الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من الهزيمة إلى الهيمنة.. ترامب يستقر فوق عرش الحزب الجمهوري

  • مشاركة :
post-title
أصبحت اللحظة الأكثر رعبًا في الانتخابات الأمريكية استعارة بصرية لرحلة ترامب من أعماق العار إلى قمة الجبل

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

حرفيًا، نجح الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في تفادي الرصاص السبت الماضي. باستثناء قطرات الدم التي تناثرت من طرف أذنه، نهض على قدميه تاركًا الدم يسيل على خده الأيمن، ثم رفع الرئيس شبه العائد إلى البيت الأبيض قبضته في الهواء، ليرفع حماس مؤيديه إلى درجة الجنون.

هكذا، أصبحت اللحظة الأكثر رعبًا في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، استعارة بصرية لرحلة ترامب من أعماق العار السياسي إلى قمة جبل السياسة الأمريكية.

الخروج

عندما غادر ترامب البيت الأبيض في بداية 2021، كان يصرخ ويكذب بشأن خسارته في الانتخابات، ويرفض حضور حفل تنصيب بايدن، وبدلًا من التركيز على تلميع إرثه في أسابيعه الأخيرة بمنصبه، ضغط على مسؤولي الانتخابات لعكس هزيمته، واتهم نائبه (مايك بنس) بالخيانة لتمسكه بنتيجة الانتخابات، واتهمه معارضوه بإرسال أنصاره إلى مبنى الكابيتول.

لكن رغم هذا، بلغت نسبة تأييده 34%، وفقًا لمؤسسة "جالوب".

وفي أواخر فبراير من العام نفسه، عاد ترامب إلى الساحة السياسية من خلال إلقاء كلمة في الاجتماع السنوي لمؤتمر العمل السياسي المحافظ في فلوريدا. وهناك، فاز في استطلاع رأي غير رسمي للمفضل لدى النشطاء لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة لعام 2024، وكسر كرئيس سابق التقاليد الأمريكية بمهاجمة خليفته.

وبحلول ربيع عام 2022، شعر ترامب بالملل في منتجعه الفاخر في بالم بيتش، وكان يرغب في إطلاق حملته لعام 2024 قبل انتخابات التجديد النصفي، وهي البوابة التقليدية للمرشحين الرئاسيين المحتملين، كما فكر في الإعلان عن ترشحه في يوم الاستقلال من ذلك العام.

ولفت تحليل لشبكة NBC News إلى أن "نفاد الصبر كان نتاجًا لأسلوب ترامب القديم، لكن المحادثات أظهرت احترامه للحكمة السياسية التقليدية".

وقال التحليل: "لقد استمع ترامب إلى المستشارين الذين نصحوه بالانتظار حتى الانتخابات النصفية على الأقل، واختار أن يقوم بحملات لصالح مرشحين آخرين طوال موسم الانتخابات في ذلك العام.. وأرضي ذلك رغبته في المشاركة في الحملة الانتخابية دون تشتيت الانتباه عن الجهود الجمهورية للفوز بانتخابات مجلس النواب والشيوخ".

ومع ذلك، فإن ميله إلى الانحياز إلى أي من الجانبين في الانتخابات التمهيدية لمجموعة واسعة من المناصب الفيدرالية -وهي الخطوة التي يتجنبها العديد من الساسة- أحبط بعض أعضاء الحزب الجمهوري.

ويشير جوناثان ألين، محلل NBC News إلى أنه "في أعقاب هزيمته في عام 2020، بدا أن ترامب عازم على مواصلة إعادة تشكيل الحزب على صورته، وهي علامة أخرى على أنه يخطط للعودة".

في تلك المرحلة، كان من الواضح أن الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري لعام 2024 بدأت، وكان أعداء ترامب في الحزب حريصين على محاولة إظهار أنه سامٌ سياسيًا.

وبالفعل، تضررت مكانة ترامب بين الناخبين الجمهوريين بعد الانتخابات النصفية. وللمرة الأولى، انخفضت أرقام استطلاعات الرأي الخاصة به بين الجمهوريين إلى أقل من 50%، وبدأت أسهم حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي فاز بإعادة انتخابه بنحو 20%، في الارتفاع.

من الخطر للهيمنة

لفترة وجيزة، بدا ترامب وكأنه قد يكون عرضة للخطر في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وطالب الجمهوريون المناهضون له، وبعض أنصاره الذين كانوا قلقين بشأن قدرته على الفوز بالانتخابات، بدخول شخصيات بارزة أخرى من الحزب الجمهوري في سباق عام 2024.

وفي عام 2023، وجهت الاتهامات إلى ترامب ثلاث مرات أخرى، مرة في ما يتصل بالاحتفاظ بوثائق سرية، وأخرى ​​بشأن جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020، ومرة ​​أخرى في جورجيا، بشأن جهوده لقلب النتيجة في الولاية.

وفي كل مرة، زعم ترامب أنه كان مستهدفًا بشكل غير عادل من قِبَل الديمقراطيين "الذين يستخدمون نظام العدالة كسلاح"، ما عزز دعمه داخل الحزب الجمهوري.

مع هذا، في انتخابات أيوا التمهيدية، فاز ترامب بـ 51% من الأصوات مقابل 21% لديسانتيس و19% للسفيرة السابقة للأمم المتحدة نيكي هيلي.

وقبل الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، انسحب ديسانتيس، وهزم ترامب هيلي هناك بنسبة 54% مقابل 43%، وسحقها في ولايتها، كارولينا الجنوبية، بنسبة 60% مقابل 40%.

طوال هذه الفترة، لم يفقد ترامب أبدًا ذوقه في انتقاد خصومه، سواءً منافسيه في الحزب الجمهوري، أو الرئيس الديمقراطي جو بايدن، أو المدعين العامين، وغيرهم. فعل هذا في المقابلات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، لكن استراتيجيته التي نفذها ويلز ومستشاريه الرئيسيين كريس لاسيفيتا وجيسون ميلر، عكست نهجًا أكثر تقليدية في الحملات الانتخابية مقارنة بمحاولتيه السابقتين.

العائد

على مدار أغلب الأعوام الثلاثة الماضية، كان بايدن وترامب في سباق محتدم بشكل لا يصدق، وفقًا لاستطلاعات الرأي.

لكن في الأسابيع الأخيرة، انقلب التباين الرئيسي بين بايدن وترامب -الهدوء مقابل الفوضى- رأسًا على عقب.

في 27 يونيو، واجه الرجلان بعضهما البعض في مناظرة باستخدام القواعد التي وضعها فريق بايدن والتي وافق عليها معسكر ترامب، نتيجة لتعهد ترامب بمناظرة بايدن في أي مكان وفي أي وقت.

هناك، بدا الرئيس (بايدن) البالغ من العمر 81 عاما وكأنه يفقد سلسلة أفكاره مرارًا وتكرارًا، وبدا متجمدًا في بعض الأحيان، وتباهى -عن طريق الخطأ- بأنه "تمكن أخيرًا من التغلب على برنامج الرعاية الصحية في الولايات المتحدة". وفي تلك الليلة، بدأ الديمقراطيون المنزعجون في الدعوة إلى انسحاب بايدن من السباق.

ولفت تحليل NBC News إلى أن ترامب "تراجع للسماح للديمقراطيين بالقتال فيما بينهم، ومشاهدة جهود بايدن الفوضوية لإنهاء الأمر".

أيضًا، أجرى الرئيس السابق بحثه عن مرشح لمنصب نائب الرئيس بطريقة هادئة نسبيًا، مع حرص مساعدي حملته على الحفاظ على التفاصيل التي لم يكشف عنها بنفسه. وقد لعبت المراحل الأخيرة من هذا البحث في سرية -وسط جهود بايدن لتحقيق الاستقرار في حملته- حتى عين ترامب فانس، الاثنين الماضي.

اليوم، عندما صعد ترامب إلى المنصة لقبول ترشيحه الثالث على التوالي من الحزب الجمهوري، فإنه سيكون على وشك إتمام عودة سياسية لم يسبق لها مثيل في تاريخ أمريكا، فقد نجا من استطلاعات الرأي المنخفضة، والانتخابات النصفية السيئة، والغضب بعد أحداث الكابيتول، والمحاكمة، وخصومه الجمهوريين، وإدانته بارتكاب جريمة، والرصاص.

والآن، الشيء الوحيد الذي يقف بين ترامب والعودة إلى البيت الأبيض هو حكم الناخبين.