في خضمّ الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة، تتزايد المخاوف الدولية من تهديدات غير مسبوقة تطال أمن الطاقة النووية في أوروبا، فالهجمات الروسية الأخيرة على شبكة الكهرباء الأوكرانية، باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيّرة، وضعت ثلاث محطات نووية رئيسية في خطر، ما أثار دعوات عاجلة للتدخل الدولي وتكثيف الرقابة لتجنب كارثة نووية قد تعيد إلى الأذهان فوكوشيما وتشيرنوبيل.
كهرباء أوكرانيا تحت القصف
أفادت مذكرة إحاطة أعدتها منظمة السلام الأخضر، ونشرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية، بأن الهجمات الروسية على شبكة الكهرباء الأوكرانية الأحد الماضي "زادت من خطر الفشل الكارثي"، ما يهدد بتوقف عمل المفاعلات النووية في البلاد.
كانت الهجمات قد استهدفت محطات كهرباء فرعية حيوية ترتبط مباشرة بتشغيل محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية في أوكرانيا، وهي محطات ريفني وخميلنيتسكي في الغرب، ومحطة جنوب أوكرانيا.
وقال شون بيرني، الخبير النووي في منظمة السلام الأخضر، وفق صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية: "إن هذه الضربات تشكّل استخدامًا متعمدًا للتهديد النووي كسلاح في الصراع"، محذرًا من أن "روسيا تخاطر بوقوع كارثة نووية تتجاوز في خطورتها فوكوشيما وتشيرنوبيل".
دعوات للتدخل الدولي
دعت منظمة السلام الأخضر روسيا إلى وقف فوري لهجماتها على شبكة الطاقة الأوكرانية، كما طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنشر مراقبين دائمين في المحطات الفرعية المرتبطة بالمفاعلات النووية.
وأكدت الحكومة الأوكرانية دقة التحليل الفني لمنظمة السلام الأخضر، وأشارت إلى أن هذه الهجمات تضع المحطات النووية أمام تحديات غير مسبوقة، وقالت شركة "أوكرينيرجو"، المزود الرئيسي للطاقة الكهربائية في أوكرانيا، إنها اضطرت إلى تطبيق تقنين وطني واسع النطاق في الكهرباء لمواجهة الأضرار التي لحقت بالشبكة.
أضرار واسعة النطاق
شملت الهجمات الروسية أكثر من 210 صواريخ وطائرات بدون طيار، استهدفت منشآت توليد ونقل الكهرباء في جميع أنحاء أوكرانيا.
وسُمع دوي انفجارات في عدة مدن رئيسية، منها كييف، أوديسا، وميكولايف جنوبًا، وكريفي ريه وبافلوهراد وفينيتسا وسط البلاد، إضافة إلى ريفني وإيفانو فرانكيفسك غربًا، وامتدت تأثيرات الهجمات إلى المناطق الحدودية مع مولدوفا، حيث تتصل شبكة الكهرباء الأوكرانية بشبكة أوروبا.
مفاعلات نووية تواجه الخطر
تشير التقديرات إلى أن المواقع الثلاثة للمفاعلات النووية تمثل نحو ثلثي إنتاج الكهرباء في أوكرانيا، ما يجعلها شريان حياة البلاد في ظل تدمير معظم محطات الطاقة العاملة بالفحم والنفط، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالمرافق الكهرومائية.
في حالة فقدان الإمدادات الرئيسية، تعتمد المفاعلات النووية على مولدات ديزل وبطاريات احتياطية توفر طاقة أساسية لفترة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام، إلا أن استمرار انقطاع الطاقة أو تعذّر صيانة هذه المصادر قد يؤدي إلى نتائج كارثية، وفقًا لتحذيرات منظمة السلام الأخضر.
كارثة نووية محتملة
مع تصاعد الهجمات الروسية واستمرار الضغط على شبكة الكهرباء الأوكرانية، تبدو احتمالية وقوع كارثة نووية أقرب من أي وقت مضى. ويحذّر الخبراء من أن استهداف البنية التحتية للطاقة لا يهدد فقط أمن أوكرانيا، بل يضع أوروبا والعالم بأسره أمام أزمة غير مسبوقة.
ووسط هذه المخاطر المتزايدة، بات تدخل المجتمع الدولي ضروريًا لضمان حماية المفاعلات النووية الأوكرانية، ومنع تحول الأزمة إلى كارثة عالمية قد تمتد آثارها لأجيال.