نشرت صحيفة " فاينانشال تايمز" البريطانية، تقريرًا سريًا يوثّق الحوادث الأخيرة التي هاجم فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي مواقع تمركز القوات الدولية في لبنان (اليونيفيل).
وجاء في التقرير أن جيش الاحتلال اقتحم بالقوة قاعدة القوات الأممية، واستخدم مادة الفوسفور الأبيض الحارقة على مسافة قريبة بما يكفي لإصابة 15 من قوات حفظ السلام.
ويسلّط التقرير الذي أعدته إحدى الدول المساهمة بقوات في "اليونيفيل" الضوء على كيفية استهداف قوات الاحتلال للقوة التابعة للأمم المتحدة المنتشرة على طول الحدود بين جنوب لبنان والمستوطنات الشمالية، في مناسبات متعددة.
وألحقت قوات الاحتلال أضرارًا بعدد من المنشآت وأحدثوا إصابات في صفوف الجنود المتمركزين في المراكز الحدودية في جنوب لبنان. ووصفت قوات "اليونيفيل" هذه الحوادث بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي".
وأنكر الاحتلال أنه استهدف قوات اليونيفيل عمدًا منذ أن شنَّ غزوه البري على جنوب لبنان في الساعات الأولى من صباح الأول من أكتوبر.
وطالب الاحتلال الأمم المتحدة بإجلاء قواتها لحفظ السلام من جنوب لبنان حفاظًا على سلامتهم، لكن الدول الخمسين المساهمة باليونيفيل رفضت بالإجماع الطلب الإسرائيلي.
والأحد الماضي، قالت قوات اليونيفيل إن جرافة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي هدمت عمدًا برج مراقبة وسياجًا محيطًا بموقع للأمم المتحدة في مروحين.
ونشرت قوات اليونيفيل معظم الحوادث المشار إليها في التقرير السري، لكنها قدمت تفاصيل إضافية، وضمت صورًا توثق الضرر الذي لحق بالمخابئ التي تحمي القوات والجدران المحيطة وأبراج المراقبة في العديد من القواعد.
ورغم أن الحوادث التي وقعت في الأيام القليلة الأولى كانت في الغالب بالقرب من مواقع الأمم المتحدة، فإن التقرير يقول إن قوات الاحتلال الإسرائيلي بدأت في إطلاق النار مباشرة على قواعد اليونيفيل بعد الثامن من أكتوبر.
وفي حادثة وقعت يوم 10 أكتوبر، أصيب اثنان من قوات حفظ السلام عندما أطلقت دبابة ميركافا تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي النار على برج مراقبة في مقر القوة الدولية في الناقورة، ما أدى إلى إصابته بشكل مباشر وسقوطهما.
وتُظهر صورة في التقرير حفرة دائرية كبيرة في البرج، وقال ريتشارد وير، الباحث البارز في شؤون النزاعات والأسلحة، لفاينانشال تايمز، إنها تتسق مع النيران المباشرة.
وفي حادث آخر وقع في 10 أكتوبر، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على مخبأ للأمم المتحدة لجأ إليه جنود حفظ السلام الإيطاليون في اللبونة.
ويقول التقرير السري إن قصف مدخل المخبأ جاء بعد أن أجرى جيش الإحتلال الإسرائيلي عمليات مراقبة بطائرات بدون طيار ودمّر كاميرات الموقع في اليوم السابق. وتُظهر الصور الواردة في التقرير كومة كبيرة من الحطام تتساقط تحت حفرة في زاوية أحد المباني.
وفي الساعات الأولى من صباح 13 أكتوبر، قالت قوات اليونيفيل إن دبابتين من طراز ميركافا إسرائيليتين اخترقتا البوابة الرئيسية لإحدى القواعد. وفي أعقاب احتجاجات قوات اليونيفيل، غادرت الدبابتان بعد 45 دقيقة، لكنها في غضون ساعة، أطلقت عدة قذائف على بُعد نحو 100 متر شمال القاعدة، ما أدى إلى انبعاث "دخان الفوسفور الأبيض المشتبه به" الذي انبعث إلى القاعدة، حسبما ذكر التقرير، ما أدى إلى إصابة 15 من قوات حفظ السلام.
وأظهرت الصور الواردة في التقرير الدبابات وهي تسير فوق البوابات وتدخل إلى القاعدة، بينما تضررت الجدران المحيطة، وتصاعد الدخان الأبيض في كل مكان.
واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن إحدى دباباته تراجعت "عدة أمتار" إلى داخل موقع اليونيفيل. لكنه قال إن الدبابة كانت تحاول إجلاء الجنود المصابين تحت النيران. وأضاف جيش الاحتلال أنه تم إنشاء ستار دخان لتوفير الغطاء.
ووثّقت جماعات حقوق الإنسان استخدام إسرائيل للفوسفور الأبيض في لبنان على مدار العام الماضي، رغم أن استخدامه غير قانوني في المناطق المأهولة بالسكان بموجب القانون الدولي.