رغم تبادل إطلاق النار بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، فإن تقييم مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، جو بايدن، هو أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان مستقر، وأنهم يكثفون جهودهم الآن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة واستعادة المحتجزين هناك، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
وحسب الصحيفة، أعرب كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية عن تفاؤلهم بشأن احتمال احتواء تبادل الضربات بين إسرائيل وحزب الله، والحفاظ على الإطار العام لاتفاق وقف إطلاق النار، على الرغم من تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحزب الله بشأن انتهاكات الاتفاق.
ولفتت الصحيفة إلى أن المبعوث الأمريكي آموس هوكستاين، الذي لعب دورًا رئيسيًا في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، حذر الجانبين في بداية الأسبوع، من الانتهاكات المحتملة وأعرب عن قلقه إزاء احتمال استئناف الحرب.
لكن في واقع الأمر، بعد أن أطلق حزب الله النار على مستوطنة "هار دوف" الشمالية، وما أعقبه من هجمات إسرائيلية في لبنان ردًا على ذلك، تزايد التقييم في الإدارة الأمريكية بأن الجانبين غير مهتمين بتصعيد حقيقي، من شأنه أن يؤدي إلى إلغاء الاتفاق، ويحاولان بدلًا من ذلك الحفاظ على إطار الاتفاق.
وقال مسؤول أمريكي مشارك في المحادثات بشأن هذا الموضوع، إن الجانبين يحاولان وضع القواعد على الأرض لتطبيق الاتفاق. لكنه أضاف أن الإدارة لديها انطباع بأن الجانبين يريدان أن يستمر الاتفاق.
ولكن القلق الرئيسي الذي لا يزال يُخيم على الاتفاق هو أن نطاق وكثافة الهجمات الإسرائيلية ردًا على الانتهاكات التي تتهم إسرائيل حزب الله بارتكابها قد يدفع الجماعة اللبنانية إلى استئناف إطلاق النار على المستوطنات الشمالية على نطاق واسع.
وردًا على هذه المخاوف التي عبرت عنها في الأيام الأخيرة الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى، تصر إسرائيل على أنها تتصرف بطريقة مستهدفة ضد عناصر حزب الله، بزعم أنهم انتهكوا الاتفاق، وحاولوا استعادة أو تعزيز البنية التحتية العسكرية للجماعة أو تهريب الأسلحة.
وتشير "هآرتس" إلى أنه حتى الآن، تقبل مسؤولو الإدارة الأمريكية تصرفات جيش الاحتلال بتفهم، وامتنعوا عن توجيه انتقادات علنية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى فهمهم أن مثل هذه الانتقادات لن تؤدي إلا إلى تفاقم المخاوف بشأن احتمال استمرار وقف إطلاق النار.
ولم يكلف مسؤولو البيت الأبيض أنفسهم عناء نفي التقارير الإعلامية الإسرائيلية، التي صورت إدارة بايدن في صورة سلبية، استنادًا إلى مصادر حكومية إسرائيلية زعمت أن الولايات المتحدة كانت تحد من نطاق الرد الإسرائيلي على انتهاكات حزب الله في لبنان.
ويقول مسؤولون كبار في إدارة بايدن، إن التقارير تخدم حاجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لتقديم الأعذار لناخبيه الذين يشعرون بالإحباط وخيبة الأمل بشأن الاتفاق في لبنان، ويعتقدون أن إسرائيل بحاجة إلى الرد بقوة أكبر على أي اشتباه في انتهاك حزب الله.
وفي الأسبوع الماضي، حرصت الإدارة الأمريكية على نفي التقارير التي تشير إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار تم توقيعه، بعد ضغوط أمريكية على إسرائيل. وعلى النقيض من ذلك، لم تكن هناك أي جهود مماثلة هذا الأسبوع لدحض موجة جديدة من الإحاطات التي قدمها مكتب رئيس الوزراء ضد الإدارة.
وفي الوقت نفسه، كما تقول هآرتس، توجه إدارة بايدن الجزء الأكبر من جهودها الدبلوماسية في الوقت الراهن، نحو محاولة إحياء المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة، واستعادة المحتجزين في القطاع.
وأضافت الصحيفة إنه في الأيام الأخيرة، أولى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اهتمامًا أكبر لهذه القضية، وهو ما عزز أيضًا الأمل لدى إدارة بايدن بشأن تحقيق اختراق محتمل.
وحتى قبل ذلك، كان ترامب أعرب عن دعمه لجهود وقف إطلاق النار في لبنان، وكان لموقفه تأثير على المرونة التي أظهرها نتنياهو في الاتصالات بشأن الاتفاق.
وقالت هآرتس، إن مسؤولي إدارة بايدن يأملون الآن، أن تساعد رغبة الرئيس المنتخب في الحصول على اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين، وإنهاء الحرب على غزة حتى قبل تولي ترامب منصبه في 20 يناير، مع إظهار قدر أكبر من المرونة من جانب نتنياهو وحكومته.