أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استعداده للتنازل عن أراض من بلاده لروسيا، مقابل مظلة حلف شمال الأطلسي "الناتو" على الأراضي الأوكرانية، في خطوة هي الأولي من نوعها، نحو إنهاء الحرب الدائرة منذ 24 فبراير 2022، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
وقال الرئيس الأوكراني، في مقابلة إعلامية، إن بلاده قد تتنازل عن أراضٍ لروسيا مؤقتًا، وذلك مقابل "مظلة حلف شمال الأطلسي" فوق الأراضي الأخرى التي تخضع لسيطرة أوكرانيا.
وأضاف أنه بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار، يمكن لكييف التفاوض "دبلوماسيًا" على إعادة الأراضي في الشرق التي تخضع حاليًا للسيطرة الروسية.
وذكر: "إذا أردنا وقف المرحلة الساخنة من الحرب، فيجب أن نضع تحت مظلة حلف شمال الأطلسي أراضي أوكرانيا التي تقع تحت سيطرتنا".
وتابع: "هذا ما نحتاج إلى القيام به بسرعة، وبعد ذلك يمكن لأوكرانيا استعادة الجزء الآخر من أراضيها دبلوماسيًا".
وترى الصحيفة البريطانية أن هذه التعليقات تمثل تحولًا كبيرًا في موقف زيلينسكى، الذي سبق أن قال إنه سيواصل محاربة روسيا حتى تعود أوكرانيا إلى حدودها المعترف بها دوليًا، والتي تشمل المناطق الأربع التي ضمتها موسكو في عام 2022، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم.
ويأتي هذا التحول في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لتولي منصبه مع وعد بإنهاء الحرب في "اليوم الأول"، وفي الوقت نفسه، يتزايد الدعم لاتفاق السلام بين الحلفاء الأوروبيين أيضًا.
وبموجب الخطط التي طرحها فريق ترامب، فإن اتفاق السلام من شأنه أن يؤدي إلى تجميد خط المواجهة الحالي في مكانه، وموافقة أوكرانيا على تأجيل طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لمدة عشرين عامًا.
وإذا تم الاتفاق، فإن الولايات المتحدة سوف تمد أوكرانيا بالأسلحة لردع أي عدوان روسي في المستقبل.
وأشار زيلينسكي في مقابلته إلى أن "مظلة الناتو" لن تكون بموجب عضوية كاملة في الحلف، وهو ما رفضه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كجزء من أي اتفاق سلام.
وبدلًا من ذلك، ستقدم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، ضمانات أمنية فردية لأوكرانيا.
وعندما سُئل في المقابلة عما إذا كانت كييف مستعدة للتنازل عن أراضٍ لموسكو بشكل كامل مقابل العضوية الكاملة في حلف شمال الأطلسي، قال: "لم يعرض علينا أحد أن نكون في الحلف بجزء أو آخر من أوكرانيا".
وأضاف أن ذلك "قد يكون ممكنًا، لكن لم يعرض أحد ذلك".
ولفت الرئيس الأوكراني، إلى أنه سيكون على استعداد للنظر في التنازل عن الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، مقابل وضع الأجزاء المحررة من أوكرانيا تحت "مظلة حلف شمال الأطلسي".
ومن المتوقع أن يؤدي تنصيب ترامب في 20 يناير إلى تسريع المحادثات بشأن كيفية إنهاء الحرب، ويعتقد أن ترامب يدرس خطة تدعو القوات الأوروبية والبريطانية إلى فرض منطقة عازلة بطول 800 ميل بين الجيشين الروسي والأوكراني كجزء من خطة لإنهاء الحرب.
وفي حديثه للصحيفة البريطانية الأسبوع الماضي، قال بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني السابق، إن القوات البريطانية يجب أن تساعد في الدفاع عن حدود أوكرانيا كجزء من أي اتفاق سلام.
وأضاف أن أي مسؤولية عن حراسة خط وقف إطلاق النار المستقبلي بين أوكرانيا وروسيا ينبغي أن توكل إلى مجموعة متعددة الجنسيات من قوات حفظ السلام الأوروبية.
وتابع: "الدول الغربية يجب أن توضح الضمانات الأمنية التي سيتم تقديمها لأوكرانيا كجزء من أي اتفاق سلام، لضمان عدم قدرة روسيا على إعادة تسليح نفسها ومهاجمة أوكرانيا مرة أخرى بعد بضع سنوات".
وفي الجزء الأخير من المقابلة، أشار زيلينسكي إلى أن دولًا أخرى اقترحت بشكل غير رسمي اتفاق وقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا.
وقال: "اقترحت العديد من الدول المختلفة وقف إطلاق النار.. والسؤال هو، أين سيتم وقف إطلاق النار؟".
واستطرد قائلًا: "إذا تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، فيجب أن يضمن ذلك "عدم عودة بوتين".. نحن بحاجة إلى حماية الناتو كثيرًا، وإلا فإن بوتين سيعود".
وإجمالًا، تبقى المقترحات التي طُرحت على ألسنة المسؤولين الأمريكيين ونظرائهم في الدول الغربية، مرهونةً بموافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تشير عدة تقارير إلى أن مباحثاته المنتظرة مع ترامب، ستحمل القول الفصل في الأزمة التي تقترب من عامها الثالث.