شهدت فعاليات اليوم السادس من مهرجان الجونة السينمائي عدة حلقات نقاشية تمحورت حول دعم المواهب الناشئة وأيضًا صناعة الفيلم الوثائقي، جاءت الأولى تحت عنوان "الأفلام القصيرة: إطلاق العنان لمستقبل من الموهبة والابداع"، بمشاركة صنّاع سينما عرب وأجانب، منهم صفي الدين محمود مدير المشاريع الإبداعية في مصر، وسامح علاء المخرج والمنتج المصري، وكاميل فارين منسقة مهرجان كليرمون فيران للأفلام القصيرة في فرنسا، والموزع الإيطالي سيمون باردوني.
سلّطت الجلسة الضوء على أن الأفلام القصيرة ليست مجرد تجارب فنية، بل تعد خطوات أساسية نحو مستقبل واعد للإبداع السينمائي، إذ تساهم في تعزيز المواهب الشابة وإيجاد منصات جديدة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والثقافية
وناقش المشاركون من خلال الجلسة النقاشية أهمية دعم الأفلام القصيرة وأثرها الكبير على الصناعة السينمائية، إذ أكد صفي الدين محمود أن مخرجي الأفلام القصيرة هم من يقودون مشاريعهم من البداية إلى النهاية، مطالبًا بتوفير التسهيلات الإنتاجية للمبدعين.
ومن منطلق تجربته مع الأفلام القصيرة، يرى المخرج سامح علاء أنها تمثل نوعًا من التجارب الفنية المستقلة ووسيلة للتعبير الفني، مشيرًا إلى أهمية استفادة المخرج من التقنيات الحديثة ومنها تقنية VR Technology.
فيما تؤكد كاميل فارين، منسقة مهرجان كليرمون فيران، أن الأفلام القصيرة تمنح المخرجين فرصة لإظهار رؤيتهم الإبداعية بشكل حقيقي، مشيرة إلى أن الفيلم القصير يوفر حرية أكبر بالمقارنة مع الأفلام الطويلة. كما نوّهت إلى أن 70% من الأفلام التي يتم اختيارها في مهرجان كليرمون تُخرجها نساء، ما يعكس تطورًا ملحوظًا في هذه الصناعة.
وتحت عنوان "مواهب جديدة: أضواء على نجوم صاعدة"، أقيمت ندوة نقاشية بإدارة ميلاني جودفيلو، الصحفية البارزة في مجال السينما الدولية، بمشاركة مجموعة من المواهب الصاعدة في صناعة الفيلم، ومنهم المخرج والمؤلف محمد المغني، صانعة الأفلام ليلى باسما، ديزيل ميخيتشجان مصممة الملابس التي ولدت في مصر، رشا حسني منتجة فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو"، المخرج والمؤلف الأردني فارس الرجوب، والمصورتان الشقيقتان ميشيل ونويل كيسرواني
تبادل المشاركون في الجلسة تجاربهم الذاتية في صناعة الأفلام، مؤكدين أن السينما ليست مجرد صناعة، بل وسيلة للتعبير عن القصص والتجارب الإنسانية.
سمر ششة: بدأت التمثيل من مسرح المدرسة
"كل مخزوننا من القراءات هو لكتّاب مصريين"، بهذه الكلمات افتتحت جلسة حوارية مع الممثلتين السعوديتين سمر شِشَة ووالدتها أماني الجميل، ضمن فعاليات المهرجان، إذ كشفت الأخيرة أن دخولها إلى عالم الفن كان من خلال كتابة نصوص مسرحية لابنتها سمر أثناء دراستها، مشيرة إلى أنها تعلمت الكتابة من والدها الذي كان شغوفًا بالأدب.
تطرقت أماني إلى رحلتها في التمثيل، موضحة أنها شعرت بالاكتئاب بعد وصولها إلى سن التقاعد. عندها اقترحت عليها ابنتها سمر أن تقدم عرضًا مسرحيًا باللغة العربية الفصحى، ومن هنا انطلقت قصتها في مجال التمثيل.
فيما أوضحت سمر شِشَة أن حبها للتمثيل بدأ على مسرح المدرسة، لكنها لم تفكر في احترافه حينها. وأضافت: السعودية تغيّرت سريعًا، ونحن تغيّرنا معها، أصبح المجتمع أكثر تقبّلًا للتغيير.
تحدثت سمر وأماني عن أول عمل تمثيلي جمعهما، إذ جسدت أماني دور أم نرجسية، ولضمان إتقان الأدوار، قالت "لم نتحدث معًا طوال ثلاثة أشهر من التصوير كي نحافظ على التقمص الكامل للشخصيات".
تحديات صناعة الفيلم الوثائقي
وفي إطار اهتمام مهرجان الجونة بصناعة الأفلام الوثائقية انطلقت جلسة نقاش تحت عنوان "رحلتان للفيلم الوثائقي"، بمشاركة مجموعة من أبرز الخبراء في مجال السينما الوثائقية، منهم صانع الأفلام محمد صيام، إمانويل شيكون، كريستوف موبرجر ، المنتجة وصانعة الأفلام مي عوده، والمخرجة هالة جلال.
تحدث محمد صيام عن التحديات الفريدة التي تواجه صناع الأفلام الوثائقية، مشبهًا عملية الإخراج بمسار ماراثوني قد يمتد من عام إلى 10 سنوات. وأكد أن الفيلمين الوثائقي والسينمائي يختلفان جذريًا؛ فبينما تعتمد الأفلام السينمائية على نصوص وحوارات محددة، يتطلب الفيلم الوثائقي صبرًا وتعديلًا مستمرًا حتى الوصول إلى المنتج النهائي.
من جانبها، أكدت هالة جلال أن المخرج يحتاج إلى رؤية واضحة وثقة في أفكاره، بعيدًا عن تأثير المجتمع. فصانع الفيلم الوثائقي يجب أن يمثل صوته ورأيه الشخصي. وفي السياق ذاته، تناولت مي عوده أهمية منح الفيلم الوثائقي الوقت الكافي للنضوج، حتى لو استدعى الأمر تغيير الهدف الأساسي.
فيما أوضح كريستوف أنه بالنسبة لصناعة السينما، فصنّاع الأفلام في أوروبا وأمريكا الشمالية يهتمون بربط المواهب الإبداعية السينمائية الشابة، من خلال البرامج الفردية، لمساعدتهم في المشاركة بالمهرجانات الأوروبية. فيما أكد إيمانويل أن الأهم في إخراج الفيلم الوثائقي هو خلق الفرصة للارتجال، الأمر الذي يعتبر تحديًا رئيسيًا لإقناع المنتجين بالقصة لتنفيذها على أرض الواقع.