على وقع هدير الطائرات الحربية وأصوات القذائف في جنوب لبنان، تسابق دولة الاحتلال الإسرائيلي الزمن لتنفيذ أكبر عملية عسكرية لها قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل حيز التنفيذ. في ظل هذا المشهد المحتدم، تبرز انتهاكات القرار الأممي 1701، الذي يشدد على وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق.
توسع العمليات الإسرائيلية
في تصعيد غير مسبوق، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي توسيع نطاق عملياته في عدة مناطق جنوب لبنان، وصولًا إلى نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ بدء الحرب.
وشملت العمليات منطقة "البرح" القريبة من الحدود الإسرائيلية، وأفاد المتحدث باسم الجيش، بأن هذه التحركات تهدف إلى القضاء على البنى التحتية لحزب الله ومواقع إطلاق الصواريخ في مناطق وادي السلوقي ونهر الليطاني، التي تُعد مصدرًا رئيسيًا لإطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية، وفق "يديعوت أحرونوت".
ووفقًا للمعلق الإسرائيلي رون بن يشاي، يتكرر هذا السيناريو مع اقتراب وقف إطلاق النار، ويسعى جيش الاحتلال إلى تحقيق أهداف عسكرية كبرى في وقت قصير.
في الأيام الأخيرة، ركزت العمليات على منطقة الشقيف، إذ تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلي من السيطرة على مواقع استراتيجية لحزب الله، بما في ذلك بوفورت، التي تتيح مراقبة واسعة لمناطق جنوبية وشمالية.
إدانة "اليونيفيل"
وأدانت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، أمس الاثنين، الاستهداف الإسرائيلي للقوات المسلحة اللبنانية، خلال الأسابيع الأخيرة، إذ اعتبرته انتهاكًا صارخًا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 والقانون الإنساني الدولي، وأضافت "نشعر بقلق عميق إزاء تصعيد الأعمال العدائية والدمار الواسع والخسائر في الأرواح على طول الخط الأزرق".
وفي 11 أغسطس 2006 تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يومًا بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتؤدي البعثة البالغ عدد أفرادها 11 ألفًا منهم 10 آلاف عسكري، دورًا مهمًا بتجنب التصعيد غير المقصود بين إسرائيل ولبنان، من خلال آلية الاتصال التابعة للبعثة.
وتدعم البعثة الجيش اللبناني من خلال التدريب، للمساعدة في تعزيز انتشاره بالجنوب، حتى يتمكن من تولي المهام الأمنية.
مخالفة القرار الأممي 1701
تشكل العمليات الإسرائيلية انتهاكًا صارخًا للقرار الأممي 1701، الذي صدر عام 2006 لإنهاء الحرب الثانية بين إسرائيل ولبنان، ينص القرار على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، وتجريد المناطق الجنوبية من السلاح، باستثناء قوات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الأممية.
ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى عدم التزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بالقرار، في حين يستمر حزب الله في إطلاق الصواريخ ردًا على الهجمات الإسرائيلية، تُصر الأخيرة على استهداف مواقع الحزب، متجاوزة القيود المفروضة وفق الاتفاقيات الدولية.
في المقابل، حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الأطراف المعنية على العودة إلى الالتزام الكامل بالقرار 1701، وشددت قوات اليونيفيل على أهمية استعادة الهدوء ومنع التصعيد.
القرار 1701 بين التطبيق والانتهاك
يعد القرار 1701 حجر الأساس لإرساء الاستقرار في جنوب لبنان منذ عام 2006، أُنشئ لضمان وقف الأعمال القتالية ومنع وجود قوات مسلحة غير نظامية في المنطقة الفاصلة بين نهر الليطاني والخط الأزرق.
لكن في ظل التصعيد الحالي، تواجه آليات تنفيذ القرار تحديات كبيرة، فقد أصبح الخط الأزرق، الذي يفترض أن يكون رمزًا للسلام، ساحة مواجهة بين الطرفين.
مع دخول العمليات العسكرية الإسرائيلية مرحلتها الأكثر حدة، ومع اقتراب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يبقى التساؤل حول مدى قدرة المجتمع الدولي على فرض تطبيق القرار 1701، وضمان الالتزام به من جميع الأطراف، وفي غياب الحلول السياسية المستدامة، يظل جنوب لبنان عُرضة لمزيد من التوترات والصراعات المستمرة.