بعد أكثر من عام من التوترات العسكرية والمناوشات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، تبدو ملامح تسوية تلوح في الأفق، تحمل معها أبعادًا معقدة وتفاصيل دقيقة.
وتأتي هذه التطورات في سياق دولي وإقليمي متشابك، حيث تسعى القوى الكبرى لتأمين استقرار نسبي على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، ويبدو أن الضوء الأخضر الإسرائيلي لإنهاء القتال يفتح الباب أمام تسوية مدروسة، ترافقها ضمانات وآليات إنفاذ غير مسبوقة
انسحاب مشروط
يتضمن الاتفاق المرتقب انسحابًا تدريجيًا لقوات الاحتلال الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يومًا، هذا الانسحاب يعتبر اختبارًا مبدئيًا لجدوى الاتفاقية. وخلال هذه الفترة، سيعيد جيش الاحتلال تنظيم قواته على الخط الثاني داخل الأراضي اللبنانية، مع العمل على إضعاف وجوده تدريجيًا.
ووفق "يديعوت أحرنوت" العبرية، ففي غضون هذه الفترة، يُفترض أن تنسحب قوات حزب الله شمال نهر الليطاني، بينما تبدأ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لحل الخلافات الحدودية، دون فرض تنازلات إسرائيلية مسبقة، والاتفاق على عدم إعادة قوات حزب الله الأسرى إلى لبنان كجزء من هذه التفاهمات.
دور الجيش اللبناني و"اليونيفيل"
وعند اكتمال الانسحاب الإسرائيلي، سيقوم الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" التابعة للأمم المتحدة بملء الفراغ الأمني جنوب الليطاني. وستتولى هذه الجهات إزالة البنية التحتية لحزب الله ومنع إعادة ترسيخه في المنطقة.
وسيُوكل للجيش اللبناني وحكومة بيروت مسؤولية ضبط الأسلحة داخل الأراضي اللبنانية، بالتنسيق مع الدعم الدولي، لاسيما من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ويهدف هذا الدعم إلى تعزيز قدرة الجيش اللبناني على أداء دوره الأمني.
وسيتم تشكيل لجنة دولية برئاسة الولايات المتحدة، بمشاركة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لضمان تنفيذ الاتفاق ورصد الخروقات. ومع أن إسرائيل أبدت تحفظًا على مشاركة فرنسا، يبدو أن التوافق الدولي يميل لصالح ضرورة دورها لضمان تنفيذ التسوية.
وتتضمن الاتفاقية وثيقة جانبية أمريكية تمنح إسرائيل حرية التحرك الفوري لمواجهة تهديدات، مثل إطلاق الصواريخ أو تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى لبنان، مع إلزامها بإبلاغ اللجنة الدولية في حالات التهديدات غير العاجلة.
قرار مجلس الأمن 1701
تشدد مصادر إسرائيلية على أن الاتفاق الجديد يختلف جذريًا عن قرار مجلس الأمن 1701، الذي اعتمد في 2006. فهذه المرة، تقود الولايات المتحدة آلية إنفاذ دولية لتعزيز الالتزام بالتسوية، مع اعتراف دولي واسع بحق جيش الاحتلال في اتخاذ إجراءات أمنية استباقية.
وفي المقابل، يواجه الاتفاق انتقادات من سكان الشمال الإسرائيلي وبعض المسؤولين المحليين، الذين يخشون أن تكون هذه الترتيبات غير كافية لضمان أمنهم.
وبينما تُبرز الاتفاقية الجديدة آمالًا بتهدئة طويلة الأمد على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، تظل هناك أسئلة معلّقة حول قدرتها على الصمود أمام التحديات الأمنية والسياسية المتشابكة. ومع دخول المجتمع الدولي على خط التنفيذ، يبقى النجاح مرهونًا بمدى الالتزام والتنفيذ المتوازن من جميع الأطراف.