فيما عزز الرئيس السابق دونالد ترامب دعم الحزب الجمهوري في أعقاب محاولة اغتياله، وخطت نائبة الرئيس كامالا هاريس خطوة سلسة نحو ترشيح الحزب الديمقراطي بعد أن انسحب الرئيس جو بايدن، يحاول المرشح المستقل روبرت كينيدي الابن أن يجد موطئ قدم في نوفمبر المقبل. رغم أن عددًا من أفعاله لا تعكس تلك الرغبة.
وبدلاً من خوض حملة انتخابية، أو السعي للتقدم في استطلاعات الرأي، ألغى المرشح المستقل العديد من فعاليات حملته، وناقش الانسحاب من السباق ودعم ترامب، ثم دعا إلى اختيار نفسه كمرشح ديمقراطي ليحل محل بايدن.
أيضًا، بدلاً من إطلاق حملة جمع تبرعات كبيرة، يواصل كينيدي الابن الاعتماد على زميلته في الترشح، نيكول شانهان، وشكل لجنة مشتركة لجمع التبرعات مع الحزب الليبرالي.
مع هذا، فإن كينيدي، الذي كان يُنظر إليه ذات يوم باعتباره مُخربًا للسباق الرئاسي، لا يزال يشكل تهديدًا، إذا استطاع أن يتواجد في عدد قليل من الولايات الرئيسية، في سباق رئاسي متقارب.
عثرات كبيرة
تعاني حملة كينيدي الابن من صعوبات مالية، وتحمل ديونًا بقيمة 3 ملايين دولار، وفقًا لأحدث إفصاحاتها المالية.
ووفق صحيفة "بوليتيكو"، أنفق كينيدي أموالاً أكثر مما جمعه في الأشهر الأربعة المتتالية الماضية في السباق، باستثناء المساهمات ذاتية التمويل من "شانهان".
وفي محاولة جديدة لجمع الأموال، أنشأ كينيدي لجنة مشتركة لجمع الأموال مع الحزب الليبرالي، وفقًا لبيان صحفي للحملة. ومن شأن ذلك أن يسمح لكل من كينيدي والليبراليين بجمع المزيد من الأموال من المتبرعين الأفراد، مما قد يساعد في حل مشاكل الحملة المالية.
لكن الخطة قوبلت على الفور بمقاومة من داخل صفوف الحزب على أساس أنها تنتهك لوائحه.
كما ألغى كينيدي سلسلة من الفعاليات الانتخابية في الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك مؤتمر صحفي في نادي الصحافة الوطني في واشنطن، ومقابلة مباشرة مع الجمهور في CNN-POLITICO Grill خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، وزيارة مزرعة في ويسكونسن.
وكان آخر تجمع انتخابي له في 19 مايو في دنفر بولاية كولورادو، على الرغم من أنه حصل على فترات للتحدث في المؤتمرات ومع مضيفين آخرين في هذه الأثناء.
أما الحدث التالي في جدول أعماله العام هو حفل استقبال خاص وخطاب في مؤتمر "بيتكوين" في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
ولتعزيز قدرته على البقاء، أصدر فريق كينيدي الابن أرقام استطلاعات رأي داخلية جديدة، يوم الأحد، أظهرت أداءه الجيد في مواجهة وجهًا لوجه ضد ترامب.
وقال لاري شارب، المستشار السياسي للحزب الثالث، والذي يعمل مع لجنة العمل السياسي المستقلة التي تدعم السليل السياسي: "إن كينيدي لن ينسحب بأي حال من الأحوال، هذا لن يحدث".
تنقل "بوليتيكو" عن كريستوفر ثراشر، المحامي المتخصص في الوصول إلى بطاقات الاقتراع والمستشار السياسي الذي قدم المشورة للعديد من الحملات المستقلة وحملات الأحزاب الثالثة: "قد يظن المرء أن أي منافس مستقل أو مرشح حزب ثالث ثري ومعروف كان ينبغي أن يكون قادرًا على اكتساب بعض الزخم".
لكن على العكس، يشير ثراشر إلى أنه "يبدو الأمر وكأن حملة كينيدي تراجعت إلى الوراء خلال التغطية التي أعقبت المناظرة".
وبعيدًا عن محاولة الاستفادة من لحظة الاضطراب، اضطر كينيدي إلى إصدار بيان على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، الأسبوع الماضي، لنفي انسحابه من السباق؛ وذلك بعد أن عقد اجتماعًا خاصًا في ميلووكي مع ترامب لمناقشة الانسحاب.
ورسميًا، تواصل حملته الإصرار على أنه "يتقدم"، وفق ما جاء في رسالة بريد إلكتروني إلى أنصاره، صباح الثلاثاء الماضي.
صفقة ترامب
جاءت التفاصيل الجديدة حول اجتماع ترامب وكينيدي الابن، الذي تم ترتيبه من قبل الصحفي الشهير تاكر كارلسون، تشير إلى أن كينيدي كان يفكر في تعليق حملته مقابل وظيفة محتملة في إدارة ترامب الثانية.
وقد ناقش الاثنان إمكانية الحصول على وظيفة مرتبطة بالصحة، مقابل دعم سليل العائلة السياسية، وفقًا لشخص مطلع على الاجتماع نقلت عنه صحيفة "واشنطن بوست".
وقال المصدر المطلع على المحادثة إن المنصب الذي كان مطروحًا لكينيدي لم يكن محددًا بعد "لكن الفكرة انهارت"، وفق تعبيره.
ووفق بن برادوك، المعلق المقرب من الحملة "كان هناك توقع واسع النطاق في معسكر كينيدي بأن ترامب سيبرم الصفقة، ولهذا السبب بقي في ميلووكي لعدة أيام".
وقال لـ "بوليتيكو": ربما قررت حملة ترامب أنه من الأفضل لكينيدي البقاء لاستنزاف الأصوات من بايدن.
قبل الاجتماع الشخصي في ميلووكي، أجرى ترامب وكينيدي محادثة هاتفية يوم الأحد. وفي مقطع فيديو مسرب يكشف جزءًا من تلك المحادثة، أعرب ترامب عن مخاوفه بشأن الآثار الجانبية للقاحات الأطفال، وهي منطقة برز فيها كينيدي قبل ترشحه للرئاسة العام الماضي.
وفي الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها ترامب وكينيدي بشأن فرصة عمل محتملة.
فقد دارت بين المرشحين الرئاسيين المحتملين مناقشة مماثلة خلال الفترة الانتقالية في برج ترامب في عام 2017. وبعد الاجتماع، أخبر كينيدي مجلة "ساينس" أنه كان قيد النظر للإشراف على لجنة مراجعة سلامة اللقاحات. ونفى متحدث باسم ترامب -في ذلك الوقت- اتخاذ أي قرارات.
وتشير "بوليتيكو" إلى أنه "رغم أن كينيدي لم يتمكن في نهاية المطاف من تأمين عرض عمل، فقد أدى ذلك إلى نجاح فريق ترامب في التوسط في عقد اجتماع بين رئيس المعاهد الوطنية للصحة -آنذاك- أنتوني فاوتشي وكينيدي".