عانى الفلسطينيون لسنوات طويلة، لكن عام 2022 كان من أكثر الأعوام صعوبة في حياتهم، إذ شهدت المناطق المحتلة تفشي عنف المستوطنين الإسرائيليين، واستخدام القوة المفرطة من قبل جنود الاحتلال، ما تمثل في حملات المداهمة والاعتقال والقتل الممنهج، وهدم البيوت ومصادرة الأراضي، وكذلك استهداف المزارعين والصيادين وحرمانهم من حقوقهم، فضلًا عن الاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى وتدنيسه، وغيرها من الانتهاكات الإنسانية التي جعلت حياة الفلسطينيين أكثر تعقيدًا.
اعتداءات مستمرة
طوال عام 2022، توالت ردود الفعل الدولية المنددة بجرائم إسرائيل وانتهاكها للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ووصفه خبراء أمميون بأنه العام "الأكثر دموية" في المنطقة، إذ استشهد ما لا يقل عن 227 فلسطينيًا في الضفة الغربية المحتلة على أيدي قوات الاحتلال هذا العام، من بينهم أطفال، بالإضافة إلى الاعتداءات المستمرة من قبل المستوطنين، وفقًا لتقديرات وكالات الأنباء الرسمية الفلسطينية.
وكان تور وينسلاند، المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، أعرب قبل أيام عن قلقه البالغ إزاء عمليات العنف المرتفعة التي شهدها عام 2022 في مدن القدس والضفة الغربية المحتلة، وشدد على عدم استهداف الأطفال الأبرياء وإقحامهم في الصراع، مؤكدًا أن استهداف مئات الفلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال دون ضلوعهم في أي عمليات عدائية، أمر مثير للقلق.
شرعنة الاستيطان
تتطلع الحكومة الإسرائيلية المُقبلة، بقيادة بنيامين نتنياهو، ـ استمرارًا للممارسات الإسرائيليةـ إلى "شرعنة البؤر الاستيطانية" في الضفة الغربية المحتلة، ضمن اتفاقية نتنياهو زعيم حزب "الليكود" الحاكم، وإيتمار بن جفير، قائد حزب "عوتسما يهوديت" المتطرف، الذي يستمد أفكاره من حركة "كاخ" الصهيونية التي نادت بطرد العرب من أرضهم وضم الضفة المحتلة بأكملها، ويعطي الاتفاق صلاحيات واسعة للحزب بـ"تبييض" 60 بؤرة استيطانية من الخليل وحتى المناطق الشمالية بالضفة الغربية، تطبيقًا لقانون تبييض البؤر الاستيطانية، الذي يتيح للمستوطنين البناء على أراضٍ فلسطينية خاصة.
وعلى خلفية مقترحات خطة الضم الإسرائيلية غير القانونية لأجزاء من الضفة الغربية، ضاعف الاحتلال عدد الوحدات السكنية الاستيطانية في القدس الشرقية من 900 وحدة في العام السابق إلى 3100، وهدمت ودمرت سلطات الاحتلال 1085 مبنى في فلسطين، بالإضافة إلى تدمير العديد من مواقع البنى التحتية التي تخدم الفلسطينيين من طرق وشبكات المياه والصرف الصحي وأماكن ترفيهية، حسبما ذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
الوضع في غزة
وفيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، لا يزال الهدوء يخيم على القطاع حتى الآن، بعد أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ بين الاحتلال وحركة "الجهاد الإسلامي"، في أعقاب عملية "الفجر الصادق" التي أطلقها جيش الاحتلال ضد الحركة، بقطاع غزة وأسفرت عن مقتل بسام العدي، وهو قيادي كبير بالحركة، بالإضافة إلى استشهاد 48 فلسطينيًا بينهم 16 طفلًا و4 سيدات، وإصابة 360 آخرين بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية.
على خلفية المداهمات التي يشنها الاحتلال في قرى وبلدات المدن الفلسطينية، بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي نحو 4760 أسيرًا، حتى شهر أكتوبر الماضي، من بينهم 33 أسيرة، و160 قاصرًا، و820 معتقلًا إداريًّا من بينهم ثلاث أسيرات، وأربعة أطفال، جميعهم يعيشون حياة غير آدمية، ويعاملهم الاحتلال بوحشية ممنهجة، فضلًا عن سياسة القتل الطبي المتعمد الذي تنتهجها إدارة السجون التي كشفتها "الحركة الأسيرة" في الفترة الأخيرة.
فلسطينيون في سجون الاحتلال
قال حسن عبد ربه، الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، لـ"القاهرة الإخبارية": إن حالة الغليان التي تعتري السجون الإسرائيلية بعد استشهاد ناصر أبو حميد، بسبب الإهمال الطبي المتعمد بها، التي دفعت الفلسطينيين للإضراب الشامل لمدة ثلاثة أيام، في محاولة للتعبير عن غضبهم وسخطهم على سياسة "القتل البطيء" التي تعتمدها مصلحة سجون الاحتلال تجاه الأسرى، خاصة المرضى منهم، ملوحًا بأن السجون الإسرائيلية ستشهد في الفترة المقبلة مرحلة أكثر قسوة، ولن تقتصر تداعياتها فقط داخل نطاق السجون، بل سترتد إلى جميع الأراضي الفلسطينية.
اقتحامات الأقصى
تزايدت الاقتحامات التي شهدها المسجد الأقصى، خلال العام الجاري، من قبل المستوطنين، التي نادت بها جماعات الهيكل المزعوم، على رأسهم "إيتمار بن جفير" أحد أقطاب التطرف في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، الذي تبنى الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى المبارك، وحرض المستوطنين على الاعتداء على الشعب الفلسطيني ومقدساته، وتمثلت تلك الانتهاكات في حرق المصاحف وإلقائها بالقمامة.