مع تجدد المساعي الأمريكية الرامية إلى وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، بطلب من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، يبرز دور رجل الأعمال اللبناني الأمريكي مسعد بولس، والد زوج تيفاني ابنة ترامب، في تحقيق السلام المنتظر ببيروت.
وكشف "بولس"، في مقابلة أُجريت معه مؤخرًا، قبل أيام من انتخابات الرئاسة الأمريكية، أنّه سيتولى منصب الرجل الأمريكي المسؤول عن أبرز الملفات البنانية في إدارة ترامب المقبلة، مُكَلَّفًا بالتفاوض مع بيروت لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله".
وقال "بولس" لقناة محلية لبنانية: "سأكون مسؤولًا عن التفاوض مع الجانب اللبناني من أجل التوصل إلى اتفاق، وسيعيّن ترمب شخصًا مطلعًا على الملف الإسرائيلي للتفاوض مع الإسرائيليين"، في ما يبدو أنه أحد الاكتشافات الأولى بشأن الموظفين الجدد للرئيس المنتخب ترامب.
وُلد "بولس" في لبنان لينتقل بعدها إلى تكساس حينما كان لا يزال مراهقًا، ودرس القانون هناك بجامعة "هوستون". وبعد إنهاء مشواره التعليمي، تولى إدارة أعمال عائلته ليصبح المدير التنفيذي لشركة "SCOA Nigeria"، المختصة في توزيع المركبات والتجهيزات بمنطقة غرب إفريقيا.
شارك بولس بأنشطة الحزب الجمهوري وهو طالب، وترشح لعضوية برلمان لبنان عام 2009، إلا أنه لم ينجح في الفوز، وانضم بولس إلى الدائرة الداخلية لترامب، بعد أن تزوج ابنه مايكل من ابنة الرئيس المنتخب تيفاني في عام 2022.
وساعد بولس ترامب على تحقيق تقدم كبير في صفوف العرب الأمريكيين في انتخابات الثلاثاء الماضي.
وخلال الحملة الرئاسية لترامب، لم يدخر بولس جهدًا في طرق أبواب الناخبين العرب الأمريكيين لإقناعهم بالتصويت لصالح ترامب، خاصة في ولاية ميتشيجان المتأرجحة، مستغلًا حالة الإحباط في صفوفهم تجاه الحزب الديمقراطي، بسبب طريقة تعاطيه مع الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
وفاز ترامب بميتشجان التي يصل عدد أصوات العرب فيها إلى نحو 400 ألف، طبقًا للأرقام المعلنة قبل الانتخابات، بينما تبلغ أصوات المسلمين نحو 250 ألفًا، وحصل ترامب في مدينة ديربورن، التي تُوصف بأنها قلب السكان العرب الأمريكيين، على نسبة 42.5% من الأصوات، مقابل 36% لهاريس.
وأثناء حملته الانتخابية، حرص ترامب على التواصل مع الجالية العربية والمسلمة، وذهب إلى مقر وجودها في ديربورن بأحد المقاهي، كما توجه إلى الجالية اليمنية في مقرها بمدينة هامترامك وجلس مع الأئمة وممثلين للجالية، واتفق معهم على وقف الحرب على غزة، والتقط صورًا مع مجموعات ترتدي الملابس التي تمثل هُويتها وثقافتها، كما دعا بعض الأئمة للصعود إلى تجمعاته الانتخابية، وإلقاء كلمات تدعو العرب والمسلمين للتصويت له.
ووعد ترامب وحملته اليمنيين الأمريكيين في ميتشيجان، بألا تمتد الحرب في الشرق الأوسط إلى اليمن، متعهدًا بمزيد من الاستقرار لبلدهم، وكانت التصريحات التي خرجت من المجموعة اليمنية في مدينة هامترامك وعمدة المدينة أمير غالب العلنية بعد لقائها مع ترامب تشير إلى أنه وعد بإنهاء الحرب على غزة، وأنه يمثلها في ما يخص الحفاظ على القيم الأسرية والمجتمعية.
الوعود نفسها رددها "بولس" وغيره من حلفاء ترامب، إذ حاولوا إقناع الناخبين بأن ترامب لديه مقاربة مغايرة وسيعمل على إعطاء الأولوية للاستقرار، وتفادي اندلاع نزاعات جديدة في الشرق الأوسط، رغم أن الولاية الرئاسية السابقة لترامب شهدت خطوات غير مسبوقة على الصعيد الأمريكي صبَّت كلها في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي.
عندما كان ترامب رئيسًا للولايات المتحدة بين 2016 و2020، دعم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، واعترف بـ"السيادة الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان المحتلة.
ويبدو أن مسعد بولس سيتولى جزءًا من الدور الذي يشغله حاليًا، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي جو بايدن، آموس هوكشتاين، الذي كُلف بالتفاوض مع إسرائيل لبنان، ونجح في التوسط باتفاق حدود بحرية بين الجانبين عام 2022، لكنه لم ينجح بعد في التوسط بوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله"، منذ بدء تبادل إطلاق النار عبر الحدود في 8 أكتوبر 2023.
وقال "بولس"، في تصريحات إعلامية إبان الحملة الانتخابية لترامب، إنه في حال فوز المرشح الجمهوري بالانتخابات "فسيعمل بشكل فوري على إنهاء الحرب على لبنان ولن ينتظر حتى يتم تنصيبه رئيسًا في يناير".
وأضاف بولس أن ترامب سيفي بوعده الأخير "بإنهاء الدمار في لبنان"، من خلال "اتفاقية سلام إقليمية شاملة".
وفي 30 أكتوبر الماضي، كتب ترامب في منشور على حسابه بمنصة "إكس": "سأحل المشكلات التي سببتها كامالا هاريس وجو بايدن وأوقف المعاناة والدمار في لبنان"، مشيرًا إلى أنه يود أن يعود الشرق الأوسط إلى "سلام حقيقي وسلام دائم، وسوف نحقق ذلك على الوجه الصحيح حتى لا يتكرر الأمر كل خمس أو عشر سنوات".
واليوم، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن ترامب أبلغ إدارة بايدن، أنه يتوقع رؤية تقدم في الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين لم تكشف هُويتهم، أن المبعوث الأمريكي الخاص آموس هوكشتاين واثق من أن إسرائيل وحزب الله سيتمكنان من التوصل إلى اتفاق، وإنهاء أكثر من عام من القتال عبر الحدود، والعملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين للصحيفة العبرية، إن "فرص التسوية في لبنان تحت قيادة هوكشتاين، وبتشجيع من ترامب، تتزايد".
وأفادت تقارير بأن هوكشتاين سيستأنف جهود الوساطة بين لبنان وإسرائيل في محاولة لحل الأزمة الراهنة، موضحًا أن هذه الوساطة تأتي في إطار مساعي إدارة الرئيس جو بايدن "لترك بصمتها" قبل انتهاء ولايتها.