بينما تتوجه أنظار العالم إلى المنافسة الشديدة بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، الجمهوري والديمقراطي، يشارك مرشحون مستقلون آخرون في السباق الرئاسي، مؤكدين على أهمية التنوع السياسي.
وفي يوم الاقتراع القادم، سيجد الناخبون الأمريكيون إلى جانب الأسماء المعروفة مثل دونالد ترامب وكامالا هاريس، وجوهًا جديدة تسعى لطرح رؤى مختلفة، بمرجعيات سياسية وبيئية وفكرية، ويسعون إلى تسليط الضوء على قضايا مغيبة، على الرغم من عدم امتلاكهم فرصًا حقيقية للوصول إلى البيت الأبيض.
التنوع الانتخابي
يتسم النظام الانتخابي الأمريكي بتوفير فرصة للمرشحين المستقلين للتنافس إلى جانب مرشحي الحزبين الرئيسيين، وفي الانتخابات المقبلة، يتراوح عدد المرشحين المسجلين في الولايات بين 2 و11 مرشحًا، وفقًا للولاية.
وعلى الرغم من أن المنافسة الرئيسية تظل بين الجمهوريين والديمقراطيين، فإن هذه التعددية تتيح للناخبين التعبير عن آرائهم في مرشحين قد لا ينتمون إلى التيارين السياسيين التقليديين.
وتُظهر استطلاعات الرأي أن المرشحين المستقلين غالبًا ما يحصلون على نسبة تصل إلى 1% من الأصوات، وهي نسبة ضئيلة لكنها تكفي لتأثير محدود على النتائج في الولايات المتأرجحة. ويشير خبراء إلى أن العديد من أنصار المرشحين المستقلين قد يغيرون رأيهم في اللحظة الأخيرة لصالح أحد المرشحين الرئيسيين.
أبرز المرشحين المستقلين
جيل ستاين.. صوت حماية الطبيعة
تعود جيل ستاين، الطبيبة والناشطة البيئية، مرة أخرى إلى الساحة الانتخابية ممثلةً لحزب الخضر، بعد أن خاضت الانتخابات عامي 2012 و2016، حيث حصلت على 0.4% و1% من الأصوات على التوالي، وقد تعرضت في انتخابات 2016 لانتقادات واسعة بزعمها تشتيت أصوات الناخبين الديمقراطيين لصالح دونالد ترامب.
وخاضت ستاين تجربة دعم الأكاديمي كورنيل ويست، لكنها قررت بعد انسحابه من الحزب أن تعود للترشح للحفاظ على تمثيل حزب الخضر، ويتمثل هدفها الرئيسي في إظهار بدائل بيئية وسياسية بعيدًا عن التيارات التقليدية، وتركز في حملتها على ما تعتبره تأثرًا إيجابيًا للرئيس جو بايدن بأفكار حزب الخضر في مجال البيئة. كما تتبنى مواقف قوية بشأن الصراع في غزة، وتدين ما تصفه بـ"الإبادة الجماعية" ضد المدنيين الفلسطينيين.
كورنيل ويست.. نضال ضد العنصرية
كورنيل ويست، البالغ من العمر 71 عامًا، هو مفكر وأكاديمي عرف بمواقفه الصريحة ضد العنصرية، وشارك في حركة احتلوا وول ستريت عام 2011.
وخاض ويست الانتخابات مستقلًا في أكثر من 15 ولاية، منتقدًا ما وصفه بـ"الإفلاس الأخلاقي" للدولة الأمريكية، حيث يرى أن الحزبين الرئيسيين يسعيان وراء الأرباح على حساب حقوق البشر والكوكب.
في برنامجه، يطرح ويست قضايا تتعلق بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية، ويهدف إلى لفت الانتباه إلى التحديات التي تواجه المجتمع الأمريكي المعاصر، من الفقر والتهميش إلى الفساد والتمييز العرقي. من خلال حملته، يأمل ويست في إحداث تأثير فكري حتى إن لم يتمكن من الفوز.
تشايس أوليفر.. صوت الحزب الليبرتاري
يمثل تشايس أوليفر، مرشح الحزب الليبرتاري، قوة سياسية ثالثة في المشهد الانتخابي الأمريكي، يُعرف الحزب الليبرتاري بمبادئه التي تركز على الحرية الفردية، وهو موجود على بطاقات الاقتراع في قرابة جميع الولايات الأمريكية الخمسين لعام 2024.
في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حصل الحزب الليبرتاري على ما يزيد قليلًا على 1% من الأصوات، ويهدف أوليفر إلى تعزيز هذه النسبة من خلال حملته التي تدعو إلى تقليص دور الحكومة وتعزيز الحريات الفردية.
ويرى الحزب الليبرتاري أن الحكومة يجب أن تكون أقل تدخلًا في حياة الأفراد، ويتبنى سياسات تركز على حقوق الأفراد وحريتهم في اتخاذ القرارات.
تأثير المرشحين المستقلين على الانتخابات
بينما يبقى احتمال فوز أي من المرشحين المستقلين ضئيلًا، إلا أن وجودهم في السباق يسهم في تعزيز النقاش السياسي وتوسيع نطاق القضايا المطروحة.
ويشير محللون إلى أن بعض الناخبين غير الراضين عن مرشحي الحزبين التقليديين قد يلجؤون إلى التصويت لمرشحي الأحزاب الصغيرة أو المستقلين، مما قد يؤثر بشكل طفيف على نتائج التصويت، خاصةً في الولايات المتأرجحة حيث يكون الفارق ضئيلًا.
ويعتبر حزب الخضر والحزب الليبرتاري من أبرز هذه الأحزاب، حيث يسعى كل منهما إلى كسب تعاطف الناخبين الذين يطمحون لرؤية تغيير حقيقي بعيدًا عن السياسات التقليدية.
أهمية التنوع السياسي
يشكل حضور المرشحين المستقلين في الانتخابات دلالة على حيوية النظام السياسي الأمريكي ومرونته، حيث يتاح المجال لمرشحين بأفكار وآراء متنوعة لإيصال صوتهم إلى الجمهور.
وعلى الرغم من أن الأحزاب المستقلة لم تحقق إنجازات كبيرة في الانتخابات الرئاسية، إلا أنها تقدم رؤى وأفكارًا قد تؤثر بشكل أو بآخر في توجهات السياسة العامة، سواء عبر الدفع بالقضايا البيئية أو حقوق الحريات الفردية.
مستقبل المرشحين المستقلين
مع اقتراب موعد الاقتراع، يستمر المرشحون المستقلون في حملاتهم التي تسعى لجذب أصوات الناخبين من شتى الأطياف، رغم علمهم بتواضع حظوظهم في الفوز.
وبصرف النظر عن النتيجة النهائية، يسهم هؤلاء المرشحون في إبراز التنوع الفكري والسياسي في الولايات المتحدة، ويقدمون بدائل مهمة قد تتطور لتصبح أكثر تأثيرًا في المستقبل، إذا ما لاقت قضاياهم تأييدًا شعبيًا كافيًا.