تسود حالة من الصدمة في أروقة الحزب الديمقراطي الحر (المحافظ ماليًا) في ألمانيا، بعد الكشف عن تخطيط أعضائه بدقة متناهية لإسقاط الائتلاف الذي كانوا جزءًا منه ويضم ثلاثة أحزاب؛ كما أوضحت صحيفة "بوليتيكو" في نسختها الأوروبية.
وأدى الكشف عن عرض تقديمي من ثماني صفحات بعنوان "سيناريوهات وتدابير يوم النصر" إلى دفع الأمين العام للحزب، بيجان دجير ساراي، الذي كان مسؤولًا عن استراتيجية الحزب والحملة الانتخابية، إلى الاستقالة من منصبه، اليوم الجمعة.
وفي تصريح مدته 50 ثانية، قال دجير ساراي إنه "ليس لديه علم بالوثيقة" لكنه سيتنحى عن منصبه لتحمل المسؤولية السياسية لتجنب الضرر الذي قد يلحق بمصداقيته ومصداقية الحزب الديمقراطي الحر.
وقال فولفجانج بوخنر، المتحدث باسم المستشار الألماني أولاف شولتس، اليوم، إن هذا القرار جعل المستشار "يشعر بأنه محق في قراره" قاصدًا إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر، حسبما نقلت عنه صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
كلمات مخيفة
وفق "بوليتيكو"، تظهر الوثيقة أنَّ سياسيي الحزب الديمقراطي الحر خططوا لاستراتيجية إعلامية مفصلة من أربع مراحل لتقويض الائتلاف المنقسم بقيادة شولتس، والذي انهار في نهاية المطاف في أوائل نوفمبر، عندما أقال شولتز وزير ماليته -آنذاك-زعيم الحزب الديمقراطي الحر "ليندنر".
وتضمنت المرحلة النهائية من خطة الحزب "بدء معركة ميدانية مفتوحة" ضد شركائه في الائتلاف، الحزب الديمقراطي الاجتماعي ذي الميول اليسارية والخضر، وفقًا للوثيقة.
كما حددت الوثيقة "النقطة الزمنية المثالية" لخروج الحكومة، وهي الرابع من نوفمبر، وأقال شولتس ليندنر في السادس من نوفمبر، كما تصف وثيقة يوم النصر أربع مراحل من الحملة التي ستبلغ ذروتها بانهيار الائتلاف. وتسمى المرحلة الرابعة "بداية المعركة الحاسمة".
ونشر الحزب الوثيقة الداخلية على موقعه الإلكتروني، أمس الخميس، بعد أن حصلت عليها إحدى وسائل الإعلام الألمانية، ما أثار إحراجًا داخل الحزب؛ كما تسببت اللغة العسكرية في الوثيقة في "حالة من الذعر"، حسب التقرير.
وكتبت ماري أجنيس ستراك زيمرمان، إحدى الشخصيات البارزة في الحزب وعضوة البرلمان الأوروبي، على موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي، إنَّ "اختيار الكلمات لا يخدم القضية، والكتابة بهذه اللهجة أمر غير مفهوم".
وأضافت: "ما نحتاج إليه الآن هو النقد الذاتي وإعادة التقييم".
محاولة بائسة
في الأشهر التي سبقت انهيار الائتلاف الثلاثي في ألمانيا، هدد سياسيو الحزب الديمقراطي الحر، مرارًا وتكرارًا، بالانسحاب من الائتلاف بسبب الخلافات الشديدة بشأن الإنفاق.
ولكن في نهاية المطاف كان شولتس هو من ضرب أولًا، إذ أقال ليندنر بسبب ما أسماه المستشار "تكتيكات حزبية سياسية تافهة"، ومهدت هذه الخطوة الطريق لإجراء انتخابات مبكرة في 23 فبراير المقبل.
ومنذ ذلك الحين، نفى ليندنر أن يكون الحزب الديمقراطي الحر على وشك سحب البساط من تحت أقدامه من الائتلاف، وألقى باللوم على شولتس.
ولكن -وفق "بوليتيكو"- يبدو أن الوثيقة الداخلية للحزب تكشف عن مدى تدخل زعماء الحزب الديمقراطي الحر في انهيار الائتلاف في محاولة لإحياء حظوظهم السياسية، إذ لا تتجاوز نسبة تأييد الحزب في استطلاعات الرأي 4%، وهو أقل من الحد الأدنى اللازم للحصول على مقاعد في البرلمان.
ومن المرجح أن تؤدي هذه الاكتشافات إلى الإضرار بصورة الحزب بين الناخبين في خضم الحملة الانتخابية، ومع ظهور المزيد من التفاصيل حول مخطط الحزب، فقد تتبع ذلك المزيد من الاستقالات.