الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تهجير 90% من سكان القطاع.. الشتاء يفاقم معاناة النازحين في الخيام بغزة

  • مشاركة :
post-title
خيام النازحين في غزة تضررت بسبب سوء الأحوال الجوية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

يواجه مئات الآلاف من الفلسطينيين، الذين نزحوا عدة مرات بسبب العدوان الإسرائيلي في مختلف أنحاء قطاع غزة الآن تهديدًا آخر، وهو وصول الطقس الشتوي القاسي.

والأحد الماضي، ضربت أول عاصفة قوية قطاع غزة هذا الشتاء، وشعر بها السكان في كافة أرجاء القطاع. وفي مخيم مؤقت للنازحين بالقرب من البحر في دير البلح، وسط قطاع غزة، واجهت آلاف الأسر المد العالي والرياح القوية والأمطار التي أتلفت خيامهم المصنوعة من النايلون والبلاستيك.

وشاهد صحفيون يعملون لصالح شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، أطفالًا يتجولون حفاة الأقدام بينما كان آباؤهم يحفرون الرمال في محاولة لبناء حاجز يحميهم من البحر، وقبل أن يتمكنوا من إحراز أي تقدم، جرفتهم المياه بعيدًا.

وصاح أحد الرجال "لا جدوى من هذا!".. وقال آخر: "لقد أتينا إلى هنا لأن البحر كان حمايتنا الوحيدة. والآن يهاجمنا البحر". وكانت الأعمدة الخشبية التي تحمل الخيام، والتي كانت بالكاد مثبتة على الأرض، تهتز مع كل هبة ريح. وكانت الأسر تتجمع حولها في محنة، وتخشى أن تنهار.

وحذر فيليب لازاريني رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الثلاثاء الماضي، في منشور على منصة" إكس" من أنه مع حلول فصل الشتاء، فإن الناس في غزة "يحتاجون إلى كل شيء، ولكن القليل جدًا مما يصل إليهم".

ثالوث الموت في غزة

وقال لازاريني: "إن الشتاء في غزة يعني أن الناس لن يموتوا فقط بسبب الغارات الجوية أو الأمراض أو الجوع. بل يعني الشتاء في غزة أن المزيد من الناس سيموتون بسبب البرد، وخاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا بما في ذلك كبار السن والأطفال".

وفي أكتوبر، وصلت كمية المساعدات التي دخلت غزة إلى أدنى مستوى لها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع، وفقًا لبيانات جمعتها الأمم المتحدة.

تنخفض درجات الحرارة المتوسطة في غزة إلى ما بين 10 و20 درجة مئوية في ديسمبر، ثم تنخفض بضع درجات عن المتوسط ​​في يناير. ويستمر موسم الأمطار عادة من نوفمبر إلى فبراير، ويكون يناير الشهر الأكثر رطوبة.

وغمرت المياه الخيام في دير البلح، مما أدى إلى تشابك البطانيات والسجاد وتناثر الغبار عليها. كما غرقت الأغطية البلاستيكية الكبيرة التي كانت تستخدم كأرضية في الرمال الرطبة، ولم تترك أي شيء بين من يحتمون بالداخل والأرض العارية.

وسأل محمد يونس وهو يلتقط ملابسه المبللة: "ما الذي سيدفئنا الليلة؟ نحن مثل المتسولين أمام العالم، ولا أحد يهتم بنا. لا أعرف أين سأنام. سأنام في البحر". لقد تمزق القماش المشمع الذي كان يستخدم كسقف لخيمة يونس، مما سمح بدخول الماء.

وفي خيمة أخرى مؤقتة غمرتها مياه البحر الهائجة، جلست أسرة نازحة مكونة من عشرة أفراد يرتجفون من البرد، بينما كانت الأم أم فادي تطهو على النار. وقالت إنهم عندما نزحوا من رفح قبل أشهر، اضطروا إلى اللجوء إلى الشاطئ لأنهم لم يجدوا مكانًا آخر يذهبون إليه. وأضافت: "نحن محاصرون من كل الجهات، من البحر، من الإسرائيليين، من عدم وجود منزل، من الجوع".

نزوح 90% من سكان غزة

وبعد مرور أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي على غزة، نزح ما لا يقل عن 1.9 مليون شخص، أو حوالي 90% من سكان قطاع غزة داخليًا، وفقًا للأمم المتحدة، مضيفة أن العديد منهم نزحوا مرارًا وتكرارًا، حوالي 10 مرات أو أكثر.

وقال المجلس النرويجي للاجئين في تقرير صدر مؤخرًا، إن الهجوم الإسرائيلي المستمر أعطى الفلسطينيين خيارات أقل للمأوى هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

وذكر التقرير: "في هذا الشتاء، ومع بقاء عدد أقل من المباني قائمة، يضطر العديد من الفلسطينيين إلى العيش في خيام وملاجئ مؤقتة توفر حماية أقل بكثير ضد الرياح الباردة والأمطار".

وبحلول سبتمبر 2024، تم تدمير أكثر من 200 ألف وحدة سكنية في غزة وتضررها بشدة، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي أضاف أن ما يقرب من مليون شخص بحاجة إلى "دعم الشتاء".

لجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إلى منطقة المواصي في جنوب غزة، والتي صنفها جيش الاحتلال الإسرائيلي كـ"منطقة إنسانية". ويعيش كثيرون منهم في خيام في منطقة ذات بنية تحتية محدودة أو إمكانية محدودة للوصول إلى المساعدات الإنسانية.

وفي الأشهر الأخيرة، تعرض المخيم الساحلي لغارات إسرائيلية متكررة، ويزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يستهدف حماس.

وأصبحت الخيام مهترئة بعد هطول أمطار غزيرة ورياح شديدة. ومع اقتراب العاصفة، الأحد الماضي، تناثرت أمتعة الناس على طول الشاطئ، وابتلع البحر بعضها.

وقال محمد الخطيب، نائب مدير برامج جمعية العون الطبي للفلسطينيين في غزة، إن معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة لها "وجوه عديدة"، وذلك في بيان مشترك أرسلته جمعية العون الطبي للفلسطينيين لسي إن إن.

وقال إن معظم الخيام والملاجئ المؤقتة التي يعتمدون عليها قد استُخدمت منذ أشهر وتحتاج إلى استبدالها لتحمل ظروف الشتاء القاسية. وأضاف: "إنه أمر لا يمكن تخيله، مع العلم أنهم بالكاد يستطيعون البقاء على قيد الحياة في الطقس العادي بأي شيء لديهم.. إن الافتقار إلى الملابس المناسبة والبطانيات ووسائل التدفئة الآمنة يعني أن الأسر ستظل باردة ومعرضة للخطر لعدة أشهر".

إنه خوف يطارد أم فادي في دير البلح كل يوم، وقالت "الليلة، نحن مهددون بخطر كبير. في أي لحظة، قد يبتلعنا البحر. لا نعرف ماذا سنفعل".

العدوان على الشمال

وفي شمال غزة، ينفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية واسعة النطاق دخلت شهرها الثاني. وقد أدى القصف إلى نزوح ما يصل إلى 130 ألف فلسطيني منذ السادس من أكتوبر، وفقًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان، والحاجة إلى المساعدات ملحة.

ولجأ العديد من اللاجئين إلى ملعب اليرموك الرياضي في مدينة غزة، حيث تحولت الخيام المتهالكة المصنوعة من القماش الأبيض إلى اللون البني، الأحد الماضي، بعد ليلة من الأمطار الغزيرة.

وكما حدث في الملجأ على شاطئ البحر، وقف الأطفال الصغار حفاة الأقدام على الأسفلت المبلل أو خاضوا في البرك، وهم يرتدون بالكاد ما يكفي لإبقائهم دافئين، بينما حاول آباؤهم إصلاح الخيام التالفة.

وقال سامي صالحي إنه فر من "المعاناة والقصف الجوي والهجمات والموت" في الشمال، بحثًا عن مأوى في مدينة غزة. لكن المياه غمرت خيمته، وقال لسي إن إن، إنه ليس لديه وقود أو خشب لإشعال النار. ثم رفع بطانيته المبللة وفراشه المبلل، وسأل كيف سينام هو وأطفاله الأربعة عشر تلك الليلة.

وأضاف: "هذه الخيمة مصنوعة من القماش، لذا عندما تدخل المياه إلى الداخل، فإنها تنتشر في كل مكان. ونحن في منطقة منخفضة، لذا حتى لو كان السقف يحمينا، فإن المياه ستأتي من الأسفل".

وقال صالحي بعد إصابته في غارة جوية إسرائيلية إنه ظن أنه سيموت، لكنه فوجئ عندما رأى أن الله أنقذ حياته: "أتمنى لو مت بدلًا من ذلك. الموت أشرف من هذه الحياة".