز الاستخبارات الروماني (SRI)، نشطت الحملة الانتخابية لجورجيسكو على منصة التواصل الاجتماعي "تيك توك" قبل أسبوعين فقط من انتخابات 24 نوفمبر.
وتشير الوثيقة إلى أن نحو 25 ألف حساب كانوا جزءًا من شبكة على "تيك توك" مرتبطة بشكل مباشر بحملة جورجيسكو، وأصبحت نشطة للغاية خلال هذين الأسبوعين.
وكانت هناك حوالي 800 من هذه الحسابات موجودة منذ عام 2016 -العام الذي تم فيه إطلاق التطبيق- لكنها كانت بالكاد نشطة حتى نوفمبر من هذا العام.
وأشارت وثيقة أخرى صادرة عن الاستخبارات الرومانية إلى أن "نشاط الحساب ربما تم تنسيقه من قبل جهة تابعة للدولة"؛ لافتة إلى أن "شركة تسويق رقمية جيدة جدا كانت وراء الحملة، وأن المشاركين كانوا بارعين في التحايل على قواعد "تيك توك".
وأشارت وثيقة الاستخبارات الرومانية إلى أن كل حساب على "تيك توك" لديه عنوان IP فريد "مما يدل على استراتيجية متعمدة لجعل من الصعب تحديد حجم الشبكة".
وقال جهاز الاستخبارات الروماني إن مجموعة تم إنشاؤها على تطبيق المراسلة "تليجرام" استُخدمت لتنسيق نشاط" تيك توك". وأضاف أن الرسائل تضمنت نصائح حول كيفية تضليل نظام التحقق من المحتوى الخاص بـ "تيك توك"، على سبيل المثال، عن طريق تسجيل الشاشات وتغيير المحتوى، حتى تدركه المنصة على أنه محتوى أصلي.
كما تم نشر بيانات تسجيل الدخول لمواقع الويب المرتبطة بالانتخابات الرومانية على منصة جرائم إلكترونية من أصل روسي وكذلك على قناة خاصة على "تليجرام" معروفة بنشر البيانات المسروقة من العديد من البلدان "ولكن ليس روسيا"، وفقًا لإحدى وثائق الاستخبارات الرومانية.
وحددت الاستخبارات الرومانية أكثر من 85000 هجوم إلكتروني سعت إلى استغلال نقاط الضعف في نظام تكنولوجيا المعلومات الخاص بالانتخابات في البلاد، بهدف الحصول على إمكانية الوصول إلى البيانات وتغيير المحتوى وتعطيل الشبكة.
وقال جهاز الاستخبارات الروماني إن الهجمات استمرت لعدة أيام، بما في ذلك يوم الانتخابات واليوم التالي، وجاءت عبر 33 دولة، مما يجعل من الصعب نسب المسؤولية إلى دولة واحدة على وجه الخصوص.
استغلال المؤثرين
مع أن زعم جورجيسكو لم ينفق أي أموال على حملته الانتخابية، إلا أن تساؤلات أثيرت حول كيفية تمكنه من إدارة حملة ناجحة كهذه دون إنفاق سنت واحد.
لكن مذكرة إحاطة أعدتها وزارة الداخلية الرومانية تكشف أن ما يسمى بـ "المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي" تم تجنيدهم من قبل شركات وسيطة، يبدو أن واحدة منها على الأقل كانت كيانًا شبحيًا، للترويج لملف "المرشح المثالي" غير المسمى قبل الانتخابات على تيك توك وإنستجرام وفيسبوك.
وحسب المذكرة، حصل هؤلاء المؤثرون على حوالي 80 يورو لكل 20 ألف متابع لديهم، على كل منشور؛ وقد تم دفع المال لنشر مقاطع فيديو يناقشون فيها ملف المرشح الرئاسي الروماني المثالي، إلى جانب هاشتاج "#balanceandverticality".
وفي حين لم يتم ذكر اسم جورجيسكو بشكل مباشر، فإن هذا المرشح المثالي المزعوم يتوافق بشكل وثيق مع ملفه الشخصي. وقد حققت المنشورات ما بين 1000 و500000 مشاهدة لكل مقطع فيديو.
وبحسب الوثائق، دفع روماني يعمل في مجال العملات المشفرة 381 ألف دولار لبعض مستخدمي "تيك توك" الذين شاركوا في الترويج لجورجيسكو في الشهر السابق للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
لكن، جورجيسكو زعم في مقابلته التلفزيونية أنه لم يقابل هذا الشخص مطلقًا، وأن اسمه "لم يرن جرسا في ذهنه".
مع هذا، يشير تقرير "بوليتيكو" إلى أن الاستراتيجية التي تناولتها الوثائق الرومانية "مماثلة لحملة تم نشرها في مولدوفا المجاورة، سعيًا لإقناع الناس بالتصويت للمرشح الموالي لروسيا في الانتخابات الرئاسية المكونة من جولتين في ذلك البلد،" وفقًا للوثيقة الصادرة عن وزارة الداخلية.
وقد استخدمت روسيا تكتيكات مزعومة مماثلة في الحملات التي شنها الكرملين في أوكرانيا قبل شن عمليتها العسكرية الخاصة، بحسب الوثيقة.