الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أرقام خاطئة ومعلومات مضللة.. زلات ترامب في 93 دقيقة

  • مشاركة :
post-title
مؤتمر الحزب الجمهور في ميلووكي

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

وسط الحماس الشديد الذي اعتراه وحشود مؤيديه، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال كلمته التي استمرت 93 دقيقة، وأعلن فيها قبوله ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل، لخلط الكثير من الظنون بالحقائق، إذ ذكر عددًا من المعلومات المغلوطة والعبارات المضللة، التي قصد بها كسب الحماس في مواجهة الديمقراطيين ومرشحهم الرئيس الحالي جو بايدن.

وربما لم يكن الرئيس السابق يخطط للحديث عن تزوير الانتخابات، والذي يُعّد أحد موضوعاته المفضلة، لكنه اكتفى بأن يرتجل سطرًا ينتقد فيه "المعارضين المجهولين"، من خلال وصفهم بأنهم "أقل شراسة بكثير، إلا عندما يتعلق الأمر بالغش في الانتخابات واثنين من الأشياء الأخرى".

ثم، وسط تصفيق الحضور، عاد ليكرر "إنهم شرسون".

أيضًا، انحرف ترامب عن تصريحاته المُعدَّة مسبقًا، وبدأ الحديث عن رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي (ديمقراطية من كاليفورنيا)، التي كانت ترأس المجلس عندما تمت إجراءات عزله في عامي 2019 و2021.

وقال ترامب إن ابنيّه إريك ودونالد ترامب الابن "تم استدعاؤهما أكثر من أي شخص آخر على الأرجح في تاريخ الولايات المتحدة".

وأضاف ساخرًا: "كل أسبوع، يحصلون على استدعاء جديد من الديمقراطيين.. نانسي بيلوسي المجنونة.. الأمر برمته، مجرد فرقعة لا أكثر".

وتابع: "يتعين عليهم -الديمقراطيين- أن يتوقفوا عن ذلك، لأنهم يدمرون بلدنا.. يتعين علينا أن نعمل على جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".

وأكد للحشود: "لقد هزمناهم جميعًا.. لقد هزمناهم في محاكمة العزل، لقد هزمناهم في لوائح الاتهام.. لقد هزمناهم".

أرقام خاطئة

خلال خطابه، أشار ترامب إلى التغييرات الانتخابية التي تم إجراؤها أثناء جائحة كوفيد، لتسهيل التصويت بالبريد أو الغيابي، إذ كان التجمع في مراكز الاقتراع يشكل خطرًا على الصحة العامة، لافتًا إلى تبني الديمقراطيين هذه التغييرات.

وقال: "نتيجة الانتخابات -يقصد هزيمته أمام بايدن- لن نسمح بحدوثها مرة أخرى.. لقد استخدموا كوفيد للغش".

وبينما صوّت العديد من الناخبين بالبريد، انتقد ترامب هذه الطريقة، رغم أنه لا يوجد دليل على أن هذه التغييرات تؤدي إلى الاحتيال.

ولم تظهر أية أدلة على تلاعب الديمقراطيين ببطاقات أو نتائج الاقتراع، على الرغم من رفع ترامب وحلفائه أكثر من 50 دعوى قضائية تهدف إلى الطعن في بعض جوانب انتخابات 2020.

وقد تم رفض هذه الدعاوى جميعها أو تسويتها أو سحبها، بما في ذلك العديد منها التي وصلت إلى المحكمة العليا.

أيضًا، ادعى ترامب أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في عهد خلفه ومنافسه جو بايدن، قائلًا: "إنها ليست في المتناول؛ فالناس لا يستطيعون العيش بهذه الطريقة".

وأضاف: "في ظل هذه الإدارة، إدارتنا الحالية، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 57%، وارتفعت أسعار البنزين بنسبة 60% و70%، وتضاعفت أسعار الرهن العقاري أربع مرات".

لكن في الواقع، هذا القول مبالغ فيه؛ فرغم أن بعض المواد الغذائية شهدت ارتفاعات هائلة في الأسعار، لكن أسعار المواد الغذائية بشكل عام ارتفعت بنسبة 21% خلال إدارة بايدن، كما ارتفعت أسعار البنزين بنسبة 58%، في حين تضاعفت أسعار الرهن العقاري أكثر من الضعف، وليس أربعة أضعاف.

كذلك قال الرئيس السابق إن "معدل الجريمة لدينا يتزايد بينما تتراجع إحصاءات الجريمة في جميع أنحاء العالم"، إلا أن حديثه مضلل، وفقًا للبيانات الأكثر شمولًا.

الشهر الماضي، قال المدعي العام ميريك جارلاند، إن أحدث إحصائيات الجريمة أظهرت انخفاضًا كبيرًا في الجرائم العنيفة، بإجمالي قدره 15.2٪، في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 مقارنة بعام 2023، مع انخفاضات أكبر في جرائم القتل والسرقات والاغتصاب المبلغ عنها والاعتداءات المشددة.

وتُظهر البيانات الأولية أن معدل الجريمة انخفض أيضًا بشكل كبير في عام 2023، وذلك وفقًا لبيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي، التي تغطي أقسام الشرطة التي تضم أكثر من 82% من الأمريكيين.

المشكلات المجتمعية

بشأن الضرائب، تحدث ترامب عن أن إدارته السابقة قائلًا: "لقد قدمنا ​​لكم أكبر تخفيض ضريبي على الإطلاق".

لكن في الواقع، لا يرقى مشروع قانون الضرائب الذي رعاه الحزب الجمهوري، والذي وقعه ترامب ليصبح قانونًا في ديسمبر 2017، ليكون "الأكبر" في تاريخ الولايات المتحدة، وفقًا للجنة غير الحزبية للميزانية الفيدرالية المسؤولة.

ووفقًا لتقديرات اللجنة، فإن التخفيض الضريبي هو ثامن أكبر تخفيض في التاريخ.

ولم يكن ترامب ليفوت أحد أكبر بطاقاته الرابحة في الاقتراع المقبل، عندما تناول أزمة المهاجرين غير الشرعيين قائلًا: "لدينا أزمة هجرة غير شرعية، وهي تحدث الآن ونحن نجلس هنا في هذه الساحة الجميلة، وهو غزو هائل على حدودنا الجنوبية أدى إلى نشر البؤس والجريمة والفقر والمرض والدمار للمجتمعات في جميع أنحاء أرضنا".

وعلى العكس من حديث الرئيس السابق، توصلت الدراسات إلى أن المهاجرين لا ينشرون الأمراض، بل إن العديد منهم يساعدون في مكافحتها، حيث يشكل المهاجرون نسبة كبيرة من العاملين في مجال الرعاية الصحية.

ووجدت دراسة أجريت عام 2018 ونشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية أن 16% من العاملين في مجال الرعاية الصحية في الولايات المتحدة وُلدوا في مكان آخر، بما في ذلك 29% من الأطباء، و16% من الممرضات المسجلات، و20% من الصيادلة، و24% من أطباء الأسنان، و23% من الممرضين والمساعدين النفسيين ومساعدي الرعاية الصحية المنزلية.

وفي عام 2018، قال الدكتور بول سبيجل، مدير مركز الصحة الإنسانية في كلية جونز هوبكنز للصحة العامة: "لا يوجد دليل يثبت أن المهاجرين ينشرون الأمراض.. هذه حجة كاذبة تُستخدم لإبعادهم".

وبينما أكد ترامب على حماية الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، متهمًا الديمقراطيين بأنهم سيدمرونهما، فقد بدا أن حديثه في هذه النقطة غير صحيح.

وتردد ترامب في الحديث عن هذه القضية لسنوات، لكنه يقول الآن إنه لن يخفض الضمان الاجتماعي أو الرعاية الطبية. وقد دعا بايدن إلى التخفيضات منذ عقود من الزمان، لكنه عارضها لأكثر من 10 سنوات.

قبل ترشحه لمنصبه، وصف ترامب الضمان الاجتماعي في عام 2000 بأنه "مخطط بونزي" -نظام بيع هرمي يعتبر شكلًا من أشكال الاحتيال- وأيد خطط النائب آنذاك بول رايان لإعادة هيكلة الرعاية الطبية في عام 2012.

وبصفته مرشحًا رئاسيًا، وضع ترامب نفسه حاميًا لتلك البرامج في عام 2016، لكنه استهدف بعض الإنفاق التقاعدي في ميزانيات البيت الأبيض، التي لم تصبح قانونًا أبدًا.

أما بايدن، تحدث عن محاولاته المتكررة لخفض الإنفاق الحكومي في تسعينيات القرن العشرين، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، لكنه تحول بقوة ضد تخفيضات الضمان الاجتماعي منذ أكثر من عقد من الزمان، مع تحرك الحزب الديمقراطي نحو دعم توسيع مزايا التقاعد.

وفي الأسبوع الماضي، تبنى بايدن دعوات بين التقدميين لدعم توسيع مزايا الضمان الاجتماعي إذا أُعيد انتخابه، على الرغم من أنه لم يقدم هو أو البيت الأبيض تفاصيل محددة بشأن ذلك.