مؤخرًا، أعلن ناشرو صحيفتي "واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز"، أن الصحيفتين ستتخليان عن تأييد أي من مرشحي الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام، مما يزيد من عدد الصحف التي تختار التراجع عن التأييد السياسي في جميع أنحاء البلاد.
وتعرضت قرارات الناشرين الكبار، التي جاءت قبل أقل من أسبوعين من يوم الانتخابات المُقررة في الخامس من نوفمبر المقبل، لردود فعل عنيفة من عدد من الصحفيين، والذين زعموا أن أصحاب الصحف من المليارديرات الذين كانوا سيؤيدون نائبة الرئيس كامالا هاريس "يتهربون من تحمل المسؤولية"، كما ذكر تقرير لـ"أكسيوس".
ولفت التقرير إلى أنه "مع انخفاض الثقة في وسائل الإعلام الجماهيرية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، يختار المزيد من الناشرين تجنب ردود الفعل العكسية المحتملة الناجمة عن التأييد".
فقد قالت صحيفة "مينيسوتا ستار تريبيون" في أغسطس إنها لن تؤيد أي مرشحين أو قضايا في انتخابات 2024. بينما كانت "نيويورك تايمز" قد أشارت، في وقت سابق من هذا العام، إلى أنها ستتوقف عن تأييد المرشحين في الانتخابات في نيويورك، ولكنها ستواصل تقليدها المستمر منذ أكثر من 160 عامًا في تأييد المرشحين الرئاسيين.
قبلها، في عام 2022، أعلنت أكثر من 200 مطبوعة، بما في ذلك صحف "نيويورك تايمز" و"شيكاجو تربيون" و"دينفر بوست"، و"سانت بول بايونير بريس"، أنها لن تدعم بعد الآن المرشحين السياسيين في صفحات الرأي الخاصة بها، بحجة أن "الخطاب العام أصبح حادًا بشكل متزايد".
ويرى محررون ومديرون تنفيذيون، في قائمة متزايدة من الصحف الكبرى، أن التأييد من المرجح أن يثير غضب المشتركين ويضعف الثقة في وسائل الإعلام أكثر من تحريك الأصوات.
واشنطن بوست
نقل التقرير عن ويليام لويس، الناشر والمدير التنفيذي لصحيفة "واشنطن بوست"، أن صحيفته "لن تدعم بعد الآن المرشحين الرئاسيين"؛ معتبرا أن القرار "يتوافق مع القيم التي طالما دافعت عنها الصحيفة، وما نأمله في القائد: الشخصية والشجاعة في خدمة الأخلاق الأمريكية، واحترام سيادة القانون، واحترام الحرية الإنسانية في جميع جوانبها".
وبينما أشار لويس إلى أن الصحيفة "بدأت في تأييد المرشحين الرئاسيين بشكل روتيني في العقود الأخيرة فقط"، فاجأ القرار مسؤولي غرفة الأخبار في "واشنطن بوست"، حيث صاغ مجلس تحرير الصحيفة مسودة تأييد لهاريس، وفقًا لمركز أبحاث الصحافة.
بينما قال اتحاد صحفيي "واشنطن بوست" إنه يشعر "بقلق عميق" إزاء القرار، خاصة أنه يأتي قبل 11 يوما من يوم الانتخابات، وأن "الرسالة التي وجهها رئيسنا التنفيذي ويل لويس -وليس من مجلس التحرير- تجعلنا نشعر بالقلق من أن الإدارة تدخلت في عمل أعضائنا في هيئة التحرير".
وأضافت أن قرار عدم نشر المقال الافتتاحي "اتخذه مالك الصحيفة جيف بيزوس"؛ بينما أفادت تقارير اليوم الجمعة أن روبرت كاجان، كاتب العمود التحريري في الصحيفة، استقال في أعقاب القرار.
لوس أنجلوس تايمز
الأربعاء الماضي، استقالت مارييل جارزا رئيسة تحرير ومحررة افتتاحيات صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، بعد أن عرقل مالك الصحيفة باتريك سون شيونج خطط الصحيفة لدعم نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية، حسبما ذكرت مجلة "كولومبيا جورناليزم ريفيو" لأول مرة.
ووصفت أن حملة ترامب قرار "لوس أنجلوس تايمز" بأنه "الضربة الأخيرة لهاريس"، بينما نشرت المجلة استقالة جارزا، التي ذكرت فيها أن "هذا يجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيزين جنسيًا وعنصريين بعض الشيء".
وتساءلت كبيرة محرري "بوس أنجلوس تايمز" المستقيلة: كيف يمكننا أن نقضي ثماني سنوات في انتقاد ترامب والخطر الذي تشكله قيادته على البلاد ثم نفشل في تأييد منافسته الديمقراطي اللائقة تمامًا، والتي أيدناها سابقًا لمجلس الشيوخ الأمريكي؟
وقالت "جارزا" في حديث هاتفي مع المجلة إنها استقالت "لأنني أريد أن أوضح أنني لست بخير مع صمتنا. وفي الأوقات الخطيرة، يحتاج الأشخاص الصادقون إلى الوقوف".
وقالت جارزا إن هناك قضيتين تقلقانها "هذه نقطة زمنية حيث يجب أن تتحدث بما يمليه عليك ضميرك مهما كان الأمر. التأييد كان الخطوة المنطقية التالية بعد سلسلة الافتتاحيات التي كتبناها حول مدى خطورة ترامب على الديمقراطية، وحول عدم ملاءمته لمنصب الرئيس، وتهديداته بسجن أعدائه. لقد أوضحنا في مقالة افتتاحية تلو الأخرى أنه لا ينبغي إعادة انتخابه".
وكان سون شيونج الذي اشترى الصحيفة في عام 2018 مقابل 500 مليون دولار، كتب أن هيئة التحرير "طُلب منها صياغة تحليل واقعي" للسياسات الإيجابية والسلبية لكل مرشح أثناء فترة وجوده في البيت الأبيض، وكيف أثرت هذه السياسات على الولايات المتحدة. وكذلك "تقديم فهمه للسياسات والخطط التي أعلنها المرشحون خلال هذه الحملة وتأثيرها المحتمل على الأمة في السنوات الأربع المقبلة".
وقال: "بهذه الطريقة، ومع توفر هذه المعلومات الواضحة وغير الحزبية جنبًا إلى جنب، يمكن لقرائنا أن يقرروا من سيكون جديرًا بأن يكون رئيسًا للسنوات الأربع المقبلة".
لكن "لوس أنجلوس تايمز" ذكرت في بيان عبر الإنترنت إنها "تشعر بقلق عميق إزاء قرار مالك الصحيفة بمنع التأييد المخطط له في السباق الرئاسي".
وكانت الصحيفة قد أيدت مرشحًا رئاسيًا من الحزب الجمهوري في كل دورة انتخابية منذ تأسيسها عام 1881 حتى حملة إعادة انتخاب ريتشارد نيكسون عام 1972، وذلك وفقا لرواية الصحيفة لتاريخ تأييدها.
وتعرضت الصحيفة لانتقادات شديدة بسبب إعلانها عن دعمها للحزب الجمهوري بعد أشهر من فضيحة "ووترجيت"، ولم تؤيد أي مرشح رئاسي مرة أخرى حتى عام 2008 عندما أعلنت دعمها لباراك أوباما. ومنذ ذلك الحين، أيدت الصحيفة مرشحًا ديمقراطيًا للرئاسة في كل انتخابات.
ستار تريبيون
في منتصف أغسطس الماضي، أعلنت صحيفة "ستار تريبيون" أنها لن تؤيد أي مرشحين أو قضايا في انتخابات عام 2024 .
وقتها، قال محرر الرأي فيل موريس لـ "أكسيوس": "يمكن أن تكون البيئة السياسية مثيرة للاستقطاب. لذا، فقد شعرنا أن هذا هو الوقت المناسب لتجربة شيء يتجاوز التوصية الثنائية".
وفي مقال عن "التجربة"، قال موريس إن كتاب الرأي سوف يواصلون إجراء المقابلات مع المرشحين وتقديم التحليلات، ولكنهم سوف يركزون "على القضايا، بدلاً من إخبار الناس بكيفية التصويت"؛ إضافة إلى ذلك لن تقوم الصحيفة بنشر افتتاحية يومية غير موقعة.
وكتب موريس "سنستخدم الصوت الجماعي لمجلس التحرير في اللحظات التي نحتاج إليها بشدة".
ومع توسع الصحيفة في منطقة مينيسوتا الكبرى، أشار موريس إلى أن "النهج الجديد" سيسمح لكتاب الرأي بتغطية القضايا على مستوى الولاية.