تحوّلت المرحلة الانتقالية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ممّا كان مخططًا له أن يظهر كـ"استعراض للقوة والنفوذ" إلى سلسلة من التحديات والانتكاسات غير المتوقعة، فخلال الساعات الـ24 الماضية فقط، فقد ترامب أحد مرشحيه الرئيسيين وبات على وشك خسارة آخر، في تطورات تثير تساؤلات عميقة حول مدى سيطرته على الحزب الجمهوري.
انسحابات متتالية
وكشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن تفاصيل مثيرة حول الاضطرابات التي تشهدها عملية تشكيل الإدارة الجديدة لـ"ترامب"، إذ بدأت المتاعب مع انسحاب النائب السابق مات جيتز من الترشح لمنصب وزير العدل، في أعقاب أزمة أثارها تقرير أخلاقي يتعلق بالنائب السابق عن ولاية فلوريدا، وسرعان ما اضطر ترامب إلى استبدال جيتز بالمدعية العامة السابقة لولاية فلوريدا بام بوندي، في محاولة لتجاوز هذه الأزمة.
وفي تطور لاحق، أعلن تشاد كرونيستر، وهو رئيس الشرطة المحلية في فلوريدا والمرشح لرئاسة إدارة مكافحة المخدرات، انسحابه المفاجئ من الترشح بعد أيام قليلة فقط من الإعلان عن اختياره.
وأثار انسحاب كرونيستر، الذي جاء عبر منصة "إكس"، جدلًا واسعًا، خاصة مع إشارته الغامضة إلى "إدراك خطورة هذه المسؤولية المهمة للغاية" دون تقديم تفسير محدد.
وأشارت تقارير أبرزتها "بوليتيكو" إلى أن كرونيستر، رغم أنه لم يكن من بين المرشحين المثيرين للجدل في قائمة ترامب، واجه انتقادات حادة من المحافظين بسبب مواقفه خلال جائحة كوفيد-19، ودعمه لقوانين العلم الأحمر، وهي تشريعات تجيز للسلطات مصادرة الأسلحة النارية مؤقتًا من الأشخاص الذين يُشكلون خطرًا على أنفسهم أو الآخرين، وهو موقف يعده المحافظون تهديدًا للتعديل الدستوري الثاني الذي يكفل حق حمل السلاح.
وفي تغريدة لاحقة، نفى "ترامب" أن يكون كرونيستر رفض الترشيح، وأكد أنه هو من سحب ترشيحه، مرجِعًا السبب إلى ما وصفه "ما قاله لقساوستي ومؤيديّ الآخرين".
تصدعات عميقة
وبالمثل، يواجه ترشيح بيت هيجسيث، المذيع السابق في "فوكس نيوز"، لمنصب وزير الدفاع، تحديات غير مسبوقة، مع ظهور تقارير جديدة تتضمن مزاعم خطيرة حول الاعتداء الجنسي وتعاطي الكحول.
وفي محاولة لإنقاذ ترشيحه، توجه هيجسيث إلى مبنى الكابيتول أمس الأربعاء، للقاء أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، بمن فيهم القيادة القادمة للمجلس والسيناتور جوني إرنست، التي تُعد صوتًا محوريًا في تأكيد ترشيحه.
وفي تصريحات للصحفيين، أكد "هيجسيث" تمسكه بالترشيح، مشيرًا إلى أن ترامب نفسه شجعه على "مواصلة القتال".
وعلى الرغم من تصريحات "هيجسيث"، جاء إعلان ترامب، عن اختياره رجل الأعمال دانييل دريسكول، لتولي منصب وزير الدفاع، بمثابة انتهاء قصة ترشيح "هيجسيث" لهذا المنصب.
تصريحات السيناتور كيفين كرامر، الجمهوري من ولاية داكوتا الشمالية، تشير إلى مخاوف عميقة داخل الحزب بشأن ترشيح هيجسيث، إذ صرح لصحيفة واشنطن بوست قائلًا: "لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن يكون لدينا وزير دفاع يسكر بشكل منتظم... يجب أن أتأكد من أنه تغلب على هذه المشكلة".
تحديات جوهرية
تثير هذه التطورات المتلاحقة تساؤلات عميقة حول قدرة سوزي وايلز، المرشحة لمنصب كبير موظفي البيت الأبيض، على فرض النظام في عملية الانتقال وإدارة البيت الأبيض، إذ إنها -التي يُنسب إليها الفضل في تدمير حملة ديسانتيس الرئاسية كجزء من عداء قديم- تواجه الآن تحديًا جديدًا يتمثل في إدارة عملية انتقال معقدة وسط اضطرابات متزايدة.
وفي محاولة للتقليل من أهمية هذه التحديات، قال ستيفن تشيونج، مدير الاتصالات المقبل في البيت الأبيض، لصحيفة "بوليتيكو": "الرئيس ترامب رشَّح أفرادًا ذوي كفاءات عالية ومؤهلين للغاية لخدمة الشعب الأمريكي، الذي منحه تفويضًا تاريخيًا لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".