الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أشعل غضبا بالولايات المتحدة.. كامل جواد أمريكي قتلته أسلحة بلاده في لبنان

  • مشاركة :
post-title
الشهيد كامل أحمد جواد

القاهرة الإخبارية - ياسمين يوسف

عندما بدأ الاحتلال الإسرائيلي في شن الغارات الجوية على جنوب لبنان، لم تكن الرغبة الأولى لكامل أحمد جواد هي البحث عن الأمان أو العودة إلى الولايات المتحدة، ولكنه اختار التطوع في مستشفى لمساعدة أولئك الذين لم يتمكنوا من الفرار.

في الأول من أكتوبر، استُشهد "جواد"، وهو مواطن أمريكي يبلغ من العمر 56 عامًا وأب لأربعة أطفال ويقيم في ديربورن بولاية ميشيجان، في غارة جوية إسرائيلية، راسمًا ملامح مأساة جديدة تشهد على مخاوف من امتداد الصراع إلى المنطقة الأوسع نطاقًا مع توسيع جيش الاحتلال لهجومه.

وكتبت ابنته نادين جواد على منصة التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "نحن فخورون بتضحية والدي، ففي أيامه الأخيرة، اختار البقاء بالقرب من المستشفى الرئيسي في النبطية لمساعدة كبار السن والمعاقين والمصابين وأولئك الذين لم يتمكنوا من تحمل تكاليف الفرار ماليًا".

وأضافت: "لقد كان بمثابة الوصي عليهم، ووفر لهم الطعام والفراش وغير ذلك من وسائل الراحة، وسدد ديونهم دون الكشف عن هويته.. كنت أسأله كثيرًا عمّا إذا كان خائفًا، وكان يخبرني مرارًا وتكرارًا بأنه لا ينبغي لنا أن نخاف؛ لأنه يفعل ما يحبه أكثر من أي شيء آخر".

وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بوقوع غارات جوية إسرائيلية في النبطية، مسقط رأس جواد حيث قُتل، وتواصلت شبكة CNN مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي زعم أنه لا يستطيع التعليق دون إعطائه الإحداثيات الدقيقة ووقت الضربة التي قتلت جواد.

وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، ضربت إسرائيل لبنان بحملة جوية غير مسبوقة؛ مما أسفر عن استشهاد أكثر من 1400 شخص وإصابة ما يقرب من 7500 آخرين وتشريد أكثر من مليون شخص من منازلهم.

ووفقًا لمجموعة مراقبة الصراعات "Airwars"، يمثل القصف، الذي تدعي إسرائيل أنه يستهدف معاقل حزب الله في البلاد، الحملة الجوية الأكثر كثافة في العالم خارج قطاع غزة في العقدين الماضيين.

واتهم المسؤولون اللبنانيون إسرائيل بقصف المناطق المدنية المأهولة بالسكان بشكل عشوائي، بما في ذلك العاصمة بيروت، ووجدت فرق شبكة CNN في بيروت هذا الأسبوع أن العديد من الضربات الإسرائيلية حدثت دون سابق إنذار.

وبالنسبة لجواد، كان الناس هم الأكثر أهمية، إذ كتبت ابنته: "في لحظاته الأخيرة، كان والدي هادئًا، وأكد على مسؤوليتنا الجماعية لمساعدة المظلومين، حتى عندما شهد الدمار الناجم عن الصواريخ التي سقطت حوله، ظل يقينه في أهمية رعاية المجتمع بأي شكل ممكن قائمًا".

وأشعل استشهاد جواد فيضًا من الحب والذكريات الجميلة في ديربورن، موطن أكبر مجتمعين أمريكيين ولبنانيين في الولايات المتحدة، وفي الأيام التي تلت رحيله، نشر الأصدقاء والعائلة وأفراد المجتمع والمسؤولون المحليون تحياتهم عبر شبكات الإنترنت للرجل الذي يقولون إنه كان محبوبًا لإيثاره وتفانيه للمجتمعين الأمريكي واللبناني، ويتذكره الكثيرون كشخص طيب وكريم لم يكن يحب إثارة ضجة حول أعماله الصالحة.

وقال أصدقاؤه إنه كان معروفًا بتوفير المال كل عام للعودة إلى لبنان ومساعدة الناس وإطعامهم وسداد ديون الغرباء دون أن يعرفوا أبدًا هويته، كما كان جواد أيضًا مؤسسًا لمنظمة "إغاثة الشتات اللبناني" غير الربحية، والتي توفر للأسر المحتاجة في لبنان الطعام والإمدادات الطبية.

وكانت النائبتان الأمريكيتان، رشيدة طليب وديبي دينجل من ميشيجان، من بين العديد من الأشخاص الذين أشادوا بجواد وعائلته.

وذكر حمزة رضا، صديق جواد، على "فيسبوك": "هناك بعض الأشخاص في هذا العالم الذين عندما تقابلهم، ترى فيهم الإخلاص.. كان شخصًا يحب الناس ويحب مساعدتهم".

وتابع رضا: "نحييه على رحيله من هذا العالم شهيدًا، ومع ذلك فإننا نشعر بالحزن على الإنسانية.. نشعر بالحزن إزاء الممارسات القمعية لدولة الاحتلال.. نشعر بالحزن لأن أمريكيًا قُتل على يد إسرائيل بأسلحة أعطتها لها حكومته".

وقال "دباجة"، وهو صديق مقرب لعائلة جواد "إن مجتمع ديربورن في حداد جماعي إثر مقتله"، مضيفًا أن "كل شخص قتلته إسرائيل منذ 7 أكتوبر تؤدي وفاته إلى نفس القدر من الألم للمجتمع".

ومع حزنهم يأتي الغضب واليأس والشعور بأن قادة الولايات المتحدة لا يستمعون إلى توسلاتهم لإنهاء العنف الذي أودى بحياة العديد من الأحباء. وقال "دباجة": "نحن لا نحتاج فقط إلى كلمات ناعمة وكلمات دبلوماسية. نحن بحاجة إلى العمل، وتغيير السياسة لتكن ضد التمويل الأجنبي للحروب".