الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ما بين صناديق الدعم والإنتاج المشترك.. "التمويل" كلمة سر ازدهار السينما عربيا

  • مشاركة :
post-title
أبطال فيلم الحديث عن الأشجار

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

"التمويل" كلمة السر في صناعة أي عمل فني، ومن خلال إتاحة هذا العنصر تُذلل العقبات أمام العمل ويتيح لصنّاعه فرصة الإبداع وتقديم محتوى فني مميز، وبدونه يواجه العمل الفني أزمة التأجيل لحين توافر العنصر المادي، ولعل هذه الأزمة هي أكثر ما يواجه صنّاع السينما خلال تنفيذ مشروعاتهم السينمائية، ففي ظل عدم الاهتمام بصناعة السينما في بعض البلدان العربية يصبح أمام أبناء هذه البلاد مهمة البحث عن عنصر التمويل نظرًا لعدم وجود مراكز دعم للصناعة السينمائية.

يبدأ هؤلاء الصنّاع رحلة البحث عن طرق لدعم أفكارهم وأعمالهم السينمائية ماديًا ليشاركوا بها في المحافل المختلفة ويُشبعوا بها رغباتهم الفنية، وإبداعهم السينمائي، وبالتالي لا يكون أمامهم سوى طريق واحد للتقديم في المسابقات المختلفة لصناديق الدعم سواء في المهرجانات الدولية أو من خلال صناديق الدول المعروف عنها دعم المشاريع المستقلة.

النماذج التي يمكن طرحها كثيرة، ولعل أبرزها الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلا، الذي استطاع أن يُقدم فيلمه للنور من خلال الإنتاج المشترك، وحقق به إنجازات دولية كبيرة وحصل على جوائز عالمية مهمة، وجاء ذلك في ظل غياب الدعم السينمائي بدولة السودان، كذلك فيلم "حديث عن الأشجار" للمخرج السوداني صهيب الباري، وفيلم "يوم الدين" للمخرج أبو بكر شوقي وغيرها، وهذا أحد أهم ما فعلته صناديق الدعم من خلال مساعدة أبناء الدول الفقيرة سينمائيًا لخروج أفكارهم وأعمالهم للنور وتقديمها للعالم ليحققوا حلمهم.

فيلم يوم الدين
وسيلتا دعم

يرى الناقد المصري أحمد شوقي، أن هناك وسيلتين للإنتاج المشترك، ويوضح قائلًا: "هناك إنتاج مشترك على طريقة المنتج المشارك مثلما كان يفعل المخرج المصري يوسف شاهين ويموّل أفلامه من فرنسا والجزائر وغيرهما، ومثلما فعل المنتج المصري محمد حفظي بدعمه فيلمًا سودانيًا كما حدث في فيلم "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبو العلا الذي هو نفسه يقوم حاليًا بإنتاج الفيلم اليمني الذي يحمل اسم "المُرهقون" وينافس في مهرجان برلين السينمائي، وبالتالي فإن الإنتاج المشترك يكون لشخص موجود في دولة ولكنه يدعم إنتاج مشروعات من دول أخرى، وهذا هو الشكل الكلاسيكي، وهناك العديد من المنتجين حاليًا حريصون على دعم أفلام في دول يهتمون بها ثقافيًا وفنيًا.

صندوق الدعم

أما الشكل الثاني فهو الخاص بصناديق الدعم، ويقول عنه أحمد شوقي: "هذا الشكل من أشكال الدعم لا يكون له علاقة بالأشخاص، فهو عبارة عن مسابقات مطروحة للتقديم مثل مؤسسة "الدوحة" للأفلام، وقديمًا كان هناك مؤسسة "سند" في الإمارات، وحاليًا صندوق مهرجان البحر الأحمر في السعودية وغيرها، وهذه المسابقات لها طابع ثقافي والمساهمات المأخوذة منها غير مطلوب استردادها، فهم يقدمون دعمًا للمشروعات الجيدة دون تفكير في العائد المادي منها بعد طرحها في السوق التجارية، وهذه الفكرة أوروبية الطبع وتم استنساخها في المنطقة العربية.

ستموت في العشرين
تأثير عربي

يرى الناقد أحمد شوقي أن لهذه الصناديق تأثيرًا كبيرًا، وعن ذلك يقول: "ساعدت تلك الصناديق الكثير من الأفلام على الظهور للنور، ليس فقط عند الدول التي ليس بها صناعة سينما مثل السودان واليمن وغيرهما، بل أيضًا الدول الأخرى التي بها الصناعة مزدهرة، فالكثير من الأفلام تستفيد من الإنتاج المشترك وصناديق الدعم عربيًا ودوليًا.

وحول فكرة قيام دول بتقديم دعم مادي للأفلام رغم قلة إنتاجها قال: "هذا الأمر له علاقة بظروف كل دولة، وعلى سبيل المثال صندوق الدعم في السعودية ساعد في تقديم أفلام مهمة جدًا وناجحة رغم أن عمره لم يتجاوز الثلاث سنوات، وهذه المسابقات هدفها الإشعاع الثقافي والتأثير في المحيط، أما دعم السينما المحلية فله طرق أخرى".

ضرورة إنتاجية

يرى الناقد المصري طارق الشناوي أن الإنتاج المشترك أمر متاح في العالم ويساعد المُبدعين على ظهور أعمالهم للنور، ويقول: "الإنتاج المشترك أمر متاح في العالم كله حتى أمريكا، فهو واحد من معالم السينما في العالم، وعلى سبيل المثال يكون هناك فيلم إسباني يدخل في إنتاجه شركة فرنسية أو ألمانية، وهذا ليس مرتبطًا فقط بالفقر الاقتصادي بل ضرورة إنتاجية في العالم، وعندما لا يجد المخرج تمويلًا في بلده يذهب إلى التمويل الخارجي، مثل الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" فهو إنتاج أكثر من دولة منها مصر.

موقف وطني

وتابع: "أريد أن أذكر بخصوص هذا الفيلم موقفًا رائعًا من مصر، فمنذ عامين كنا نفكر في ترشيح فيلم للأوسكار، والبعض من الناحية القانونية رشّح فيلم "ستموت في العشرين" ليُمثل مصر بحكم مشاركتها في الإنتاج، ولكن تغلّب الإحساس الوطني والقومي على اللجنة وقالوا إن السودان هي الأحق به".

وحول تقديم بعض الدول دعمًا ماديًا للأفلام من خلال صناديق الدعم رغم قلة إنتاجهم الخاص بهم محليًا، يقول الناقد المصري طارق الشناوي: "الجهاز السينمائي في الدوحة مهم جدًا، والأمر بالنسبة له ليس له علاقة بالإنتاج المحلي، بل هو يقدم أفلامًا للسينما، وإذا ذهبنا إلى مهرجان "كان" نجد أفلامًا مهمة جدًا تشارك قطر في إنتاجها، وفي أى مهرجان عالمي تجدهم حاضرين، فالأمر بالنسبة لهم ينحصر في أهمية تلك الأعمال التي يدعمونها".

أبطال فيلم ستموت في العشرين