بينما تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بإطلاق "أكبر عملية ترحيل للمجرمين في تاريخ أمريكا" كجزء من خططه لإزالة ملايين المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة، لكن في الواقع لا يوجد عدد كبير من المجرمين الذين يمكن ترحيلهم على الفور.
ووفق مراجعة أجراها موقع "أكسيوس" للبيانات الحكومية الأمريكية، فإن أقل من 0.5% من 1.8 مليون قضية في محاكم الهجرة خلال السنة المالية الماضية -تضم نحو 8400 شخص- شملت أوامر ترحيل بسبب جرائم مزعومة أخرى غير دخول الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
ولا تشمل هذه الأرقام أكثر من 400 ألف مهاجر غير شرعي صدرت ضدهم أحكام جنائية خلال العقود القليلة الماضية، وكثير منهم محتجزون في مرافق فيدرالية أو تابعة للولاية أو محلية، إذ أُدين نحو 29 ألفًا من هؤلاء المجرمين بارتكاب جرائم قتل أو اعتداء جنسي.
وأشار التقرير إلى أن هؤلاء سوف يخضعون لعملية الترحيل في محاكم الهجرة، لكن ليس قبل انتهاء مدة عقوبتهم؛ فيما تشير أرقام محكمة الهجرة -إلى جانب آليات الترحيل- إلى أنَّ جهود ترامب لترحيل المجرمين بشكل جماعي قد تستغرق بعض الوقت.
بين بايدن وترامب
فيما رفض فريق ترامب الانتقالي التطرق إلى العدد المنخفض لقضايا الهجرة الحالية التي تتضمن مهاجرين ارتكبوا جرائم، نقلت "فوكس نيوز" عن توم هومان، المسؤول الجديد عن الحدود في إدارة ترامب، أنَّ الإدارة الجديدة سوف "تركز على التهديدات المتعلقة بالسلامة العامة وتهديدات الأمن القومي أولًا، بموجب خطة الترحيل الجماعي.
وقال "هومان": "نعلم أنَّ عددًا قياسيًا من الأشخاص المدرجين على قائمة مراقبة الإرهابيين عبروا هذه الحدود، ونعلم أنَّ عددًا قياسيًا من الإرهابيين تم إطلاق سراحهم في هذا البلد".
وخلافًا لهذا الادعاء، كان إبعاد المهاجرين الذين يُعدون تهديدًا للأمن القومي والسلامة العامة أولوية في إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن.
ففي 30 سبتمبر 2021، أصدر وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس مذكرة يأمر فيها مسؤولي الهجرة في وزارة الأمن الداخلي "بإعطاء الأولوية للقبض على غير المواطنين وإبعادهم مَن يُعدون تهديدًا للأمن القومي والسلامة العامة وأمن الحدود".
كما ألقت إدارة العمليات الميدانية التابعة لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية (CBP)، القبض على 19242 من غير المواطنين الذين أُدينوا بارتكاب جرائم في الولايات المتحدة أو في الخارج في السنة المالية 2024.
أيضًا، سجلت دورية الحدود الأمريكية 17048 حالة اعتقال لأشخاص غير مواطنين أُدينوا بارتكاب جرائم في الولايات المتحدة أو في الخارج في السنة المالية 2024.
وقد يكون هؤلاء غير المواطنين من حاملي البطاقات الخضراء، أو المهاجرين الذين يتمتعون بحماية مؤقتة، أو المهاجرين غير المسجلين، أو طالبي اللجوء الذين يمكنهم الاستئناف أو مقاومة الاعتقالات.
ولفت "أكسيوس" إلى أنه "من المثير للاهتمام أن عدد حالات اعتقال المهاجرين غير المواطنين ذوي الإدانات الجنائية في السنة المالية 2024 تحت حكم بايدن يمثل زيادة بنسبة 114% مقارنة بالسنة المالية 2019، خلال العام الأخير لترامب في منصبه".
كما توصلت مراجعة بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود إلى أنَّ اعتقالات المهاجرين غير المواطنين ذوي الإدانات الجنائية تضاعفت في المتوسط في عهد بايدن، مقارنة بما كانت عليه في عهد ترامب، وهو ما يعكس جزئيًا موجات المهاجرين الذين يعبرون الحدود خلال فترة بايدن، وفق التقرير.
أرقام وجرائم
رغم تعهد ترامب بترحيل نحو 11 مليون مهاجر غير شرعي في مختلف أنحاء البلاد، وتأكيد حملته الانتخابية أن تركيزه الأولي سيكون على المهاجرين الذين ارتكبوا جرائم، لفت "أكسيوس" إلى أنَّ دراسة تلو الأخرى أشارت إلى أنَّ المهاجرين الموجودين في الولايات المتحدة بشكل قانوني أو غير موثق، يرتكبون الجرائم بمعدلات أقل من المواطنين الأمريكيين.
وقال: "لقد صعَّد ترامب والمحافظون المآسي الفردية، مثل مقتل طالب التمريض في جورجيا ليكين رايلي، للزعم بأن المهاجرين يقودون موجة الجريمة، وتبرير الدفع نحو الترحيل الجماعي".
وكانت مزاعم ترامب بشأن المهاجرين والجريمة ضمن سلسلة من التصريحات التي لا أساس لها من الصحة، أدلى بها خلال الحملة الانتخابية.
وتضمنت تصريحات الرئيس المنتخب عبارات مثل أنَّ "المهاجرين يأكلون الحيوانات الأليفة"، و"كيف يمتص المهاجرون دماء أمتنا".
وهناك نحو 24.5 مليون مهاجر غير مواطن في الولايات المتحدة، بما في ذلك الذين ينتظرون قرارات اللجوء أو الموجودين هناك بشكل قانوني، وفقًا لمركز "بيو" للأبحاث.
وسجلت محاكم الهجرة الأمريكية 1,798,964 قضية جديدة في الفترة من 1 أكتوبر 2023 إلى 30 سبتمبر 2024، وفقًا لبيانات من مركز الوصول إلى السجلات المعاملاتية (TRAC) في جامعة سيراكيوز.
ولم تتضمن سوى 0.47% من هذه الحالات عمليات ترحيل محتملة على أساس أنشطة إجرامية مزعومة.
وبينما تلقت محاكم الهجرة 87620 قضية جديدة، بدءًا من أكتوبر 2024 في السنة المالية الجديدة، وجدت البيانات أن 640 فقط (0.73%) من تلك القضايا تتعلق بأوامر ترحيل محتملة بناءً على نشاط إجرامي مزعوم.