تزامنًا مع انهماكها في حرب متعددة الجبهات، وصراعاتها الاجتماعية، ومشكلاتها الاستراتيجية المتراكمة داخليًا وخارجيًا، تستمر حالة الجمود السياسي في إسرائيل، رغم فوز بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الذي عاد مجددًا إلى السلطة، في ضوء انسداد آفاق التوصل لتشكيل حكومة مستقرة بإمكانها إنهاء الأزمة الممتدة منذ سنوات، وحتى هذه اللحظة، تُنذر الأوضاع المتدهورة بين الأحزاب الإسرائيلية المتصارعة بفشل الحكومة الإسرائيلية قبل تنصيبها.
جولات ماراثونية
تتجه أنظار العالم إلى العرض النهائي للكنيست الإسرائيلي المكتظ بأقطاب اليمين المتطرف، وبينما يقول نتنياهو إنه لا يزال يمسك بخيوط اللعبة، تؤكد وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الائتلاف المرتقب يواجه أزمة طاحنة، والصراع على المناصب وصل لذروته، فبعد جولات ماراثونية صعبة بين زعيم حزب "الليكود" وشركائه من أقصى اليمين التي انتهت بحصولهم على حقيبة الأمن، والأمن الداخلي، والنقب والجليل، وغيرها من المناصب الأخرى، تمرد كبار مسؤولي حزب "الليكود" على زعيمهم، باعتبار أنه رضخ لمطالب شركائه وتنازل لهم عن المناصب الحساسة ولم يترك لحزبه سوى الفتات.
وقبل أيام من انتهاء المهلة الممنوحة لنتنياهو كي ينتهي من تشكيل حكومته، يقاتل الجميع على منصب "وزير الخارجية" و"رئاسة الكنيست" الذي لم يحدد نتنياهو الفائز بهما بعد، من بينهم "دودي أمسالم"، الذي هدد بالانفصال عن كتلته في الكنيست الإسرائيلي إذا لم يتول رئاسة الكنيست، و"يسرائيل كاتس"، و"ديفيد بيتان"، و"داني دانون" الذي انضم إليهم أخيرًا، جميعهم يساومون نتنياهو على المنصب نفسه في مقابل البقاء بحكومته، الأمر الذي قد يتسبب في تراجع معسكر نتنياهو وتعادله مع معسكر اليسار الذي يرأسه يائير لابيد، رئيس وزراء إسرائيل المنتهية ولايته، ورئيس حزب "ييش عتيد".
خطوط حمراء
وتواجه حكومة نتنياهو الكثير من المعضلات حتى قبل أن تتسلم مهامها، من بينها مطالب اليهود المتشددين "الحريديم" الذين تسببوا في قلب المجتمع الإسرائيلي بعد أن اشترطوا تدريس "التلمود" في المدارس العلمانية، وهو كتاب يعتبره اليهود التقليديين موحى به، بالإضافة إلى فصل النساء عن الرجال في الشواطئ ومناطق التنزه، والتراجع عن تدنيس قدسية "السبت" من خلال التوقف عن إنتاج الكهرباء وتخفيف الأنشطة التجارية، هذا إلى جانب سطوة أقطاب اليمين المتشدد الذي يتبنى أفكار حزب "كاخ" المتشدد الذي دعا لطرد العرب من فلسطين وضم الضفة الغربية المحتلة.
وبعد أن كانت الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل فتاتها المدللة، أعربت علنًا عن استيائها من حكومة نتنياهو المدانة إرهابيًا ووضعت لها خطوطًا حمراء قبل الشروع في تنفيذ مخططاتها الإرهابية التي ستقلب الأوضاع رأسًا على عقب، والتي تتمثل في توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.