كشفت مصادر مطلعة لصحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يستعد لتعيين السيناتور ماركو روبيو، وزيرًا للخارجية في إدارته المقبلة، إذ يأتي هذا التسريب بعد أيام من فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، ليضع بذلك حجر الأساس الأول في تشكيل فريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي.
وأكدت المصادر أن القرار - رغم إمكانية تغييره في اللحظات الأخيرة - يعكس رغبة ترامب في الجمع بين الخبرة السياسية والتوافق الأيديولوجي في اختياراته للمناصب الرئيسية.
صعود نجم السياسة الخارجية
يمثل اختيار روبيو "53 عامًا" تحولًا لافتًا في مسيرته السياسية، التي بدأت مع حركة حزب الشاي المحافظة عام 2010، وعلى مدار العقد الماضي، برز روبيو كصوت مؤثر في السياسة الخارجية الأمريكية من خلال عضويته في لجنتي العلاقات الخارجية والاستخبارات بمجلس الشيوخ.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية قوله، إن تعيين روبيو أثار تنهيدة ارتياح صغيرة في أروقة الوزارة، خاصة بعد المخاوف من احتمال تعيين ريك جرينيل، السفير الأمريكي السابق لدى ألمانيا، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه المؤسسة الدبلوماسية.
وفي مسيرته التشريعية، تميز روبيو بمواقفه الحازمة تجاه القضايا الدولية الرئيسية، إذ قاد جهودًا مُكثفة لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد.
وفي عام 2020، نجح في تمرير تشريع تاريخي يمنع استيراد البضائع الصينية المصنعة باستخدام العمالة القسرية من منطقة شينجيانج، في خطوة عكست موقفه المبدئي تجاه قضايا حقوق الإنسان.
وترأس اللجنة التنفيذية المشتركة للكونجرس المعنية بالصين، التي لعبت دورًا محوريًا في صياغة السياسات الأمريكية تجاه بكين.
رؤية جديدة للعلاقات الدولية
تشير المواقف السابقة لروبيو إلى احتمال تبني نهج أكثر حزمًا في العلاقات مع عدة دول وملفات رئيسية، ففي الشرق الأوسط يُنظر إلى روبيو على أنه من أشد المؤيدين لإسرائيل في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وبرز موقفه بشكل خاص خلال الحرب في غزة، إذ أظهر دعمًا غير مشروط للعمليات العسكرية الإسرائيلية، ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن روبيو تصريحات حاسمة، حمّل فيها حركة حماس "المسؤولية 100%" عن الخسائر في صفوف الفلسطينيين.
وفيما يتعلق بإيران، يُعرف روبيو بموقفه المتشدد، إذ كان من أبرز المعارضين للاتفاق النووي الإيراني وداعمًا قويًا لسياسة "الضغط الأقصى" التي تبناها ترامب في ولايته الأولى.
ومن المتوقع أن يدفع روبيو نحو تشديد العقوبات على طهران وتعزيز التحالفات الإقليمية لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
في أمريكا اللاتينية، إذ تتقاطع خلفيته الكوبية مع السياسة، لعب روبيو دورًا محوريًا في تشكيل سياسة ترامب الأولى تجاه فنزويلا، ونقلت نيويورك تايمز تصريحه الشهير عام 2019 عن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، قائلًا: "اختار معركة لا يمكنه الفوز بها، إنها مسألة وقت فقط، الشيء الوحيد الذي لا نعرفه هو كم سيستغرق الأمر، وما إذا كان سيكون سلميًا أم دمويًا".
أما في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فبدأ روبيو مؤخرًا في تبني موقفًا أقرب إلى رؤية ترامب، مشيرًا إلى ضرورة إيجاد تسوية للصراع، مع احتمال بقاء أوكرانيا خارج حلف الناتو، ويعكس هذا التحول في موقفه تطورًا ملحوظًا في نظرته للصراعات الدولية وكيفية إدارتها.
تحديات مستقبلية
يواجه روبيو تحديًا كبيرًا في الموازنة بين مواقفه التاريخية المؤيدة للتدخل الأمريكي في الخارج وبين سياسة "أمريكا أولًا" التي يتبناها ترامب.
وأظهر مرونة في هذا الصدد، إذ صوّت أبريل الماضي، ضد حزمة المساعدات الإضافية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، معللًا ذلك بأن عدم معالجة أزمة الحدود الجنوبية يشكل "ابتزازًا تشريعيًا"، وفقًا لما نقلته نيويورك تايمز.
على الصعيد المحلي، سيؤدي تعيين روبيو إلى تغييرات سياسية مهمة في ولاية فلوريدا، ووفقًا للقانون، وسيعين حاكم الولاية رون ديسانتيس بديلًا مؤقتًا لشغل مقعد روبيو في مجلس الشيوخ حتى موعد الانتخابات العامة المقبلة.
مصالحة سياسية
يمثل اختيار روبيو ذروة عملية مصالحة سياسية مع ترامب بدأت بعد انتخابات 2016، فبعد منافسة حادة شهدت إطلاق ترامب عليه لقب "ماركو الصغير"، تحول روبيو إلى حليف مخلص للرئيس السابق، وأسهم في إعداده لمناظرته الأولى مع بايدن، عام 2020.
وعزز هذا التحول موقعه داخل الحزب الجمهوري، إذ نجح في الجمع بين ولائه لترامب والحفاظ على مصداقيته كخبير في السياسة الخارجية.