مع خوض منافسة شبه متقاربة، واستطلاعات تتأرجح بين الديمقراطية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، تركت الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعامي 2016 و2020 -والتي أخطأ فيها العديد من خبراء استطلاعات الرأي بشكل كبير- أسئلة حول ما إذا كانت استطلاعات الرأي لا تزال مقياسًا لنبض الأمريكيين يمكن تصحيحه من خلال بعض الإصلاحات في المنهجية.
فقبل ثماني سنوات، كانت استطلاعات الرأي تتوقع فوزًا سهلًا لهيلاري كلينتون على دونالد ترامب حتى يوم الانتخابات. ووفقًا لتحليل أجراه مركز "بيو" بعد الانتخابات، فقد بالغ ما يقرب من تسعة من كل عشرة استطلاعات رأي في تقدير دعم كلينتون بين الناخبين في ذلك العام.
وفي عام 2020، أظهرت استطلاعات الرأي تقدم الرئيس جو بايدن بقوة على الرئيس ترامب آنذاك. وقبل الانتخابات مباشرة، كان بايدن متقدمًا بفارق 8.4 نقطة في متوسط FiveThirtyEight و7.2 نقطة في متوسط RealClearPolitics ومع ذلك، فقد فاز ترامب بالتصويت الشعبي بأقل من 4.5 نقطة، وهو ما يكفي فقط للفوز في المجمع الانتخابي.
وإذا كانت استطلاعات الرأي غير دقيقة بهامش مماثل هذا العام، فإن التقدم الضيق الذي أحرزته نائبة الرئيس في العديد من المتوسطات قد يعني أن خصمها الجمهوري متقدم بالفعل، ويتجه نحو فوز انتخابي ساحق؛ كما أشار تقرير لمجلة "نيوزويك".
دقة زائفة
عن سبب عدم دقة استطلاعات الرأي السابقة، ينقل التقرير عن بعض خبراء استطلاعات الرأي أن أنصار ترامب اختاروا عدم المشاركة في الاستطلاعات بسبب عدم ثقتهم في مؤسسات مثل وسائل الإعلام الرئيسية ومنظمات استطلاعات الرأي.
وقال سكوت كيتر، الزميل في مركز "بيو" للأبحاث، لـ "نيوزويك" إن عدم الثقة هذا قد يفسر سبب عدم تمثيل دعم ترامب في نتائج استطلاعات الرأي.
وأوضح أن هذا الافتقار إلى المشاركة ساهم في أخطاء استطلاعات الرأي في عامي 2016 و2020، في حين أظهرت استطلاعات الرأي في انتخابات منتصف المدة لعام 2022 دقة أكبر. والفرق هو أن ترامب لم يكن يترشح لمنصب في عام 2022.
وأضاف: "إن الانتخابات الرئاسية تجتذب قاعدة ناخبين أكثر تنوعًا، وهو ما يزيد من التنوع. ولهذا السبب لا يمكننا أن نفترض أن الدقة التي شهدناها في عام 2022 سوف تستمر في عام 2024، خاصة مع وجود ترامب على ورقة الاقتراع".
ورغم تحسن أداء استطلاعات الرأي في منتصف المدة، لا يزال العديد من الأمريكيين يشككون في قدرة استطلاعات الرأي على التقاط التفضيلات السياسية العامة للناخبين بدقة، وخاصة في انتخابات يصفها الخبراء بأنها "الأشد تنافسًا في السنوات الأخيرة".
في استجابة للأخطاء السابقة، قام الباحثون بتحسين أساليبهم، باستخدام الاستطلاعات عبر الإنترنت والرسائل النصية بشكل متزايد. حيث تطورت استطلاعات الرأي بشكل كبير منذ عام 2016، عندما كانت معظم الاستطلاعات تُجرى عبر الهاتف الأرضي، على الرغم من أن أقل من نصف الأسر الأمريكية كانت تمتلك هاتفًا أرضيًا يعمل في ذلك الوقت.
وبحلول عام 2022، تحولت 61% من منظمات استطلاع الرأي الأمريكية التي أجرت استطلاعات وطنية في عام 2016 إلى أساليب جديدة.
طرق جديدة
تتضمن استطلاعات الرأي الحديثة في الولايات المتحدة مزيجًا من التقنيات عبر الإنترنت والرسائل النصية وغيرها للوصول إلى جمهور أوسع، مع تعديل المنهجية لتعكس معايير الاتصال المتغيرة.
وعلى مدى العقدين الماضيين، أدى ظهور الهواتف المحمولة والرسائل النصية والمنصات الإلكترونية إلى تحويل أبحاث الاستطلاع؛ بينما أصبحت الأساليب التقليدية، مثل استطلاعات الرأي عبر الهاتف المباشر، عتيقة تقريبًا، حيث لا يزال أقل من ربع الأمريكيين يستخدمون الخطوط الأرضية، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
لكن الاعتماد على الهواتف المحمولة يطرح تحديًا جديدًا، إذ يتجنب الأمريكيون بشكل متزايد الرد على المكالمات غير المعروفة.
وعلى النقيض من بعض مؤسسات استطلاع الرأي التقليدية، تستخدم مؤسسات أخرى مزيجًا من التقنيات، بما في ذلك استطلاعات الرأي النصية على شبكة الإنترنت، والاستجابات الصوتية التفاعلية على الهواتف الأرضية، والتواصل عبر البريد الإلكتروني. ويساعدهم هذا المزيج على الوصول إلى جمهور أكثر تمثيلاً، وخاصة الناخبين الأصغر سنًا.
كما تبنى بعض شركات استطلاع الرأي أساليب البريد المعروفة باسم أخذ العينات على أساس العنوان. ووجد مركز "بيو" أن تعديل عينات الاستطلاعات على أساس عوامل متعددة يمكن أن يحسن الدقة.
ومن بين التعديلات الشائعة ما يسمى "التصويت المسترجع"، والذي يسأل الناخبين عمن دعموا في عام 2020. ويعتقد بعض خبراء استطلاعات الرأي أن هذا التعديل يساعد في تجنب التقليل من تقدير دعم ترامب، في حين يخشى آخرون أنه قد يؤدي إلى أخطاء إذا تذكر الناس الأصوات السابقة بشكل خاطئ.
وتستخدم مؤسسات استطلاع الرأي المرموقة مثل "CNN/SSRS"، وصحيفة "واشنطن بوست"، وجامعة "مونماوث" هذه التقنية.
ورغم هذه الأساليب الجديدة، فمن غير المؤكد ما إذا كانت استطلاعات الرأي ستتمكن من التقاط تفضيلات الناخبين بشكل كامل، نظرا للديناميكيات غير المتوقعة لدورة الانتخابات الرئاسية هذه. أيضًا، تبقى مشكلة انعدام الثقة في وسائل الإعلام.