اقترنت تجارة المخدرات في منطقة غرب إفريقيا بنمو نمط الجرائم العابرة للحدود، التي تقوم عليها الميليشيات والتنظيمات المسلحة بشكل عام، وما يرتبط بذلك من تراجع تطبيق القانون وغياب الاستقرار في بعض دول تلك المنطقة، وهو ما كان له آثار سياسية واقتصادية وأمنية خطيرة، إذ ارتبطت تداعيات انتشار تهريب المخدرات بتهديد أمن منطقة الغرب الإفريقي.
وطوّرت التنظيمات الإرهابية الاتجار في المخدرات وحوّلته إلى اقتصاد كامل، عبر تهيئة الظروف وتوفير الملاذ الآمن للنقل والانتشار، وتعتبر هذه التجارة إحدى قنوات التمويل لكثير من حالات التمرد والإرهاب في العديد من مناطق العالم.
وبحسب المختار ولد أوفي، الخبير الأمني، فإن ما يحدث في غرب إفريقيا هو تلاقي كثير من المصالح بين جماعات غير راضية عن حكومات بلادها التي همشتها لفترات طويلة، وأخرى تأثر دخلها الاقتصادي بسبب التصحر وقلة هطول الأمطار في المناطق القاطنين فيها، وثالثة نشطت في تهريب المخدرات وتبحث عن مكان آمن لتمارس فيه نشاطها.
وأضاف "ولد أوفي" لـ"القاهرة الإخبارية" من العاصمة نواكشوط، أنه كلما غابت هيبة الدولة وقل مراقبتها للحدود، يصبح عبور جماعات الإرهاب والمخدرات والهجرة غير الشرعية دون أي موانع تعرقل مسارها أو نشاطها الممتد في غرب إفريقيا.
وأوضح أن هذه الجماعات وحركات التمرد أدت إلى هشاشة الأنظمة الحاكمة في دول مالي وبروكينا فاسو والنيجر، لتصبح أفضل منطقة لانتشار تجارة المخدرات التي تمر إما إلى هذه البلاد أو أن تكون نقطة تنطلق منها عمليات التهريب والاتجار في المخدرات إلى ليبيا بعد سقوط نظامها ثم إلى أوروبا ودول الخليج.
وذكر الخبير الأمني أن هذه الدول تمر بها ثلاثة أنواع من السموم الأول هو الكوكايين الذي يمر من دول غرب إفريقيا ثم إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا عبر المهاجرين والزوارق، والثاني هو القنب الذي يذهب إلى تشاد ونيجيريا، والثالثة هي الحبوب المهلوسة التي يكون مقصدها إلى دول الخليج وتمر عبر ليبيا والسودان.
من جانبه أرجع محمد ويس المهري الباحث في الشؤون الإفريقية تعاظم أزمة انتشار المخدرات إلى ما تعرضت له ليبيا طوال السنوات الماضية بعد سقوط نظام معمر القذافي، حيث كانت طرابلس تمنع مرور الكثير من التجاوزات والمواد المخدرة والخارجين عن القانون.
وذكر "المهري" لـ"القاهرة الإخبارية" من العاصمة باماكو، أن سقوط ليبيا عام 2011 ساهم في ظهور التمرد في شمال مالي والنيجر وبوركينا فاسو وزعزعة الأمن الذي أدى إلى انتشار هذه الجماعات والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والتي وصلت إلى خليج غينيا وبعض الدول على المحيط الأطلسي مثل نيجيريا الدولة الضخمة التي أضحت تعاني من تمدد مثل هذه الجماعات، فضلا عن التدخلات الخارجية في الدول الإفريقية، وساعد في قدوم المقاتلين من عدة دول إلى الغرب الأفريقي ومماسة أنشطتهم الإجرامية.
وكشف أن بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا التي تضررت من الهجرة غير الشرعية سارعت لعقد اتفاقيات للحد من قدوم هؤلاء المهاجرين من غرب إفريقيا.