رغم عناده الظاهري، يرى العديد من كبار الديمقراطيين أن الضغط المتزايد من قادة الحزب في الكونجرس والأصدقاء المقربين، قد يقنع الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالانسحاب من السباق الرئاسي، في أقرب وقت بنهاية هذا الأسبوع.
وبينما يشعر بايدن بأن الأرض تتزلزل من تحت قدميه، نقلت شبكة NBC News عن أحد المقربين من بايدن قوله: "لقد اقتربنا من النهاية".
واعترف ذلك الشخص، الذي شكك سابقًا في أن بايدن سيتنحى على الإطلاق، بأن القرار لا يزال بيد الرئيس. لكن الشعور بالأمر الواقع بدأ يغمر بعض كبار مساعدي حملة الرئيس، الذين تحملوا سيلًا من المكالمات الهاتفية من المانحين والمؤيدين السابقين، الذين يحذرون من أنهم لم يعد بإمكانهم دعم بايدن.
وقال أحد الأشخاص الذين تحدثوا إلى مسؤول كبير في الحملة "لقد أدركوا أخيرًا أن الأمر يتعلق بمتى؟، وليس بما إذا كان سيحدث ذلك".
لا جدوى من المضي بالسباق
وبحسب عدة مقربين من بايدن، كان هناك تحول خلف الكواليس في انفتاح الرئيس على التنحي، على الرغم من إصراره في الظهور العام والمكالمات الهاتفية الخاصة مع حلفائه على أنه لن يذهب إلى أي مكان.
وقال شخص مطلع على محادثات الرئيس مع مساعديه إن بايدن أظهر بالفعل، في رأي بعض مساعديه، علامات على أنه إذا اقتنع بعدم وجود جدوى "فإنه لن يمضي قدمًا في هذا".
وبينما لا يزال الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا، الذي يعزل نفسه الآن بسبب فيروس كورونا، عنيدًا بشكل علني، لكنه استسلم سرًا للضغوط المتزايدة، واستطلاعات الرأي السيئة، ما يجعل من المستحيل مواصلة حملته، بحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
ويعتقد كبار قادة الحزب الديمقراطي وأصدقاء الرئيس والمانحون الرئيسيون أنه لا يستطيع الفوز، ولا يستطيع تغيير التصورات العامة عن عمره وقدراته الذهنية، ولا يستطيع تحقيق أي شيء؛ وقيل للرئيس إنه إذا بقي في منصبه، فقد يفوز الرئيس السابق ترامب بأغلبية ساحقة ويمحو إرث بايدن وآمال الديمقراطيين، نوفمبر 2024.
تصاعد ضغوط التنحي
ولفت "أكسيوس" إلى أن "الضغوط للتنحي كمرشح تصاعدت إلى مستويات لا تطاق، خاصة خلال الأيام القليلة الماضية"، إذ يتوقع الديمقراطيون أن تظهر استطلاعات الرأي بعد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري انفجارًا محتملًا، قد يؤدي إلى إسقاط الديمقراطيين في الكونجرس أيضًا.
ونقل التقرير عن أحد أصدقاء الرئيس المقربين: "خياره هو أن يكون أحد أبطال التاريخ. أدعو الله أن يفعل الشيء الصحيح".
وأظهر استطلاع وكالة "أسوشييتد برس"، أمس، أن ما يقرب من ثلثي الديمقراطيين يريدون انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وهو ما يتردد صداه في البيت الأبيض والكونجرس.
وقال التقرير: "حملة الضغط بسبب الذعر تضرب بايدن. كانت منسقة وبلا هوادة".
قلق أوباما
في الأيام الأخيرة، قال الرئيس السابق باراك أوباما، لحلفائه إن طريق بايدن إلى الفوز "تقلص إلى حد كبير"، ويعتقد أن الرئيس "يحتاج إلى التفكير بجدية في جدوى ترشيحه"، كما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
ولم يتحدث أوباما مع بايدن سوى مرة واحدة منذ المناظرة، وكان واضحًا في محادثاته مع الآخرين بأن مستقبل ترشيح بايدن هو قرار يتخذه الرئيس.
ووفق المقربين، أكد أوباما أن اهتمامه ينصب على حماية بايدن وإرثه، ورفض فكرة أنه وحده قادر على التأثير على عملية اتخاذ القرار لدى بايدن.
لكن، كما تشير الصحيفة، خلف الكواليس، انخرط أوباما بعمق في محادثات حول مستقبل حملة بايدن، إذ تلقى مكالمات من العديد من الديمقراطيين القلقين، بما في ذلك رئيسة مجلس النواب السابقة بيلوسي، وتشاركا وجهات النظر حول التحديات التي يواجهها الرئيس.
ويرى أوباما أن دوره هو بمثابة صندوق استشاري لنائبه السابق، إذ أخبر حلفاءه أنه يشعر بالرغبة في حماية بايدن. وفي هذه المحادثات، قال إنه يعتقد أن بايدن كان رئيسًا عظيمًا ويريد حماية إنجازاته، التي قد تكون في خطر إذا سيطر الجمهوريون على البيت الأبيض ومجلسي الكونجرس، العام المقبل.
وفي بعض المحادثات، قال أوباما، الذي يعتمد منذ فترة طويلة على البيانات للحصول على رؤى سياسية، إنه يشعر بالقلق من أن استطلاعات الرأي تبتعد عن بايدن، وأن المسار الانتخابي للرئيس السابق دونالد ترامب آخذ في التوسع، وأن المانحين يتخلون عن الرئيس.
وذكرت "واشنطن بوست" في وقت سابق، أن أوباما أعرب عن مخاوفه بشأن مسار بايدن إلى الأمام بعد المناظرة، وأن الرئيسين تحدثا في الأيام التي تلت المناظرة.
ولكن في الأسابيع التي تلت المناظرة، تزايدت مخاوف أوباما بشأن ترشح بايدن، وفي الوقت نفسه، أبدى بعض مساعدي بايدن غضبهم من دور أوباما في هذه المحادثات، وألقوا عليه باللوم لعدم الحفاظ على وحدة الحزب خلف ترشيح بايدن.
خوف وضغوط
كانت شبكة "ABC News" نشرت أن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر - ديمقراطي من نيويورك - أخبر بايدن في ريهوبوث بيتش بولاية ديلاوير، السبت الماضي، الذي وافق محاولة اغتيال ترامب، أنه سيكون من الأفضل أن ينسحب من السباق.
وأخبرته رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي - ديمقراطية من كاليفورنيا - التي تعد العقل المدبر للحملة الرامية إلى إخراج بايدن، أنه يمكن أن يدمر فرص الديمقراطيين في استعادة مجلس النواب، كما أنها قلقة أيضًا بشأن "جفاف التبرعات"، وفق تعبير "أكسيوس".
ويريد الديمقراطيون في "الكابيتول هيل" خروج الرئيس، ويخشون أن يخسروا المقاعد التي يمكن الفوز بها إذا لم يحدث ذلك.
في الواقع، يأمل الديمقراطيون في تجنب إقصاء بايدن دون رغبته، لأنهم يحبونه ويحترمونه ويقدرون إنجازاته التاريخية، ويلفت "أكسيوس" إلى أنه إذا أراد بايدن البقاء، فسيكون من الصعب إقصائه، بفضل القادة الليبراليين وتجمع السود في الكونجرس "لكن أقرب أصدقائه يعتقدون أنه خاض معركة جيدة وسيستسلم للواقع".
وتحدث زعيما الحزب الديمقراطي في الكونجرس، زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز - نيويورك - وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشارلز إي شومر - نيويورك - مباشرة مع بايدن، الأسبوع الماضي، محذرين من المخاوف الواسعة النطاق من أن ترشيحه قد يضر بفرص السيطرة الديمقراطية على أي من الهيئتين التشريعيتين العام المقبل.
لكن وفق البيت الأبيض، الذي علّق متحدثه على محادثات الرئيس مع شومر وجيفريز، "أخبر الرئيس كلا الزعيمين أنه مرشح الحزب، وأنه يخطط للفوز، ويتطلع إلى العمل مع كليهما لتمرير أجندته لمدة 100 يوم لمساعدة الأسر العاملة".
لكن بايدن يفعل شيئين جديدين، الاستماع أكثر والسؤال عن فرص نائبة الرئيس كامالا هاريس ضد ترامب، لهذا السبب ترى كل التسريبات أن بايدن صار منفتحًا، بينما كان بالكاد يتحدث مع الرافضين قبل أسبوع.
وبحسب أكسيوس، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن ينسحب بايدن ويؤيد هاريس، لكنه يتجه أيضًا إلى السماح للمندوبين بالاختيار إذا أراد الحزب بخلاف ذلك، لنزع فتيل أي انتقاد بأن الحزب كان غير ديمقراطي.
ويشير الموقع الأمريكي إلى أنه سيكون من الصعب - وربما من المستحيل - إيقاف هاريس إذا انضمت عائلتي أوباما وكلينتون إلى بايدن، والنائب جيمس كلايبورن - الديمقراطي عن ولاية كارولينا الجنوبية - وتجمع السود في الكونجرس في دعمها "ومع ذلك، ليس من الواضح أن التتويج سيكون بهذه السرعة والوضوح".