على خلفية محادثات التسوية بين إسرائيل ولبنان، يشعر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالخطر من صاروخ "ألماس" المضاد للدبابات، الذي طوّرته إيران من خلال الهندسة العكسية لصاروخ إسرائيلي متقدم مضاد للطائرات، كان مقاتلو حزب الله قد استولوا عليه في حرب لبنان الثانية.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم السبت، تقريرًا يشير إلى أن حزب الله بدأ إنتاج الصاروخ المضاد للدبابات -الذي تم تطويره على أساس صاروخ "سبايك" الذي تصنّعه شركة "رافال" الإسرائيلية- بشكل مستقل في لبنان، من أجل تقليل اعتماده على سلسلة التوريد من إيران.
ووفقًا للتقرير، أصبحت الهندسة العكسية ممكنة "بفضل حقيقة أن نظام كامل لهذا الصاروخ -قاذفة وعدة صواريخ- تُرِكَ في الميدان خلال الحرب في صيف عام 2006".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين إنه "منذ اكتشاف الخلل أثناء فحص سلامة المعدات التي تم نشرها في لبنان وإعادتها أو تدميرها، كان من الواضح لإسرائيل أن هناك خطرًا كبيرًا أن هذا السلاح سيتم نقله إلى إيران، وتفكيكه، وتعديله بشكل عكسي".
وقال محمد الباشا، الخبير العسكري في شؤون الشرق الأوسط للصحيفة إن الاستخدام المتزايد للأسلحة الإيرانية ذات الهندسة العكسية "يشير إلى تغيير جوهري في ديناميكيات القوة الإقليمية".
ووفقًا له "ما كان في السابق توزيعًا تدريجيًا للصواريخ النموذجية القديمة، أصبح انتشارًا سريعًا للتكنولوجيا المبتكرة في جميع أنحاء ساحات القتال النشطة".
تطوير عكسي
ليست المرة الأولى التي تعكس فيها إيران تكنولوجيا أعدائها، فقد سبق أن طورت أسلحة من خلال الهندسة العكسية للصواريخ والطائرات بدون طيار الأمريكية.
وبحسب مصادر استخباراتية إسرائيلية، فقد استخدم حزب الله الصواريخ المتقدمة المضادة للدبابات "بطريقة محدودة إلى حد ما". لكن، كان أول استخدام علني للصاروخ في يناير الماضي، عندما نشر فيديو دعائي لهجوم على قاعدة بحرية في روش هانكارا.
منذ ذلك الحين، أصدر حزب الله عدة مقاطع فيديو أخرى، يظهر فيها مقاتلوه يطلقون الصواريخ على مواقع إسرائيلية بالقرب من الحدود "وفي أحدها، يبدو أنهم نسوا النقش الموجود على منصة الإطلاق، ويمكن ملاحظة أنه تم إنتاجه في عام 2023".
ونقلت الصحيفة تقديرات إسرائيلية أن الصواريخ المنتجة في إيران "تم نقلها على الفور إلى حزب الله عبر طرق التهريب من العراق وسوريا".
لكن الآن، وفقًا لمسؤولي الأمن الإسرائيليين الذين تحدثوا مع "نيويورك تايمز"، بدأ حزب الله في إنتاج "ألماس" في لبنان بهدف تقليل الاعتماد على الشحنات القادمة من إيران، كما تواصل إيران إنتاجه لجيشها.
ونقل التقرير عن مركز "ألما" -المتخصص في التحديات الأمنية على الحدود الشمالية لإسرائيل- مخاوف من توزيع الصاروخ على حلفاء إيران في الشرق الأوسط.
ووفق تحليل للمعهد في أبريل الماضي "من المحتمل جدًا أن يتم نشر هذه الأسلحة، النماذج الحالية والمستقبلية من "ألماس"، في جميع أنحاء الجبهات التي يعمل فيها وكلاء إيران، وأن هذه الصواريخ ستهدد مجموعة متنوعة من الأهداف عالية الجودة (وليس فقط الأهداف الإسرائيلية) وعلى نطاقات متزايدة".
قنبلة جوية
وفقًا لما ورد في تقرير "نيويورك تايمز" يشكل الصاروخ "تحديًا كبيرًا للقوات الإسرائيلية في القتال ضد حزب الله".
وذكر مسؤولون أمنيون إسرائيليون أنه تم الاستيلاء على صواريخ مضادة للدبابات من هذا الطراز إلى جانب العديد من الأسلحة الأخرى التي عثرت عليها قوات الجيش الإسرائيلي أثناء المناورة البرية في جنوب لبنان.
وبحسب التقرير "كانت الصواريخ من بين الأسلحة الأكثر تطورًا التي تم ضبطها في المناورة، إلى جانب مخزون أكبر من الأسلحة التي كانت -في الغالب- أقل جودة، بما في ذلك صواريخ كورنيت الروسية".
ومثل "سبايك" الذي تم تطويره، وغيره من الصواريخ المتقدمة المضادة للدبابات في العالم مثل "جافلين" الأمريكي، يعد "ألماس" صاروخًا متطورًا مضادًا للدبابات يتمتع بقدرة التوجيه الذاتي، أو كما يُقال "يُقفل على هدفه".
وبحسب التقرير، يصل مداه إلى 16 كيلومترًا، ويشير مركز "ألما" الإسرائيلي إلى أن المشغل "غير مطالب بإجراء اتصال مباشر بالعين مع الهدف عند إطلاقه. سواء من الأرض، أو باستخدام الطائرات بدون طيار".
أيضًا، يذكر مركز الأبحاث أن الصاروخ "ذو مسار باليستي يسمح له بضرب الهدف مباشرة من الأعلى وليس من الجانب. وبالتالي، فهو قادر على ضرب الدبابات في نقطة تكون فيها دروعها أكثر عرضة للخطر".
وبحسب مركز الأبحاث الإسرائيلي، فإن هناك ثلاثة نماذج على الأقل من "ألماس"، كل منها عبارة عن ترقية لنموذج سابق. وفي يونيو الماضي، أفاد باحثو "ألما" أن حزب الله بدأ -على ما يبدو- في استخدام نموذج رابع أكثر ابتكارًا، وأن من بين الابتكارات التي أدخلت فيه القدرة على إرسال صور واضحة أثناء مسار الرحلة إلى المشغلين.
ووفقًا لمنظمة بحثية أخرى هي CAT-UXO، يمكن لـ"ألماس" أن يحمل رأسين حربيين مختلفين. أحدهما قادر على الانفجار على مرحلتين، وبالتالي اختراق الدروع بشكل أكثر فعالية؛ والآخر عبارة عن قنبلة وقود جوية، التي تشكل كرة نارية عند تفعيلها.