تواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي مفترق طرق كبير، بسبب الحرب على قطاع غزة، حيث من المنتظر أن تجد نفسها أمام سيناريوهات متعددة الأوجه، سيعاد من خلالها تشكيل مستقبلها الاقتصادي في الأساس، ثم بالتبعية موقفها العسكري والجيوسياسي.
وتخوض إسرائيل حربًا كبيرة مدمرة على قطاع غزة منذ 10 أشهر، وحتى الآن فشلت في تحقيق الهدفين الرئيسيين المتمثلين في تحرير المحتجزين والقضاء على حماس، وخلفت بدلًا من ذلك دمارًا هائلًا للبنية التحتية في القطاع، واستشهاد أكثر من 40 ألف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء، بجانب ما يصل إلى 95 ألف مُصاب.
ورسمت ورقة بحثية نشرها معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل 3 سيناريوهات، تكشف من خلالها تداعيات استمرار الحرب على اقتصاد دولة الاحتلال، حيث يعكس كل منها خيارات استراتيجية مختلفة وتأثيراتها المقابلة على المعايير الاقتصادية الرئيسية.
عجز وتآكل
ويكمن السيناريو الأول في احتمالية استمرار الوضع الراهن ومواصلة إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة، إلى جانب اشتباكات محدودة على الجبهة الشمالية، حيث من المنتظر أن يتسبب ذلك في معدل نمو أدنى من المتوقع وقد يبلغ حوالي 1% للعام 2024.
ذلك الانخفاض، سيؤثر بالسلب على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يرتفع عجز الميزانية إلى 8%، وقد تصل نسبة الدين إلى 70%، وسيؤدي إلى تآكل مكانة إسرائيل الدولية، بجانب انخفاض الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في قطاع التكنولوجيا الفائقة، وتكثيف التوترات الاجتماعية والسياسية الداخلية، كل ذلك من شأنه أن يؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي.
سيناريو التصعيد
أما السيناريو الثاني، بحسب مركز مدار الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، فيتحدث عن احتمالية نشوب صراع حاد مع حزب الله على الجبهة الشمالية، مع احتمالية امتداده إلى حرب إقليمية أوسع تشمل جبهات متعددة، وهو الأمر الذي ستكون تداعياته الاقتصادية أشد تصعيدًا.
وفق ذلك الأمر، يمكن أن ينكمش الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 10% في العام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع عجز الموازنة إلى ما يقرب من 15%، مع ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80% حتى 85%، مما يعقد قدرة إسرائيل على زيادة رأس المال، وستكون العواقب طويلة الأجل متشابهة مع التداعيات الاقتصادية للانتفاضة الفلسطينية الثانية.
المحتجزون والانسحاب
يجلب السيناريو الثالث تصورًا أقل حدة للاقتصاد الإسرائيلي، حيث يتوقع وجود اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين ووقف الحرب في قطاع غزة، وهو بدوره سيؤدي إلى انسحاب جيش الاحتلال، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض مؤقت في النفقات العسكرية وتحسن طفيف في عجز الميزانية ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وتوقعت الورقة البحثية أن يعود الاستقرار تدريجيًا مع معدل نمو محتمل 4.6% في العام 2025، للناتج المحلي الإجمالي، ولكن تلك الترجيحات تظل رهينة لوجود حل سلمي تعود معه ثقة المستثمرين، إلا أنه في النهاية سيظل التصور الدائم لإسرائيل كبيئة أقل أمنًا مما كانت عليه قبل الحرب، وسيكون له تداعيات اقتصادية مستقبلية.