كشفت بيانات حديثة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" عن تغير ملموس في أنماط التصويت المُبكر للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، إذ تمكن الحزب الجمهوري من تقليص الفارق التقليدي الذي طالما تمتع به الديمقراطيون في هذا المجال، فيما أظهرت الأرقام أن أكثر من 15 مليون أمريكي أدلوا بأصواتهم بالفعل، إما من خلال التصويت المُبكر شخصيًا أو عبر البريد، في مؤشر على حماس انتخابي مبكر في السباق المحتدم بين المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترامب.
مشهد انتخابي مُتغير
وفي تحليل معمق للمشهد الانتخابي، تكشف البيانات التي جمعها مختبر الانتخابات في جامعة فلوريدا عن تحول جوهري في السلوك الانتخابي للناخبين الجمهوريين، ففي الولايات التي تسجل الانتماءات الحزبية للناخبين، يشكل الديمقراطيون 47% من إجمالي الأصوات المبكرة، بينما يمثل الجمهوريون 33% منها.
وعلى الرغم من أن هذه الأرقام تظهر تفوقًا ديمقراطيًا، إلا أنها تمثل تحسنًا ملحوظًا للجمهوريين مقارنة بانتخابات 2020، حيث كانت النسبة 52% للديمقراطيين مقابل 24% فقط للجمهوريين في نفس المرحلة من السباق الانتخابي لعام 2020.
وتزداد أهمية هذه الأرقام في الولايات المتأرجحة السبع، إذ بلغ عدد المصوتين المبكرين 5.3 مليون ناخب، ويشير البروفيسور مايكل ماكدونالد، الخبير في جامعة فلوريدا، إلى أن هذه البيانات تعكس تحولًا استراتيجيًا في كيفية إدلاء الجمهوريين بأصواتهم أكثر من كونها مؤشرًا على أداء الحزب.
ويضيف ماكدونالد أن الجمهوريين الذين صوتوا مبكرًا هم في الغالب من الناخبين المنتظمين الذين حسموا خياراتهم مسبقًا، وقرروا عدم الانتظار حتى يوم الانتخابات هذا العام.
تحول استراتيجي في المعسكر الجمهوري
في تطور لافت للنظر، تكشف الصحيفة الأمريكية عن تغير جذري في موقف الرئيس السابق دونالد ترامب من التصويت المبكر، فبعد سنوات من التشكيك في نزاهة هذا النظام، بدأ ترامب في تشجيع أنصاره على المشاركة فيه.
وتجلى هذا التحول في حملة إعلامية مُكثفة، تضمنت رسائل نصية وإعلانات رقمية ومكالمات هاتفية، وفي إحدى الرسائل النصية التي أرسلت في ولاية نورث كارولينا، حث ترامب أنصاره على التصويت المبكر، محذرًا من أن "آلاف الأصوات لصالح كامالا يتم الإدلاء بها بالفعل." وأشارت حملته إلى أن تشجيع التصويت المبكر يساعد في توفير موارد الحملة لاستهداف ناخبين آخرين، وفقًا لما أشارت وول ستريت جورنال.
نتائج متباينة في الولايات الحاسمة
وتظهر البيانات تباينًا ملحوظًا في نتائج التصويت المبكر بين الولايات المختلفة، ففي نورث كارولينا، حيث بدأ التصويت المبكر يوم الخميس، جاء التقسيم الحزبي للناخبين متعادلًا تقريبًا، في تراجع عن الميزة التي تمتع بها الديمقراطيون في 2020.
وتكتسب هذه الولاية أهمية خاصة، كونها تعتبر حاسمة لفوز ترامب، رغم الاستثمار الكبير الذي قامت به حملة هاريس فيها.
أما في جورجيا، فقد تجاوز الإقبال الكلي بعد ثمانية أيام من التصويت المبكر نظيره في 2020 بـ 500 ألف صوت، وفقًا لبيانات وزير الخارجية في الولاية.
فيما سجلت كل من نورث كارولينا وجورجيا أرقامًا قياسية في اليوم الأول من التصويت المبكر هذا العام.
التركيبة الديموغرافية والتوجهات المستقبلية
يكشف التحليل الديموغرافي للمصوتين المبكرين عن هيمنة واضحة لكبار السن، حيث يشكل الناخبون فوق 65 عامًا ما يقرب من نصف المصوتين المبكرين.
وفي المقابل، تظل مشاركة الشباب محدودة، إذ لم تتجاوز نسبة المصوتين من الفئة العمرية 18-25 عامًا 5% من إجمالي الأصوات المبكرة.
وفي مؤشر مهم على التوجهات المحتملة، كشف استطلاع حديث أجرته جامعة سوفولك بالتعاون مع صحيفة "يو إس إيه توداي"، شمل 1000 ناخب محتمل، عن تقدم كامالا هاريس على دونالد ترامب بنسبة 63% مقابل 34% بين الذين صوتوا بالفعل.
ويرى توم بونير، المحلل الاستراتيجي الديمقراطي، أن التحول في أنماط التصويت المبكر كان متوقعًا، مع عودة العديد من الديمقراطيين للتصويت شخصيًا يوم الانتخابات بعد انحسار مخاوف جائحة كوفيد-19.
ومع ذلك، يؤكد بونير وجود مؤشرات إيجابية للديمقراطيين في ولايتي ميشيجان وويسكونسن، على الرغم من عدم توفر بيانات تفصيلية عن التوزيع الحزبي للمصوتين في هاتين الولايتين الحاسمتين.