بعد التوصل لتهدئة مع لبنان في الشمال برعاية أمريكية، حوَّل الاحتلال الإسرائيلي بوصلته اتجاه غزة، ولكن الحديث عن وجود صفقة مماثلة للتهدئة في القطاع، بات يعتمد إما على التنازلات التي يستعد الطرفان لتقديمها وإما على وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومدى تأثير الضغوطات العسكرية.
ولا تزال حماس تحتجز أكثر من 100 رهينة داخل قطاع غزة، بينهم ما يقرب من 36 قتيلًا، بينما تم إعادة 154 محتجزًا إلى إسرائيل، بعضهم كجزء من صفقة رهائن والبعض الأخر قتل بسبب الغارات الإسرائيلية المتكررة على القطاع، بحسب القناة الـ12 الإسرائيلية.
الضغوط العسكرية
وأكدت صحيفة "جيروزاليم بوست"، أنَّ إسرائيل حولت تركيزها إلى قطاع غزة، بعد صفقة لبنان، مشيرة إلى أنَّ الضربات المستمرة هناك تهدف إلى زيادة الضغوط العسكرية من أجل إضعاف حركة حماس، وفي نفس الوقت الدفع نحو اتجاه إجراء مفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين.
وحول إمكانية وجود اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة على غرار ما حدث في لبنان، أكد الدكتور أيمن الرقب، الأستاذ في جامعة القدس، لموقع "القاهرة الإخبارية"، أنه بالتأكيد سيساعد الاتفاق اللبناني الإسرائيلي ويشجع الأطراف المختلفة على التحرك للوصول إلى حل في قطاع غزة.
المهمة الأهم
ولكن في نفس الوقت، شدد "الرقب" على أن حديث الإسرائيليين، خاصة قادة الجيش، حول السعي لإعادة المحتجزين، لن يكون نابعًا من نية إتمام اتفاق، لكنهم يتحدثون عن الوصول إليهم عبر العمليات العسكرية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن منذ 14 شهرًا.
وفي أحدث التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بذلك الأمر، ما نقلته القناة الـ12 الإسرائيلية عن وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس، الذي أكد أن جهود التركيز منصبة على إعادة المحتجزين من قطاع غزة، مشددًا على أنها المهمة الأهم الأن بالنسبة لإسرائيل.
العمليات في غزة
ويعمل في غزة الآن الفرقة 162 التي تنشط عملياتها في المناطق الشمالية، بما في ذلك بيت حانون وجباليا، وتستهدف البنية التحتية كما يزعم جيش الاحتلال، بجانب الفرقة 99 بالعمل التي تنفذ عمليات في مدينة رفح الفلسطينية، بالإضافة إلى تأمين ما يطلق عليه ممر نتساريم الذي الذي تم إنشاؤه حديثًا ويقسم قطاع غزة.
وقال "الرقب": "رغم استخدام كل أجهزة التجسس الأمريكية البريطانية، وقيام قوى الناتو بممارسة عمليات مماثلة للوصول إلى المحتجزين، إلا أنهم خلال تلك المدة لم يتمكنوا من الوصول إليهم".
وما يشير إلى وجود نية لإمكانية عقد صفقة لوقف إطلاق النار، ما أكده بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي، من أنه قد يوافق على وقف إطلاق النار في القطاع غزة، ووفقًا له فإن الظروف تحسنت في ما يتعلق بصفقة محتملة لإطلاق سراح المحتجزين.
تقديم تنازلات
ولكن في الوقت ذاته، لن يكون هذا الاتفاق قابلًا للتنفيذ قبل تغيير الإدارة في واشنطن بحسب مسؤولون أمريكيون كبار تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز"، إذ أكدوا أن إسرائيل هي التي تراكم الصعوبات الآن، في حين تبدي حماس استعدادًا لتقديم تنازلات من أجل إنهاء الحرب.
ويرى الرقب، أنه رغم الضغوطات العسكرية الإسرائيلية في غزة، إلا أنه لن يتم الوصول للمحتجزين، إلا وفق مشروع سياسي، ودون ذلك يعد عبثًا بكل معاني الكلمة وإصرار لا مبرر له من قبل الاحتلال على الحصول على المحتجزين بدون اتفاق أو صيغة سياسية.
الانسحاب الإسرائيلي
وأكد مسؤولون فلسطينيون للصحيفة الأمريكية أن حركة حماس أعربت عن استعدادها لتعزيز وقف إطلاق النار مع إسرائيل، ولكن وفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن الحركة قد تتخلى عن مطالبها في ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من أجل الترويج لاتفاق مقبول.
ويرى "الرقب"، أن تعقيد الأمور حول وجود اتفاق، يرجع إلى تخلي أمريكا وإسرائيل عن تنفيذ القرار الذي بُني على اتفاق بايدن، وأكدت حماس مرارًا موافقتها عليه، لكن أمريكا وإسرائيل انسحبا قبل إقراره.
تفاصيل الهدنة
وحول الهدنة أو الصفقة المزمع الاتفاق عليها، يتوقع "الرقب" أنْ تبذل القاهرة من أجل ذلك كل جهودها، بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وتركيا، للتوصل إلى اتفاق تهدئة، ومن المنتظر أن يكون اتفاق مرحلي، يُطلق خلاله سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين، خاصة من النساء والأطفال والطاعنين في السن.
وفي مقابل ذلك، سيتم إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وسماح الاحتلال بإدخال المزيد من شاحنات الغذاء، بجانب إعطاء الغزيين حرية التنقل خلال فترة تتراوح بين 40 إلى 50 يومًا.
هدنة تبرد الحرب
وبعد ذلك، كما يقول "الرقب" لموقع القاهرة الإخبارية، إما أن تعود الأمور إلى الحرب مرة أخرى بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال، وإما أن يكون هناك وجود لإمكانية استمرار تبادل الأسرى بالمحتجزين، ثم يتبع ذلك هدنة بشكل كامل وانسحاب الاحتلال من كامل قطاع غزة.
وفي الأخير، يمكن خلال الأيام القادمة أن نشهد، على أقل تقدير، قرارًا بوقف الحرب ولو بشكل جزئي، ويعتقد الرقب أنه سيكون أقرب إلى هدنة منها إلى وقف كامل للحرب على قطاع غزة، وكما يقول السياسيين ستكون هدنة قد تبرد الحرب وتؤدي إلى وقفها بشكل كامل.