من المتوقع أن يشهد الكونجرس الأمريكي مزيدًا من الانقسامات والجمود قد يؤدي في نهاية المطاف لتجميد عمل أجندة الرئيس الأمريكي جو بايدن على مدار العامين المقبلين، إن لم يكن إيقافها بشكل كامل.
يأتي هذا التقدير بعد تولي الحزب الجمهوري زمام الأمور في مجلس النواب الأمريكي، ومع اشتعال المعارك سواء داخل الحزب نفسه أو مع منافسه الديمقراطي قد تشهد المرحلة المقبلة مزيدًا من الصراعات داخل الإدارة الأمريكية.
وقال زعيم الحزب الجمهوري في مجلس النواب، كيفن مكارثي، الذي يترشح ليكون رئيس المجلس، إن "الديمقراطيين لن يكون لديهم حكم الحزب الواحد لواشنطن"، وأضاف مكارثي في بيان نشر 2 ديسمبر الماضي "في غضون 32 يومًا، ستحصل الأغلبية الجمهورية الجديدة في مجلس النواب على إجابات للشعب الأمريكي وتحقق المساءلة التي يستحقها".
ويسيطر الجمهوريون الآن على مجلس النواب فقط، مما يعني من الناحية التشريعية أنه ليس هناك الكثير الذي يمكن للحزب الجمهوري القيام به طالما أن الديمقراطيين يسيطرون على مجلس الشيوخ وبايدن يستخدم حق النقض (الفيتو)، لكن يتوقع أن يستفيد الجمهوريون من الأغلبية في النواب بجميع أشكال الرقابة المتعلقة بالبيت الأبيض وCOVID-19 والحدود الجنوبية.
ووعد النائب عن ولاية كنتاكي، جيمس كومر، الذي من المقرر أن يرأس لجنة الرقابة في مجلس النواب، والتي يمكن القول إنها لجنة التحقيق الرئيسية بإجراء تحقيقات مكثفة في التعاملات المالية خاصة فيما يتعلق بقضية ابن الرئيس الأمريكي هانتر بايدن وامتثاله لقوانين الضرائب.
ويبحث التحقيق بشأن ما إذا كانت الرئاسة قد تعرضت للخطر بسبب المصالح التجارية لهانتر ابن الرئيس بايدن.
وكان "كومر" قد كتب مقالًا بصحيفة "وول ستريت جورنال" قال فيها "إذا كان لدى أفراد عائلة بايدن صفقات مع خصوم أجانب، فقد يضر ذلك بعملية صنع القرار كرئيس بطريقة تهدد الأمن القومي".
كما قال النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو، جيم جوردان، الذي من المحتمل أن يرأس اللجنة القضائية في مجلس النواب، أنه سيعمل على فتح تحقيق يستهدف وزارة العدل لتفتيشها مقر إقامة الرئيس السابق، دونالد ترامب، في مار لاجو وتعامله مع الوثائق السرية.
تعاون اضطراري
وعلى الرغم من الجمود الحزبي المتوقع الذي قد يمتد لعامين، سيتعين على مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون ومجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون العمل معًا لتمرير مشروع قانون الإنفاق السنوي المقبل أو المخاطرة بإغلاق الحكومة الفيدرالية، وفق ما نقلته صحيفة "يو إس أيه توداي".
كما أوضحت الصحيفة الأمريكية أنه ربما يكون هناك بعض المجالات الأخرى التى تتطلب التوافق في الآراء، خاصة أن كلا المجلسين يتمتعان بأغلبية ضئيلة وسيتعين عليهما العمل معا لإنجاز أي ملف.
وعلى الرغم من أن للطرفين وجهات نظر مختلفة، إلا أنهما يدعيان أنهما يريدان التعاوان معًا لأجل الصالح الأمريكي، وأن كلا الحزبين لديهما ما يكفي من الأعضاء المعتدلين المستعدين للعمل عبر الممر بين الحزبين، مثل السيناتور الديمقراطية، إيمي كلوبوشار، من مينيسوتا والنائب الجمهوري، كين باك، من كولورادو، اللذين عملا بالفعل على تشريعات عديدة منها مكافحة الاحتكار.
وقد يتمكن الجمهوريون والديمقراطيون أيضًا من العمل معًا للحد من التضخم، لكن لدى كلا الحزبين أفكار مختلفة حول كيفية القيام بذلك.
فالحزب الجمهوري يركز إلى حد كبير على الجهود المبذولة لخفض الإنفاق، بينما واصل الديمقراطيون دفع برامج الإنفاق الاجتماعي، مثل الاستقطاع الضريبي للأطفال، لمساعدة العائلات الأمريكية.
مواجهات محتملة
من جهه أخرى، من المتوقع أن يكون هناك قضايا تصادمية بين الحزبين، وتعتبر المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا أحد أهم القضايا الجدلية التى قد تؤدي لنشوب صراعات داخل الكونجرس.
فمن المحتمل أن تتعرض المساعدات لأوكرانيا لمزيد من التدقيق، خاصة بعد تولي الحزب الجمهوري قيادة مجلس النواب، وقد صرّح كيفن مكارثي سابقًا، بأنه "لن يكون هناك "شيك على بياض" لأوكرانيا إذا كان رئيسًا لمجلس النواب.
وفيما يتعلق بالقضايا الداخلية، تعتبر قضية الإجهاض الأهم بالنسبة لمبادئ الحزب الديمقراطي، وبعد أن ألغت المحكمة العليا الحق الدستوري في الإجهاض في يونيو الماضي، قدم الديمقراطيون في مجلس النواب تشريعًا لحماية حقوق الإجهاض.
وفشلت الجهود في نهاية المطاف في مجلس الشيوخ، لكنها كانت علامات على التزام ديمقراطي بتكريس حقوق الإجهاض في القانون.
ومن غير المرجح أن يحظى هذا الطموح بدعم مجلس النواب الذي يقوده الحزب الجمهوري، إذ أشادت القيادة الجمهورية بقرار المحكمة العليا في الصيف الماضي.