وسط أجواء سياسية مشحونة بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية، تتجه أيرلندا إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تُعد الأهم في تاريخها الحديث، ويقود رئيس الوزراء الأيرلندي، سيمون هاريس، حملة انتخابية غير تقليدية استهدفت الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محاولاً معالجة أزمات متجذرة مثل الإسكان وارتفاع تكاليف المعيشة.
ومع ذلك، حادثة واحدة خلال الحملة كادت أن تُغير مسار المشهد السياسي برمته، وفي هذا التقرير نستعرض تفاصيل الانتخابات، والخلفيات التاريخية، والتحديات المستقبلية التي تواجه أيرلندا.
هاريس وحملة "تيك توك"
منذ توليه منصب رئيس الوزراء، ركز سيمون هاريس، البالغ من العمر 38 عامًا، على مخاطبة الشباب الأيرلندي، مدركًا إحباطاتهم من أزمات مثل الإسكان وتكاليف المعيشة.
واستغل هاريس منصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وإنستغرام، كوسيلة رئيسية للتواصل مع الناخبين، ووصفته وسائل الإعلام بـ"رئيس الوزراء على تيك توك"، إذ حاول بناء صورة قريبة من الشباب وتطلعاتهم.
حادثة فالون
وتعرضت الحملة لضربة كبيرة بعد انتشار فيديو يُظهر هاريس وهو يبتعد عن عاملة الرعاية شارلوت فالون، يعدما حاولت استجوابه أثناء الحملة، ورغم اعتذاره العلني لاحقًا، وصفت الصحفية جينيفر براي، من صحيفة "أيريش تايمز"، الواقعة بأنها "اللحظة الحاسمة في حملة الانتخابات لعام 2024".
أزمة فاين جايل
يقود حزب "فاين جايل" الحكومة منذ 14 عامًا، وهي فترة قياسية في السياسة الأيرلندية، ورغم استطلاعات الرأي التي أظهرت تقدمه، إلا أن الحادثة الأخيرة تسببت في انخفاض دعم الحزب 6%، وفقًا لاستطلاع نشرته صحيفة "أيريش تايمز".
وأكد ديفيد فاريل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة دبلن، أن فوز "فاين جايل" سيمثل رقمًا قياسيًا جديدًا، لكنه حذر من أن الحزب قد يكون ضحية "لعنة القائمين على السلطة"، التي أطاحت بأحزاب مماثلة حول العالم.
نظام انتخابي معقد ومشهد سياسي متغير
وتعتمد أيرلندا نظام التمثيل النسبي بالصوت الواحد، إذ سيُنتخب 174 عضوًا في البرلمان، وتشير استطلاعات الرأي إلى تقارب نسب الدعم بين الأحزاب الرئيسية الثلاثة:
فاين جايل: 19%.
فيانا فايل: 21%.
شين فين: 20%.
تحالفات محتملة
وحسب مايك ميلي، رئيس الشؤون العامة في شركة تينيو، سيحتاج تشكيل حكومة جديدة إلى تحالف بين اثنين من الأحزاب الكبرى، باستثناء سيناريو حكومة يسارية متطرفة بقيادة حزب "شين فين".
ويعتمد هاريس بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن منافسيه مثل هولي كيرنز (زعيمة حزب الديمقراطيين الاجتماعيين) وماري لو ماكدونالد (زعيمة شين فين) أظهروا مستويات أعلى من التفاعل.
وأشاد دوناج همفريز، رئيس قسم الابتكار الاجتماعي في وكالة Thinkhouse، بمستوى التفاعل الذي تحققه كيرنز، واصفًا إياه بأنه "يحسد عليه".
أزمات داخلية وتحديات دولية
وقال الناخبون إنهم يريدون رؤية تغييرات طويلة الأمد لمعالجة الأزمات، فهناك مخاوف من عودة دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية، والذي قد تؤدي سياساته إلى سحب الشركات الأمريكية من أيرلندا، ما سيضر بالاقتصاد الأيرلندي المعتمد على الضرائب التنافسية.
ورغم تقدم أيرلندا في قضايا مثل زواج المثليين والإجهاض، يرى محللون أن موجة التغيير الاجتماعي الكبرى ربما انتهت في الوقت الراهن.
وتمثل انتخابات عام 2024 لحظة فارقة في تاريخ أيرلندا، إذ تواجه البلاد تحديات غير مسبوقة على الصعيدين الداخلي والدولي بينما يطمح "هاريس" في فترة جديدة بالسلطة.
ويبقى السؤال: هل ستكفي استراتيجيات رئيس الوزراء سيمون هاريس القائمة على التواصل مع الشباب لمعالجة قضايا معقدة؟ أم أن أيرلندا على موعد مع تحول سياسي كبير؟