أصبح المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على المحك، إذ من المتوقع أن تصدر ما تسمى المحكمة المركزية في القدس المحتلة قريبًا، حكمها في قضايا الاحتيال والفساد المتورط فيها، بعد أن رفضت طلبًا تقدم به، الأربعاء الماضي، بتأجيل إدلائه بشهادته.
وتستمر محاكمة نتنياهو، بالفساد منذ أكثر من 4 سنوات، وتم تعليق جلسات المحاكمة في 7 أكتوبر 2023 لمدة شهرين، عقب عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها الفصائل الفلسطينية، قبل أن تعاود المحكمة استئناف الجلسات في ديسمبر 2023.
وجاء في تقرير لصحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أنَّ هناك احتمالًا بأن يتضمن الحكم إدانة لنتنياهو في تهم الفساد والاحتيال الموجهة ضده.
ويواجه رئيس حكومة الاحتلال اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في قضية، واتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة في قضيتين أخريين، وينفي مكتبه ارتكابه أي مخالفات.
وتتعلق التهم الجنائية بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، منها اتهامات تقديم مزايا تنظيمية لشركة بيزك للاتصالات مقابل تغطية إيجابية عنه وعن زوجته سارة على موقع إخباري يديره الرئيس السابق للشركة، وكذلك قبول هدايا فاخرة تبلغ قيمتها نحو 700 ألف شيكل "مجوهرات وسيجار وخمور" من أصدقاء أثرياء، بجانب اتهامه بممارسة ضغوط من أجل تمديد قانون كان من شأنه أن يوفر على منتج هوليوود الإسرائيلي أرنون ميلشان الملايين من الضرائب.
ودائمًا ما أنكر نتنياهو جميع التهم المنسوبة إليه، مُصِرًّا على أنَّ القضية ما هي إلا "مطاردة سياسية"، إلا أن النيابة الإسرائيلية ترى أنها مسنودة بأدلة قاطعة، تثبت تورطه في قضايا فساد وابتزاز وإساءة استخدام السلطة.
ووفقًا لتقرير "هاآرتس" أن قضاة المحكمة المركزية الثلاثة يدركون أن الحرب ليست ذريعة تجعله يتجنب الإدلاء بشهادته، ولذلك لم يمنحوه امتيازًا خاصًا يُعطَى للشخصيات المشهورة، الذي طلبه وهو إرجاء محاكمته لمدة شهرين ونصف الشهر.
ويبدو أن القضاة لم يتأثروا بالحجج "المتعالية" التي قدمها محامي نتنياهو، الذي سأل المحكمة ما إذا كانت لا تريد أن يتفرغ رئيس الوزراء تمامًا للحرب. بل قال من غير أن يرف له جفن، حسب تعبير الصحيفة، إن موكله يُعلي مصالح الدولة على مصلحته الشخصية.
ووفقا للتقرير، كان من الواضح قبل أشهر لكل من يعرف نتنياهو، أنه سيحاول الإبقاء على حالة الطوارئ على الأقل حتى الثاني من ديسمبر المقبل، لكي يختط لنفسه طريقًا للهروب. ولكن قضاة المحكمة لم يبتلعوا الطُعم.
وانتقد التقرير المحكمة العليا في إسرائيل لسماحها قبل 4 سنوات، لنتنياهو بأن يصبح رئيسًا للوزراء، رغم أنه مدرج تحت لائحة اتهام جنائية.
ووصفت الصحيفة طلب نتنياهو تأجيل الإدلاء بشهادته، بأنه بمثابة دلالة أخرى على عالم الأوهام والخداع الذي ابتدعه منذ قرار المحكمة العليا آنذاك.
ولفتت الصحيفة إلى أنه لم يسبق لشخص في سدة الحكم، أن استغل الصلاحيات الهائلة التي يتمتع بها لعرقلة محاكمة جنائية ضده وإخراجها من مسارها، مثلما فعل نتنياهو في محاكمته.
وبلهجة ساخرة، يرى التقرير أن نتنياهو ربما يملك في جعبته بعض الأوراق الرابحة مثل احتمال تعرض مقر المحكمة لتهديد بطائرة مسيرة، ما سيجبرها على تحديد مكان أكثر أمنًا فيه الإدلاء بشهادته، أو أن يشتد أوزار الحرب ليطلب بعدها مرة أخرى التأجيل.
وقال التقرير إن المدعية العامة في إسرائيل، جالي بهاراف-ميارا، التي رفضت الموافقة على التأجيل، على قناعة بأن نتنياهو لن يحضر جلسات المحكمة، وأنه سيفعل كل ما بوسعه للتهرب من مثل هذا الموقف.
وإذا أقدم على ذلك، فإنه سيزيد من احتمالات إدانته، "لأن القانون ينص على أن امتناع المتهم عن الإدلاء بشهادته يعزز من فرص حجج الادعاء"، بحسب "هاآرتس".
وطبقا للتحليل، فلو كان نتنياهو "يكترث بمصلحة بلده أكثر من اهتمامه بنفسه"، لطلب من محاميه التفاوض مباشرة مع المستشار القضائي للحكومة حول صفقة يقر فيها بالذنب في بعض التهم، واعتزال الحياة السياسية.