من فات قديمه تاه.. بهذا المثل المصري بدأ عدد كبير من الفنانين المصريين مهمة البحث عن تاريخهم الفني الممتد لسنوات طويلة، إذ لا يتوقف هذا التاريخ على الأعمال الفنية التي جسدوها من أفلام ومسلسلات تلفزيونية ومسرحيات، لكن هناك جانبًا لا يقل أهمية يتمثل في الأرشيف الفني الذي يلعب دورًا بارزًا في تسجيل المراحل الفنية المختلفة لأي فنان.
فعلى جدران المعابد سجّل قدماء المصريين تاريخهم وعلومهم ومعارفهم لينشروها للبشرية، وانطلاقًا من هذا الأساس انتشرت فكرة الأرشفة الديجيتال للفنانين، التي يمكن من خلالها نقل المعرفة والمعلومات التي قد تكون غائبة عن الأجيال الجديدة، لذا عمل الفنانون على جمع كل ما كُتب عنهم من مقالات نقدية وحوارات ومقابلات تليفزيونية واحتفالات بجوائز وتكريمات لتكون تحت مظلة واحد تمكّن الأجيال الجديدة من سهولة البحث والاطلاع على أرشيف كل فنان وطريقة تفكيره ومشواره.. كانت هذه محور الندوة التي أقيمت اليوم على هامش فعاليات النسخة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي تحت عنوان "استعادة وأرشفة إرث الفنانين" حضرها النجوم محمود حميدة، وبشرى، إضافة إلى خالد حميدة صاحب فكرة جمع أرشيف الفنانين.
خبرات يجب الاستفادة بها
يؤكد الفنان المصري محمود حميدة أن لكل فنان مشوارًا فنيًا طويلًا قدّم من خلاله العديد من المحطات السينمائية والتلفزيونية المهمة، وبالتالي من حقه الحفاظ عليه من الإندثار.
أضاف خلال الندوة: "لدى نجوم الزمن الجميل ذكريات عديدة سواء من خلال أفلامهم أو مسلسلاتهم لم يتم أرشفتها بالشكل الصحيح، واختفت دون أن يعلم أحد عنها شيئًا، لذلك أرى أننا اليوم أمام فرصة ومن حق صنّاع السينما والنجوم بشكل عام استغلالها".
يشير "حميدة" إلى أنه لم يتم الاستفادة من نجوم وصنّاع السينما الذين توفوا قبل تدوين مذكراتهم أو خبرتهم في كتاب أو أرشيف، متسائلًا: "لماذا لا نحافظ على تراثنا لكي يتعلم منه الأجيال؟.. فحتى الآن لا نملك أرشيفًا سينمائيًا (سينما تك) رغم أننا من أكثر الصناعات المؤثرة، حتى مبنى الإذاعة والتلفزيون لا يملك أرشيفًا، وهذه أزمة كبيرة لأن الأرشيف لأي محطة أو قناة تلفزيونية هو رأس مالها، وبدونه لا يوجد رأس مال".
كما طرح "حميدة" سؤالًا آخر هو.. كيف لم يخطر على بال القائمين على الأعمال أرشفتها؟.. مضيفًا: "من هنا جاءت فكرة خالد حميدة التي كانت بسيطة في بداية الأمر بأنه كان يريد أرشفة تاريخي الفني باعتباري والده، ثم بدأ يتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك وهو.. لماذا لا يتم تقديم أرشيف لعدد كبير من الفنانين، وصنّاع السينما؟.. وأن يكون هذا متوفرًا بسهولة دون مجهود مُضني في البحث عن معلومة".
وأكد النجم المصري أنه فشل في محاولة أرشفة تاريخه الفني، إذ إن هناك العديد من الأصول في أعماله الفنية من حقه الاحتفاظ بها، وليس في السينما فقط، فهناك أعمال قدمها منذ بداية مشواره الفني وعندما كان طالبًا ومن حقه الاحتفاظ بها ومشاهدتها لتتبع مراحل حياته الفنية.
خدمة مجانية
من جانبه قال خالد حميدة، صاحب فكرة مشروع استعادة وأرشفة إرث الفنانين: "عندما جاءت لي الفكرة في بداية الأمر كانت محدودة، وحاولت تطويرها مع الزمن حتى اكتملت في عقلي، لأن صناعة السينما المصرية مهمة ومؤثرة ولدينا العديد من النجوم والمؤلفين والمخرجين وغيرهم ممن أثروا في هذه الصناعة وبالتالي من أبسط حقوقهم علينا هو الاحتفاظ بتاريخهم".
أضاف: "على الرغم من موافقة عدد كبير من الفنانين على هذه الفكرة، لكن هناك مَن رفض سواء هم أو عائلتهم، ولم يقتنعوا بالفكرة في بداية الأمر إلى أن نجحت في إقناعهم، وآخرون لم يستوعبوا الفكرة اعتقادًا منهم أننا سنطلب منهم أموالًا نظير ذلك وهذا خطأ، فنحن فقط نريد الحفاظ على تراثنا سواء السينمائي، أو المسرحي، أو التلفزيوني".
أرشيف مفقود
من جانبها شدّدت الفنانة بشرى، على أهمية الفن المصري، وضرورة مشاركة العديد من النجوم والصنّاع المؤثرين ممن يتمتعون بمشوار فني كبير وثري وبالتالي لا بد من الحفاظ عليه من الإندثار.
وأضافت: "لا بد من رفع الوعي حتى يعرف الفنان كيف يتم أرشفة تاريخه الفني، فأنا من النجوم الذين تحمسوا لهذه الفكرة لأنها مهمة للغاية، خصوصًا أنني لدي العديد من المسرحيات القديمة التي قدمتها في بداية مشواري الفني وكنت أرغب في الاحتفاظ بها وهناك محطات أخرى قدمتها لم أعثر عليها".