الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انتخابات واستفتاء تحديد التوجه.. مولدوفا تختار بين روسيا والغرب

  • مشاركة :
post-title
رئيسة مولدوفا مايا ساندو خلال حملتها الانتخابية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

يتوجّه الناخبون في مولدوفا، غدًا الأحد، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية واستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل لحظة فارقة في الصراع الدائر بين روسيا والغرب، بشأن مستقبل الدولة الصغيرة غير الساحلية الواقعة في جنوب شرقي أوروبا، والتي يقل عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة.

وتأمل رئيسة مولدوفا الموالية للغرب، مايا ساندو، في تعزيز أجندتها من خلال الفوز بولاية ثانية، وضمان الحصول على "نعم" في استفتاء لتأكيد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كهدف "لا رجعة فيه" في الدستور.

ومنذ تفكك الاتحاد السوفييتي، كانت مولدوفا تتأرجح بين مسارين أحدهما موالٍ للغرب والآخر لروسيا، ولكن في عهد ساندو، سارعت الدولة الفقيرة إلى تسريع جهودها للهروب من فلك موسكو، وسط الحرب في أوكرانيا المجاورة.

وانتُخِبت ساندو، المسؤولة السابقة في البنك الدولي، رئيسة لمولدوفا في نوفمبر 2020، مدعومة بموجة من الشعبية كمصلح مناهض للفساد بأجندة مؤيدة لأوروبا، وفق صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.

وتشير استطلاعات الرأي إلى فوز ساندو في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وأنّ نحو 65% يؤيدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الرئيسة الحالية قد تواجه طريقًا أكثر صعوبة إذا أُجبِرت على خوض جولة إعادة.

وتشير "ذا جارديان" إلى أنّ ساندو وحلفاءها حذروا من أنّ نتائج الانتخابات قد تتأثر بحملة تأثير واسعة النطاق لشراء الأصوات ونشر معلومات مضللة تقودها روسيا ووكلاؤها.

وحسب الصحيفة، تتهم الرئيسة وحلفاؤها، رجل الأعمال الهارب المؤيد لروسيا إيلان شور، وهو معارض صريح لعضوية الاتحاد الأوروبي، بإدارة حملة مزعزعة للاستقرار من موسكو.

ونقلت الصحيفة تصريح أولجا روسكا، مستشارة السياسة الخارجية لـ"ساندو"، قالت فيه: "روسيا تضخ ملايين الدولارات من الأموال القذرة لاختطاف عملياتنا الديمقراطية، وهذا ليس مجرد تدخل، بل هو تدخل كامل يهدف إلى زعزعة استقرار مستقبلنا.. وهو أمرٌ مثير للقلق".

وفي مؤتمر صحفي عُقِد في وقت سابق من هذا الشهر، اتهم رئيس الشرطة الوطنية فيوريل سيرناوتانو، شور وموسكو بوضع مخطط معقد لشراء الناخبين على غرار "المافيا" ورشوة 130 ألف مولدوفي، ما يقرب من 10% من نسبة المشاركة الطبيعية للناخبين، للتصويت ضد الاستفتاء، ولصالح المرشحين المؤيدين لروسيا، فيما وصفه بأنه "هجوم مباشر غير مسبوق".

وحسب "ذا جارديان"، يعتقد المسؤولون في عاصمة مولدوفا "كيشيناو" أنّ موسكو تقف وراء موجة من الهجمات التخريبية، التي سبقت الانتخابات على المباني الحكومية، ولديها خطط لإثارة الاضطرابات في الأيام التي تلي الانتخابات.

وقال سيرناوتانو، إن ضباطه اعتقلوا نحو 300 شخص زُعِم أنهم ذهبوا إلى روسيا لتلقي تدريب على كيفية كسر الحواجز التي تفرضها الشرطة، وخلق حالة من الفوضى العامة. وتلقى بعضهم تدريبات عسكرية ، بما في ذلك استخدام الطائرات بدون طيار، وتصنيع المتفجرات في البوسنة وصربيا.

ولمكافحة النفوذ الروسي، قالت السلطات في مولدوفا إنها حظرت العشرات من قنوات تليجرام وتطبيقات الدردشة الآلية المرتبطة بحملة لدفع أموال للناخبين للإدلاء بأصواتهم "لا" في استفتاء الاتحاد الأوروبي.

وفي خطوة تمثل دفعة قوية لـ"ساندو"، بدأت مولدوفا رسميًا مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في يونيو، لكن لا تزال الشكوك قائمة بشأن قدرة البلاد على تنفيذ الإصلاحات الديمقراطية والقضائية اللازمة في المستقبل القريب.

وتقع كيشيناو على بعد بضع ساعات بالسيارة من مدينة أوديسا الساحلية على البحر الأسود في أوكرانيا. وتنشر موسكو 1500 جندي في ترانسنيستريا، وهي منطقة يديرها انفصاليون موالون لروسيا انشقوا عن سيطرة حكومة مولدوفا في حرب قصيرة في تسعينيات القرن العشرين.

ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير 2022، تعمقت الأزمة المالية في مولدوفا، إذ فرّ إليها عشرات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين، ما فرض ضغوطًا هائلة على نظام الرعاية الصحية والخدمات العامة والبنية الأساسية، كما ارتفع التضخم بنسبة تصل إلى 40% مع انخفاض التجارة مع موسكو وكييف بشكل حاد.

وأدت الصعوبات المالية التي تواجهها مولدوفا إلى تحفيز المعارضين لتحول البلاد بعيدًا عن روسيا، وهم يستغلون الأزمة كفرصة للدفاع عن تجديد العلاقات مع الكرملين، وتصوير الصعوبات التي تواجهها مولدوفا باعتبارها نتيجة لسياساتها ذات الميول الغربية.

والمرشح الأكثر ترجيحًا لدفع ساندو إلى جولة ثانية محتملة، هو ألكسندر ستويانوجلو، المقرب من روسيا، والمدعي العام السابق ذو الصوت الهادئ، الذي أقالته ساندو.

في حديثه لـ"ذا جارديان"، حثّ ستويانوجلو الناس على مقاطعة الاستفتاء أو التصويت بـ "لا"، ووصفه بأنه خطوة "ساخرة" لتعزيز شعبية ساندو.

ونفى ستويانوجلو أنّه كان يعمل لصالح روسيا، لكنه رفض انتقاد الكرملين بسبب الحرب في أوكرانيا، ودعا إلى تحسين العلاقات مع موسكو، وأضاف أن "مستوى التدخل الروسي في مولدوفا مبالغ فيه إلى حد كبير".

في الوقت نفسه، يرى حلفاء ساندو أن التصويت غدًا يمثل فرصة فريدة من نوعها بالنسبة لمولدوفا لتحقيق قطيعة حاسمة مع ماضيها السوفييتي. 

وقال روسكا، مستشار الرئيس: "لدينا فرصة فريدة: فمولدوفا لديها رئيس وبرلمان وحكومة مؤيدة لأوروبا.. والاتحاد الأوروبي منفتح على عضويتنا، إذ أيّدت جميع البلدان محادثات الانضمام في يونيو الماضي.. إن بقاء مولدوفا كدولة ديمقراطية على المحك، والمخاطر الجيوسياسية أعلى من أي وقت مضى".