الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خطوة نحو الحوار.. الولايات المتحدة والصين تستأنفان المحادثات العسكرية

  • مشاركة :
post-title
وزير الدفاع الأمريكي ونظيره الصيني

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

التقى وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، مع نظيره الصيني، دونج جون، للمرة الأولى منذ عام 2022، على هامش منتدى حوار شانجريلا الدفاعي بسنغافورة، في الوقت الذي تتخذ فيه واشنطن وبكين خطوات لإعادة فتح قنوات الاتصال العسكرية كجزء من جهد واسع لتحقيق الاستقرار في العلاقات.

وكشفت وسائل إعلام أمريكية صينية، أن المحادثات كانت "إيجابية وبناءة". إذ تناول وزيرا دفاع البلدين بعض الموضوعات الحساسة بينهما، على رأسها، "الناتو" الجديد في آسيا وتايوان وبحر الصين الجنوبي والتواصل العسكري بين البلدين.

لا نريد "الناتو" في آسيا

وبعد يوم من اجتماع وزيري الدفاع الذي استمر 75 دقيقة، كشفت وسائل إعلام صينية أن الوفد الصيني اتهم أمريكا بمحاولة بناء "نسخة آسيا والمحيط الهادئ من حلف شمال الأطلسي".

ونقلت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية عن مسؤول عسكري رفيع المستوي قوله، إن الولايات المتحدة "مصدر الفوضى والتوتر" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، واصفًا استراتيجيتها الإقليمية بأنها "تخلق الانقسام وتثير المواجهة وتقوض الاستقرار".

وفي خطابه على هامش اجتماع سنغافورة، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوسن، إن الولايات المتحدة وحلفاءها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ -بما في ذلك اليابان وأستراليا والفلبين وكوريا الجنوبية- يعملون على هندسة "تقارب" تاريخي لمصالحهم الدفاعية من خلال إنشاء "مجموعة من المبادرات والمؤسسات المتداخلة والمتكاملة"، لتعزيز التعاون العسكري وتطوير قدرات جديدة وتعزيز الأمن.

ورغم التحذيرات الصينية، رفض المسؤولون الأمريكيون الحجة التي ساقتها بكين، قائلين إن حلفاء أمريكا يستثمرون في الأمن؛ بسبب تصرفات الصين العدوانية في المنطقة. وأكد "أوستن"، أن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن المنطقة، ولن نذهب إلى أي مكان.

أزمة تايوان

تعد قضية تايوان، من أبرز نقاط الاختلاف وتوتر العلاقات بين البلدين على مدار السنوات الماضية. إذ ترى الصين أن تايبيه جزء لا يتجزأ من أراضيها بموجب القانون الدولي، بينما على الرغم من تأييد أمريكا لمبدأ "صين واحدة" إلا أنها تدعم تايوان عسكريًا في تحد واضح لبكين.

وعقب انتهاء اجتماع وزيري الدفاع، ذكرت "البنتاجون" أن أوستن أعرب عن قلقه بشأن النشاط العسكري "الاستفزازي" للصين حول مضيق تايوان، منتقدة التدريبات العسكرية العقابية التي نفذها الجيش الصيني قبيل الاجتماع، بعد تنصيب الرئيس الجديد لتايوان لاي تشينج تي.

وردًا على ذلك، قال دونج لأوستن إن التصرفات الأمريكية تنتهك بشكل خطير مبدأ "صين واحدة" والبيانات المشتركة الصينية الأمريكية الثلاثة، وتتعارض مع الالتزامات التي تعهدت بها، مما يرسل إشارة خاطئة خطيرة إلى القوى الانفصالية "لاستقلال تايوان"، والتي تعارضها الصين بشدة.

ونقلت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية عن خبراء قولهم، إن بكين ستدافع بقوة عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها ومصالحها التنموية، فضلًا عن حماية السلام والاستقرار في المنطقة.

وأوضح مسؤول عسكري صيني، أن مسألة تايوان هي جوهر المصالح الأساسية للصين، والأساس السياسي، والمبدأ الأساسي الذي تقيم عليه الصين علاقاتها الدبلوماسية مع الدول في جميع أنحاء العالم.

وذكرت "جلوبال تايمز"، أن هذا هو الخط الأحمر الأول الذي لا يمكن تجاوزه في العلاقات الصينية الأمريكية، وأي تصرفات تقوض هذا الجوهر أو تهز هذا الأساس أو تتجاوز هذا الخط الأحمر، سوف يعارضها الشعب الصيني والحكومة الصينية بشدة ويوجهونها بحزم.

بحر الصين الجنوبي

وفي بحر الصين الجنوبي، حيث تتداخل مطالبات الصين الإقليمية مع العديد من دول جنوب شرق آسيا، كرر أوستن طلب الولايات المتحدة بحرية الملاحة بموجب القانون الدولي. لكن الجانب الصيني رد: "لا يمكن لأي دولة أن تسعى لتحقيق الأمن على حساب التضحية بأمن دولة أخرى".

ومنذ تصاعد التوترات مع الصين العام الماضي في بحر الصين الجنوبي، اتخذت إدارة الرئيس الفلبيني، رديناند ماركوس خطوات لتشكيل تحالفات أمنية جديدة مع عدد من الدول الآسيوية والغربية، وسمحت بوجود عسكري أمريكي في المزيد من القواعد الفلبينية.

وخلال مؤتمر شانجريلا الدفاعي، قال ماركوس، دون أن يذكر الصين بالاسم، إن "محاولات تطبيق القوانين واللوائح المحلية خارج أراضي الدولة وولايتها القضائية تنتهك القانون الدولي، وتؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض السلام والأمن الإقليميين".

وفي هذا الصدد، قال يوجين تان، أستاذ القانون الدولي في جامعة سنغافورة للإدارة، إنه مع مواجهة السفن الفلبينية الآن بشكل منتظم للصينيين، هناك مخاوف من أن تؤدي المواجهة على مستوى منخفض إلى التصعيد.

وأضاف: "لا أعتقد أن هذه الدول تتطلع حقًا إلى خوض حرب مع بعضها البعض، لكن القلق من هذه المناوشات هو أنه في بعض الأحيان عندما يكون لديك حسابات خاطئة، فإن الأمور يمكن أن تتدهور بسرعة إلى استخدام القوة".

ويرى "تان" أن آخر شيء تريده دول المنطقة، خاصة أنها تركز على التعافي بعد الوباء، هو أن يكون هناك صراع إقليمي على أعتابها.

فيما، قال تساو يان تشونج، زميل باحث في أكاديمية العلوم العسكرية التابعة لجيش التحرير الشعبي، لصحيفة جلوبال تايمز، إنه خلال إدارة الرئيس الفلبيني السابق رودريجو دوتيرتي، كان الوضع في بحر الصين الجنوبي مُستقرًا نسبيًا، لكن هذا تغير بشكل كبير بعد تولي فرديناند روموالديز ماركوس جونيور مهام مكتبه، فضلًا عن التحريض الأمريكي الذي يهدف إلى تطويق الصين عسكريًا.

وأكد أن الصين لديها موقفان أساسيان في قضية بحر الصين الجنوبي: الحفاظ على السلام والاستقرار العام في المنطقة، وحماية السيادة الوطنية للصين وحقوقها بقوة.

قنوات اتصال مفتوحة

تستعيد الصين والولايات المتحدة الاتصالات الدفاعية تدريجيًا منذ انهيارهما؛ بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك نانسي بيلوسي لتايوان. سبق وتحدث أوستن ودونج مع بعضهما البعض بالفعل عبر مؤتمر عبر الفيديو في أبريل الماضي.

وفي اجتماعهما أمس الجمعة، أكد أوستن على أهمية الحفاظ على خطوط مفتوحة للاتصالات العسكرية بين القادة الأمريكيين والصينيين، وقال مسؤول أمريكي: "سيستأنف الجانبان المحادثات الهاتفية بين قادة المسرح في الأشهر المقبلة".

وبدوره، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، للصحفيين بعد الاجتماع إن هذا يظهر أن التراجع في العلاقات العسكرية قد استقر الآن، وأن استئناف الاتصالات المباشرة كان خطوة مهمة، مضيفًا أن "الاتصالات بين الجيشين تهدف إلى تعزيز التفاهم وإزالة سوء التفاهم وتجميع الثقة المتبادلة وتحقيق الاستقرار في العلاقات".

وفي هذا الصدد، قالت ميا نوينز، خبيرة الأمن والدفاع الصينية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إنه على الرغم من أهمية استئناف الاتصالات المباشرة، إلا أن الحديث هو الحد الأدنى الذي ينبغي توقعه من قوتين عظميين.

ويرى هي لي، نائب الرئيس السابق لأكاديمية العلوم العسكرية لجيش التحرير الشعبي الصيني، إن الاجتماع يمثل عملًا إيجابيًا من قبل الجيشين الصيني والأمريكي في تنفيذ التوافق الذي تم التوصل إليه في قمة سان فرانسيسكو، مضيفًا أنه يمثل خطوة حاسمة لتحويل رؤية سان فرانسيسكو إلى واقع.