أثار العدوان الإسرائيلي الأخير على جباليا، مخاوف أممية واسعة تجاه أن يكون ذلك بداية لتنفيذ خطة أوسع نطاقًا تنتهجها إسرائيل؛ لتهجير سكان شمال قطاع غزة قسرًا.
ورأى التلفزيون الألماني "دويتشه فيله"، أن العدوان الأخير لجيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جباليا في شمال غزة كان "كارثيًا"، لا سيما في ظل معاناة السكان الذين مع القصف والصعوبات الحياتية المختلفة في شمال القطاع، على مدى ما يزيد على عامٍ كاملٍ من الحرب.
تحركات مفاجئة
واستند "دويتشه فيله" في رؤيته، لما وصفه باستراتيجية "الاستسلام أو التجويع"، إلى سلسلة من التحركات الإسرائيلية، بدأت بهجومٍ بري شنه الاحتلال قبل أسبوعين تقريبًا في مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، والمطالبة بمغادرة المنطقة مرة أخرى.
وفي سبيل تبريره هذه التحركات، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن المعلومات الاستخباراتية أظهرت جهودًا تبذلها حماس لإعادة تجميع صفوفها في المنطقة.
ويخشى الفلسطينيون والأمم المتحدة أن يكون العدوان الإسرائيلي الأخير على جباليا جزءًا من تنفيذ أوسع لاستراتيجية "الاستسلام أو التجويع" التي تنتهجها إسرائيل لتهجير سكان الشمال بالقوة، وهي الخطط التي تنفيها إسرائيل منذ بداية الحرب.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، خلال بيان: "يبدو أن الجيش الإسرائيلي يقطع شمال غزة تمامًا عن باقي القطاع".
ويقدر المكتب الأممي أن 50 ألف شخص نزحوا من جباليا خلال الأسبوعين الماضيين، بينما لا يزال آخرون عالقين في منازلهم بسبب القتال العنيف حولهم.
ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن حوالي 84% من المنطقة تخضع "لأمر إخلاء" من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وضع مرعب
وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي خريطة تظهر أوامر إخلاء جديدة في عدة مناطق من قطاع غزة، بما في ذلك بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا في شمال غزة.
وحث السكان على المغادرة فورًا باستخدام طريق صلاح الدين، وهو طريق رئيسي من الشمال إلى الجنوب، يصل بهم إلى ما يصفها جيش الاحتلال بـ"المنطقة الإنسانية" المحددة، وهي منطقة مكتظة تفتقر إلى الخدمات الأساسية في جنوب غزة، وتستهدفها إسرائيل بين الحين والآخر.
وقال فارس عفانة، رئيس خدمات الإسعاف في شمال غزة: "الاقتراب من هذه المناطق يشكل خطرًا كبيرًا على سلامة المسعفين والدفاع المدني.. هناك أعداد كبيرة من الجرحى، وجثث الشهداء متناثرة في الشوارع".
ويقدر المكتب الأممي، أن ما لا يقل عن 400 ألف شخص ما زالوا في شمال غزة، بما في ذلك مدينة غزة، أكبر مدينة في القطاع، ويرجح أن "أولئك الذين بقوا في شمال غزة، رغم أوامر الإخلاء المتكررة على مدى العام الماضي، فعلوا ذلك لأسباب متنوعة.
وعزا بقاءهم إلى اعتنائهم بأقارب مسنين ومرضى غير قادرين على مغادرة شمال غزة، أو رفضهم الخروج من ديارهم، أو عدم اطمئنانهم للذهاب إلى أي مكان تحت التهديد المستمر من الغارات الجوية الإسرائيلية.