قبيل بدء المناقشات حول قانون إعفاء "الحريديم" من التجنيد في جيش الاحتلال في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، صعّد زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، من لهجته الغاضبة أمام المقترح، واصفًا محاولة إبعاد المتشددين عن الخدمة العسكرية بأنها "خيانة للجيش الإسرائيلي".
وكانت الهيئة العامة للكنيست وافقت الأسبوع الماضي على نقل مشروع قانون الإعفاء الذي تم تمريره في الكنيست السابقة إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن لمناقشته.
وقال رئيس اللجنة، عضو الكنيست يولي إدلشتين (الليكود)، إن "الاعتبار الرئيسي سيكون توفير استجابة حقيقية ودقيقة لاحتياجات الجيش الإسرائيلي والاحتياجات الأمنية لإسرائيل".
وأضاف: "هذه نقطة تحول تاريخية بالنسبة لشعب إسرائيل. إنه ضروري وليس لدينا خيار آخر. نحن جميعا بحاجة إلى جيش دفاع إسرائيلي كبير وفعال وقوي، وسنفعل ذلك بطريقة واضحة وواقعية وبالتعاون الكامل من جميع الأطراف.
خيانة للمقاتلين
نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن لابيد، اليوم الاثنين، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية "تقوض أمن البلاد"، واتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه "يبيع المقاتلين، هو وحزبه".
وقال زعيم حزب "يش عتيد": هذه خيانة للمقاتلين، وخيانة لجنود الاحتياط، وخيانة للطبقة الوسطى الإسرائيلية، وخيانة للجيش الإسرائيلي.
وأضاف خلال حديثه لأعضاء حزبه: "أثناء الحرب يحاولون إعفاء عشرات الآلاف من الشباب دون أي مبرر. كل يوم يُقتل جنود. منذ يوم الاثنين الماضي، بلغ العدد 16 قتيلًا، والمباركون يختبئون في خيمة التوراة".
وبحسب لابيد، يجب تعديل القانون بشكل أساسي وإقراره بسرعة "ليس هناك وقت، نحن في حالة طوارئ".
ودعا لابيد أعضاء الكنيست من الائتلاف "للحضور إلى اللجنة وإقرار قانون تجنيد حقيقي وفعال، حتى يعرف المقاتلون أن الكنيست الإسرائيلي يقف خلفهم".
وعلى خطى لابيد، نقلت "يديعوت أحرونوت" عن رئيس حزب العمل، يائير جولان، قوله: "لم تعد هذه مجرد مسألة عبء متساوٍ، بل أصبح سؤال وجودي ومسألة ذات حاجة أمنية فورية وضرورية".
أيضًا، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الليلة الماضية، إن تجنيد اليهود المتشددين في جيش الاحتلال الإسرائيلي هو "حاجة مؤكدة".
وأضاف: "نريد توسيع القاعدة قدر الإمكان من أولئك الذين يأتون للتجنيد. أقول لكم إن هناك فرصة للتغيير في المجتمع الحريدي أيضًا، ليست واسعة بما فيه الكفاية، ولكن هناك رغبة في التغيير".
وفي مقابل السياسيين الغاضبين، قال زعيم حزب "يهدوت هتوراة"، يتسحاق جولدكنوبف، ليلة الأحد، إن إسرائيل لا تحتاج أو تريد مجندين حريديم، بينما تساءل عما إذا كانت الانتصارات الانتخابية للأحزاب الحريدية لم تمنحهم الحق في إبرام صفقات لتجنب التجنيد لمجتمعهم.
ونقلًا عن تغريدة للسياسي حاييم رامون، ادعى جولدكنوبف أن "أربعة آلاف من الحريديم طلبوا التجنيد منذ بداية العام -رغم أنه ليس من الجيد سماع ذلك- لكن استبعد 3300 منهم. أنتم لا تريدوننا ولا تحتاجون إلينا. لماذا تسيئون إلينا؟"
ومضى جولدكنوبف ليتساءل: "أليس لنا أي قيمة منذ فزنا في الانتخابات؟ أليس لنا الحق في الانتخابات أن نتفاوض ونحصل على ما نستحقه؟"
مأزق الحريديم
يتمكن الحريديم في سن الخدمة العسكرية من تجنب التجنيد في الجيش الإسرائيلي لعقود من الزمن، من خلال الالتحاق بالمعاهد الدينية لدراسة التوراة، والحصول على تأجيلات متكررة للخدمة لمدة عام واحد حتى بلوغهم سن الإعفاء العسكري.
وفي عام 2017، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن الإعفاءات الجماعية من الخدمة العسكرية على أساس جماعي غير قانونية وتمييزية.
منذ ذلك الوقت، حاولت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة صياغة تشريعات جديدة لتسوية هذه المسألة، وفشلت في ذلك، في حين طلبت التأجيلات المتكررة من المحكمة.
ومع ذلك، فقد أظهر القضاة صبرًا متضائلًا، وأصبحت الحاجة إلى سد النقص في القوى البشرية في جيش الاحتلال أكثر إلحاحًا منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، والتهديد بالحرب على الحدود اللبنانية.
وقضت المحكمة العليا في شهر مارس بأنه يجب على الحكومة التوقف عن دعم المدارس الدينية الحريدية التي يكون طلابها مؤهلين للتجنيد، لأن الإطار القانوني للقيام بذلك قد انتهى.
ونتيجة لذلك، اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التعامل مع صداع سياسي حاد، بسبب الأولوية القصوى التي توليها الأحزاب السياسية الحريدية لتمويل المدارس الدينية والإعفاءات العسكرية.
وصوّت المشرعون في الأسبوع الماضي لصالح تطبيق "الاستمرارية" على مشروع قانون من الكنيست السابق يتناول الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية، مما يعيد إحياء التشريع المثير للجدل، ولكن من غير المتوقع أن يحل المسألة.
وإذا تمت الموافقة عليه في نهاية المطاف، فإن مشروع القانون سيخفض السن الحالي للإعفاء من الخدمة الإلزامية لطلاب المدارس الدينية الحريدية من 26 إلى 21 عامًا ويزيد -ببطء شديد- من معدل التجنيد الإجباري للحريديم.
وجاء التصويت على تجديد العملية التشريعية من حيث توقفت، دون الحاجة للبدء من الصفر في الدورة الحالية. حيث سيتم تقديم التشريع إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع للتحضير للقراءتين الثانية والثالثة التي يجب إقراره ليصبح قانونًا.
وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعمه للمضي قدمًا بمشروع القانون في الشهر الماضي، بعد فشله في التوصل إلى اتفاق مع شركائه الحريديم بشأن تشريع لتجنيد أفراد من طائفتهم.
ومن خلال العمل على دفع التشريع، يبدو أن نتنياهو يحاول أن يُظهر للمحكمة العليا أنه يعمل على قضية التجنيد، الأمر الذي من شأنه أن يكسبه الوقت مع إبقاء شركائه في الائتلاف الحريدي داخل الحكومة، حسب "تايمز أوف إسرائيل".
ومع ذلك، فإن الخلافات العميقة المستمرة حول مشروع القانون بين المشرعين الحريديم وأعضاء الليكود تعني أنه من غير المرجح أن يتم المضي قدمًا عبر مرحلة اللجنة.