بينما تقود الولايات المتحدة جهودًا دولية لإقناع إيران بعدم توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل، ردًا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس أثناء وجوده في طهران، وضعت دولة الاحتلال جيشها في حالة تأهب قصوى، وتعمل على تعزيز بنيتها التحتية الحيوية.
جهود دبلوماسية حثيثة
وتبذل واشنطن جهودًا دبلوماسية حثيثة؛ من أجل إقناع طهران بالنظر إلى وقف إطلاق النار في غزة باعتباره بديلًا للرد الانتقامي، أو على الأقل الاكتفاء برد لا يجر المنطقة إلى حرب أوسع نطاقًا.
وقال البيت الأبيض، إن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحدث أمس الاثنين، إلى زعماء فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة لمناقشة تهدئة التوتر في الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار في غزة، ومطالبة إيران بالتراجع عن مهاجمة إسرائيل، بحسب "رويترز".
وقال زعماء الدول الخمس في بيان مشترك أصدره البيت الأبيض، الاثنين: "دعونا إيران إلى التوقف عن تهديداتها المستمرة بشن هجوم عسكري على إسرائيل وناقشنا العواقب الوخيمة على الأمن في المنطقة في حالة وقوع مثل هذا الهجوم".
وقال زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان مشترك نشرته الحكومة البريطانية، أمس الاثنين، إنهم يدعون إيران وحلفاءها للإحجام عن شن هجمات على إسرائيل من شأنها أن تصعد التوتر وتعرض فرص التوصل لوقف لإطلاق النار وتحرير المحتجزين للخطر.
وصرح جيف فليك، السفير الأمريكي لدى تركيا، بأن الولايات المتحدة تطلب من أنقرة وحلفاء آخرين لهم علاقات مع إيران إقناعها بخفض التوترات في الشرق الأوسط.
وتزايد خطر نشوب حرب أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط بعد مقتل هنية في إيران والقائد العسكري في جماعة حزب الله اللبنانية فؤاد شكر في بيروت، مما دعا طهران إلى التوعد بالانتقام.
واتخذت إيران خطوات تحضيرية كبيرة في أنظمة الصواريخ والطائرات بدون طيار مماثلة لتلك التي اتخذتها قبل الهجوم على إسرائيل في أبريل، حسبما قال كبار المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، بحسب موقع "أكسيوس".
حالة التأهب القصوى
وأعلنت إسرائيل عن حالة التأهب القصوى لجيشها لأول مرة هذا الشهر بعد ملاحظة استعدادات إيران وحزب الله لتنفيذ هجمات، وفقًا لما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن مصدر، قال إن "إسرائيل لا تعرف ما إذا كانت الهجمات وشيكة وتتحرك بحذر".
وأمس الاثنين، وافق رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، على الخطط العسكرية، وقال إن الاستعدادات الهجومية والدفاعية جارية.
وفي سياقٍ متصلٍ، قال وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي، يوآف جالانت: "نحن في أيام اليقظة والاستعداد". وأضاف: "قد تتحقق التهديدات من طهران وبيروت ومن المهم أن نشرح للجميع أن الاستعداد واليقظة ليست مرادفات للخوف والذعر".
وقال مسؤول أمريكي إن الولايات المتحدة شاركت معلومات استخباراتية جمعتها بشأن تغيير مواقع القوات الإيرانية، حسبما ذكرته "وول ستريت جورنال". لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إن تحديد تحركات الأصول العسكرية لا يوفر معلومات كافية لتحديد توقيت الهجوم المحتمل.
من جانبه، قال المُتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، أمس الاثنين، إن الولايات المتحدة استعدت لهجمات كبيرة قد تشنها إيران أو وكلاؤها في الشرق الأوسط هذا الأسبوع.
وفي حين لم تقدّم إيران أو حزب الله أي إشارة إلى المكان الذي قد يختاران استهدافه إذا نفذا "هجومًا مباشرًا"، فقد ركزت إسرائيل دفاعيًا على "البنية التحتية الحيوية والاتصالات".
وفي الداخل الإسرائيلي، جهز رؤساء البلديات أجهزة الإنذار التي تعمل بالبطاريات، وكذلك هواتف تعمل بالأقمار الصناعية، حيث تعمل إسرائيل على تنويع وتعزيز بنيتها التحتية الحيوية، وفق ما نقله تقرير لوكالة "بلومبرج" الأمريكية.
وتستعد سُلطات الاحتلال للضربة الإيرانية، من خلال تخزين الوقود البديل لمحطات الطاقة في حالة انقطاع الإمدادات المنتظمة، بحسب الوكالة.
ونقلت الوكالة عن تامار فيكلر، نائبة رئيس العمليات والخدمات اللوجستية والأمن في شركة كهرباء إسرائيل، أكبر مورد للطاقة الكهربائية في البلاد: "اشترينا كميات لا حصر لها".
وحتى انقطاع التيار الكهربائي لفترة قصيرة قد يجعل من الصعب على الجمهور الإسرائيلي متابعة الأحداث، وقد دفع هذا سُلطات الاحتلال إلى تركيب مولدات ديزل احتياطية أو بطاريات ليثيوم في أكثر من نصف أبراج الهاتف المحمول في شمال إسرائيل، بما في ذلك في مدينة حيفا الساحلية.
وفي تل أبيب، تم توصيل عشرات الأبراج بمولدات الشركات أو المرافق البلدية القريبة. وأكدت إنبال مشاش، المديرة العامة لوزارة الاتصالات: "أن الهيئة تحاول تمديد عمليات الهاتف المحمول إلى ما يصل إلى 24 ساعة بعد انقطاع التيار الكهربائي، ارتفاعا من ساعتين عادة".
وكإجراء احتياطي، تم تزويد الوزراء ومسؤولي المدينة ومنسقي الطوارئ بهواتف الأقمار الصناعية. وقالت مشاش إن شبكة "ستارلينك" التابعة لشركة "سبيس أكس"، ستكون متاحة قريبًا لتمكين الاتصال بالإنترنت في البلديات.
ومنذ بدء العدوان المتواصل على غزة في 7 أكتوبر الماضي، لم يضطر الإسرائيليون عادة إلى قضاء سوى بضع دقائق في غرف محصنة أو ملاجئ عامة، بينما أسقطت الدفاعات الجوية للاحتلال معظم الصواريخ التي أطلقت من غزة أو لبنان.
ولكن في حال وقوع هجوم عنيف ومستمر من إيران أو وكلائها، قد تحتاج هذه الدفاعات إلى التركيز على حماية المنشآت الاستراتيجية، مما يجعل المدنيين يعتمدون بشكل متزايد على الملاجئ، التي يمكن لجدرانها السميكة أن تحد من إشارات الهاتف المحمول العادية، حسبما أشارت بلومبرج. وقالت مشاش إن بعض البلديات جعلت الاتصالات اللاسلكية متاحة في الملاجئ.