في خضم صراع محتدم استمر لأكثر من عام اشتدت وطأته منذ أسابيع، عقب اغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلي لتوجيه ضربة قاضية لقدرات الحزب قبل الاتفاق المحتمل على وقف إطلاق النار بين الطرفين.
وبينما تستعد الأطراف المتحاربة لطي صفحة الصراع، تبقى التساؤلات حول حجم الضرر الذي ألحقته إسرائيل بحزب الله، ومقدار التأثير الاستراتيجي للهجمات الأخيرة. ومع بدء وقف إطلاق النار المتوقع، ستتجه الأنظار إلى تطورات ما بعد المعركة وإمكانية نشوب جولة جديدة في المستقبل القريب.
تصعيد العمليات في بيروت
وفي مشهد يعكس ملامح معارك الختام في الحروب، يبدو أن الساعات الأخيرة من القتال ليست مجرد وقت إضافي، بل هي سباق مع الزمن لتنفيذ أكبر عدد ممكن من الأهداف العسكرية ذات الأثر الاستراتيجي.
وشهدت الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، أعنف الهجمات منذ بداية الحرب، بحسب السلطات اللبنانية، وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف 20 هدفًا في 120 ثانية فقط، باستخدام موجات متتالية من الهجمات الجوية، مستهدفًا البنية التحتية العسكرية والاقتصادية لحزب الله، بما في ذلك مقار عسكرية ومستودعات ذخيرة ومراكز قيادة.
وشملت الهجمات أيضًا منشآت جمعية "القرض الحسن"، التي وصفها جيش الاحتلال بأنها ذراع مالية يستخدمها حزب الله لتمويل عملياته، وبحسب مصادر بجيش الاحتلال، نفذت ثماني طائرات حربية ضربات دقيقة على مواقع حيوية خلال ساعات النهار، ضمن حملة مكثفة لتقويض الاقتصاد العسكري لحزب الله، وفق "يديعوت أحرونوت" العبرية.
توسيع العمليات إلى نهر الليطاني
للمرة الأولى في هذا الصراع، وصلت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى منطقة نهر الليطاني، إذ ركزت الهجمات على منطقة "بارج" المحاذية لمناطق استراتيجية يديرها حزب الله.
وشهدت العمليات هناك استخدام قوات النخبة الإسرائيلية، مثل لواء جولاني ووحدات الاحتياط، التي داهمت مواقع مُعقدة وصادرت مئات الأسلحة وعشرات منصات الإطلاق، إضافة إلى الكشف عن بُنى تحتية تحت الأرض تُستخدم للتخزين والإطلاق.
هجوم على الساحل ووحدات بحرية
استهدفت الهجمات الجوية الإسرائيلية أيضًا وحدات حزب الله الساحلية والبحرية في ضواحي بيروت، إذ تم تدمير مواقع إنتاج ومخازن تستخدم منذ سنوات لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل، وفقًا لجيش الاحتلال.
وأشار المسؤولون العسكريون بدولة الاحتلال إلى أن العمليات في الأيام الأخيرة استهدفت ما يزيد على 280 هدفًا في هذه المناطق، وهو ما يعادل ضعف الأهداف التي هوجمت خلال حرب لبنان الثانية عام 2006.
رفع أعلام إسرائيلية على مواقع لبنانية
أفاد جيش الاحتلال بسيطرته على مواقع تابعة للجيش اللبناني في مناطق حدودية، إذ تم رفع الأعلام الإسرائيلية على هذه المواقع، في خطوة رمزية تشير إلى الهيمنة العسكرية في عمق الأراضي اللبنانية.
في وادي السلوقي، الذي يمثل منطقة انطلاق صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، نفذت القوات الإسرائيلية هجمات غير مسبوقة باستخدام وحدات المشاة والمخابرات.
وأسفرت العمليات عن تدمير منصات إطلاق صواريخ ومخازن أسلحة، إلى جانب السيطرة على مواقع تكتيكية كانت تُشكل تهديدًا مباشرًا على مستوطنات الشمال الإسرائيلي.
انعكاسات سياسية
وتزامن التصعيد العسكري مع تقدم المفاوضات السياسية بشأن وقف إطلاق النار، إذ اجتمع مجلس الوزراء لدولة الاحتلال الإسرائيلي، للمصادقة على الاتفاق النهائي.
ورغم قرب التوصل إلى هدنة، أكدت قيادة الاحتلال العسكرية استعدادها لمواصلة العمليات حتى اللحظة الأخيرة، معتبرة أن أي اتفاق سياسي لن يكون عائقًا أمام إكمال الأهداف الاستراتيجية.