في مفاجأة سياسية مدوية، يستعد المشهد السياسي في رومانيا لتطورات دراماتيكية، مع تأهل السياسي اليميني المتطرف كالين جورجيسكو إلى جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية.
وبينما يشهد البلد الأوروبي تغيرًا في المزاج الانتخابي، تثير هذه التطورات مخاوف بشأن تأثيرها على توجهات رومانيا السياسية وعلاقاتها مع الغرب، خاصة مع تصاعد الخطاب المناهض لحلف شمال الأطلسي داخل الساحة الانتخابية.
نتائج مفاجئة
بعد فرز 99.9% من الأصوات في الجولة الأولى، حصد كالين جورجيسكو، المرشح المستقل والمنتقد لحلف شمال الأطلسي، 22.95% من الأصوات، ليحل في المرتبة الأولى.
وجاءت إيلينا لاسكوني، زعيمة حزب "أنقذوا رومانيا" المعارض، في المركز الثاني بنسبة 19.2%. هذه النتيجة جاءت مخالفة للتوقعات التي رجحت فوز رئيس الوزراء الاشتراكي الديمقراطي مارسيل سيولاكو.
تداعيات اقتصادية وسياسية
أدت هذه النتائج، وفق "سي إن إن" إلى تراجع سندات اليورو السيادية لرومانيا، مما يعكس مخاوف المستثمرين من مستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية للبلاد. ويرى محللون أن هذه النتيجة قد تمهد الطريق أمام تحول سياسي جذري يعيد تشكيل السياسة الداخلية والخارجية لرومانيا.
يركز جورجيسكو، الذي أدار حملته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على قضايا الفقر وتجاهل الطبقات المهمشة، مؤكدًا أن تصويت مؤيديه يمثل "صلاة من أجل الأمة". ورغم ذلك، أثارت مواقفه المؤيدة لروسيا والمشككة في التزام حلف شمال الأطلسي بالدفاع عن أعضائه جدلًا واسعًا.
وجورجيسكو هو عضو سابق في حزب "تحالف توحيد الرومانيين" اليميني المتطرف، المعروف بتأييده لشخصيات مثيرة للجدل من حقبة الحرب العالمية الثانية. كما وصف درع الدفاع الصاروخي للناتو في رومانيا بأنه "عار على الدبلوماسية"، مما زاد من حدة الانتقادات لمواقفه الدولية.
العلاقة بالغرب
ومع وجود حدود مشتركة بين رومانيا وأوكرانيا بطول 650 كيلومترًا، تلعب رومانيا دورًا حيويًا في دعم كييف ضد روسيا. وساهمت بالفعل في تسهيل تصدير الحبوب الأوكرانية وتقديم مساعدات عسكرية. غير أن فوز جورجيسكو المحتمل يثير تساؤلات حول مستقبل هذه المساعدات واستمرار الانخراط الروماني مع الاتحاد الأوروبي والناتو.
ولم يصدر الكرملين تصريحات مباشرة بشأن جورجيسكو، لكنه أشار إلى أن القيادة الرومانية الحالية ليست صديقة لروسيا، أما القوى الغربية، فتراقب الانتخابات بحذر، وسط مخاوف من تداعيات فوز مرشح يميني متطرف على استقرار المنطقة.
فرصة للمعارضة
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في ديسمبر، يرى محللون أن نجاح جورجيسكو قد يمنح دفعة كبيرة للجماعات اليمينية المتطرفة. ومع ذلك، قد تشكل الأحزاب المؤيدة للغرب قوة موازنة، خاصة في ظل دور البرلمان الحيوي في التصدي لأي سياسات رئاسية مثيرة للجدل.
يمثل الرئيس في رومانيا رمزًا للدولة وقائدًا للقوات المسلحة، بالإضافة إلى دوره في تمثيل البلاد في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. كما يتمتع بصلاحيات تعيين رئيس الوزراء وكبار المسؤولين الأمنيين والقضائيين. هذه الصلاحيات تجعل الرئاسة موقعًا حيويًا، خاصة في ظل التحديات الأمنية والسياسية الحالية.
مستقبل رومانيا
بينما تستعد رومانيا لجولة الإعادة الرئاسية، يبقى المشهد السياسي مفتوحًا على احتمالات متعددة. نجاح جورجيسكو قد يمثل بداية حقبة جديدة من التغيرات الجذرية في سياسات البلاد الداخلية والخارجية، وسط مخاوف من تأثيرها على استقرار رومانيا وعلاقاتها مع المجتمع الدولي.