بعد دخول وقف إطلاق النار بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، حيز التنفيذ فجر اليوم الأربعاء، يبرز قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الصادر منذ 18 عامًا، كـ"خطة رئيسية لإنهاء الحرب على لبنان"، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية.
وأوضحت الشبكة الأمريكية في تقرير لها، أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يتبع ملامح قرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي أنهى الحرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، التي استمرت 34 يومًا عام 2006، لكن لم يتم تنفيذه بالكامل.
نص اتفاق وقف إطلاق النار
وينص الاتفاق الجديد على انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل من جنوب لبنان، بينما يسحب حزب الله أسلحته الثقيلة شمال نهر الليطاني، على بعد نحو 16 ميلًا (25 كم) شمال الحدود.
وخلال مرحلة انتقالية مدتها 60 يومًا، سينتشر الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية العازلة جنبًا إلى جنب مع قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الحالية. وستتم مناقشة النزاعات الحدودية طويلة الأمد بعد فترة الانسحاب البالغة 60 يومًا.
وضمن تفاصيل الصفقة أيضًا، ستتم مراقبة العملية من قبل آلية إشراف بقيادة الولايات المتحدة تعمل كحكم على الانتهاكات.
الطريق إلى القرار 1701
وشنت إسرائيل غزوًا على لبنان عام 1982، وأرسلت دبابات على طول الطريق إلى العاصمة بيروت، بعد تعرضها لهجوم من مسلحين فلسطينيين في البلاد، ثم احتلت جنوب لبنان لمدة عقدين تقريبًا حتى عام 2000، عندما طردها حزب الله.
وفي عام 2000، أنشأت الأمم المتحدة ما يُسمى بالخط الأزرق، وهو "خط انسحاب" القوات الإسرائيلية من لبنان، وهذه الحدود الآن هي بمثابة الحدود الفعلية بين البلدين، ومع ذلك، ادعى لبنان أن إسرائيل لم تكمل انسحابها من البلاد، واستمرت في احتلال مزارع شبعا، وهي قطعة أرض تبلغ مساحتها 15 ميلًا مربعًا (39 كيلومترًا مربعًا) تسيطر عليها إسرائيل منذ عام 1967.
وتدعي إسرائيل أن منطقة مزارع شبعا هي جزء من مرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا وضمتها لاحقًا، ويعتبر المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة، أن مرتفعات الجولان هي أرض سورية محتلة.
وفي عام 2006 غزت إسرائيل لبنان مرة أخرى بعد أن قتل حزب الله 3 من جنود الاحتلال واختطف اثنين آخرين، في محاولة للإجبار على إطلاق سراح لبنانيين في سجون الاحتلال، استمرت الحرب ما يزيد قليلًا على شهر، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1000 لبناني، معظمهم من المدنيين، فضلًا عن 170 إسرائيليًا، معظمهم من الجنود.
نص القرار 1701
وفي 11 أغسطس 2006، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع القرار رقم 1701، الذي دعا إلى "وقف كامل للأعمال العدائية" من جانب حزب الله وإسرائيل.
وطالب القرار الأممي حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته ضد إسرائيل، كما طالب الأخيرة بالوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية، وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.
ودعا القرار 1701 الحكومة اللبنانية إلى نشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات اليونيفيل، تزامنًا مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق "الفاصل بين لبنان وإسرائيل".
ودعا القرار كذلك إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي عتاد حربي أو مسلحين، باستثناء ما هو تابع للقوات المسلحة اللبنانية وقوات اليونيفيل.
كما دعا إلى تطبيق بنود اتفاق الطائف، والقرارين 1559 و1680 بما في ذلك تجريد كل الجماعات المسلحة اللبنانية من سلاحها وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة اللبنانية.
وتصف الأمم المتحدة الخط الأزرق بأنه "مفتاح للسلام في المنطقة". وتقول إنه أحد العناصر المركزية للقرار 1701 منذ حرب عام 2006، وتتولى قوات اليونيفيل الأممية مهمة حراسته مؤقتًا.
وتضيف "استنادًا إلى خرائط تاريخية مختلفة يعود تاريخ بعضها إلى ما يقرب من قرن من الزمان، فإن الخط الأزرق ليس حدودًا، بل هو خط انسحاب مؤقت حددته الأمم المتحدة عام 2000، لغرض عملي يتمثل في تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان".
وهناك من يعتبر أن القرار 1701، أسهم في إيجاد استقرار نسبي في لبنان على مدى يزيد على 18 عامًا، امتدت منذ نهاية الحرب الثانية بين إسرائيل ولبنان في 2006، وحتى اندلاع الحرب على غزة، 7 أكتوبر.
جهود وقف إطلاق النار
وبدأ حزب الله في إطلاق النار على مزارع شبعا التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، 8 أكتوبر 2023، فيما قال لاحقًا إنه تضامن مع فلسطينيي غزة.
وبين 8 أكتوبر 2023 ونهاية يونيو، اكتشفت القوات الدولية "اليونيفيل" 15101 مسار عبر الحدود، بينما اقتصرت معظم عمليات تبادل إطلاق النار على مسافة بضعة كيلومترات من جانبي الخط الأزرق، ووصلت عدة ضربات إلى مسافة تصل 130 كيلومترًا داخل لبنان و30 كيلومترًا داخل إسرائيل.
واستمر القصف المتبادل بين حزب الله وجيش الاحتلال، حتى سبتمبر من هذا العام، عندما كثفت إسرائيل هجومها الجوي على لبنان، وبدأت الاجتياح البري مطلع أكتوبر للبلاد.
وفي إطار جهودها لوقف إطلاق النار في لبنان، نقلت الولايات المتحدة إلى لبنان اقتراحًا يقع ضمن معايير قرار الأمم المتحدة 1701، ويهدف إلى تحقيق وقف الأعمال العدائية لمدة 60 يومًا، وفق ما نقلت "سي إن إن" عن مسؤول لبناني.
وقال المسؤول، إن المقترح الأمريكي ركز على آليات أكثر صرامة لتنفيذ القرار 1701 في جنوب البلاد، وعلى دور الجيش اللبناني في القيام بذلك، مضيفًا أنه يتعامل أيضًا مع طرق التهريب عبر الحدود الدولية للبلاد. كما يتطلب الاقتراح انسحاب القوات البرية الإسرائيلية العاملة في جنوب لبنان منذ أكتوبر.
لكن بعض المسؤولين في إسرائيل قالوا إن مجرد العودة إلى عام 1701 لا يكفي، وأصروا على أن إسرائيل يجب أن تحتفظ بالحق في ضرب أهداف حزب الله بلبنان بعد اتفاق وقف إطلاق النار حال حدوث انتهاكات.
ووافق مجلس الوزراء الإسرائيلي، مساء أمس الثلاثاء، على وقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قرار وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء.