بدأت أعمال الاجتماع الأمني الآسيوي البارز "شانجري-لا"، اليوم الجمعة، وسط توقعات بأن يهيمن التوتر الأمريكي الصيني على المناقشات، خاصة بعد رفض لي شانج فو، وزير الدفع الصيني عقد لقاء مع نظيره الأمريكي لويد أوستن.
ويتزامن الاجتماع، الذي يستمر حتى 4 يونيو الجاري، مع وصول العلاقات الصينية الأمريكية لأدنى مستوياتها خلال عقود، في ظل ملفات خلافية عديدة بين القوتين العظميين، أبرزها أزمة تايوان، والتجسس الإلكتروني، إضافة إلى السيادة في بحر الصين الجنوبي.
وتشهد القمة، التي يشارك بها كبار مسؤولي الدفاع والقادة العسكريين والدبلوماسيين ومصنعي الأسلحة من أنحاء العالم، كلمات متعددة لهؤلاء المسؤولين، إلى جانب إبرام اتفاقات عسكرية وتحركات دبلوماسية.
وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية، اليوم الجمعة، أن "أوستن" صافح نظيره الصيني على هامش أعمال القمة، دون إجراء "حوار جوهري" بينها، واستمر الحديث بينهما لفترة وجيزة فقط.
وتلقت الآمال المعقودة، بأن تكون القمة فرصة لخفض التوتر الصيني الأمريكي، ضربة برفض الصين لقاء وزير دفاعها -الذي تولى منصبه في مارس وفرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في 2018 بسبب مشتريات أسلحة من روسيا- نظيره الأمريكي.
وقالت أفريل هاينز، مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية: "يجب أن نتحدث مع الصين"، بعد أن طرح المسؤول الصيني الكبير الكولونيل تشو تشي تشاو سؤالًا عن التعاون في مجال مواجهة مخاطر الأمن الإلكتروني المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
أبرز ملفات القمة
يشارك في حوار شانجري-لا، مسؤولين وباحثين من 40 دولة، بهدف تعزيز السلام في منطقة آسيا، ومن المنتظر أن تشهد القمة، تصدر ملفات عدة، أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، والتوتر القائم بين الصين وتايوان، إضافة إلى برامج الأسلحة الكورية الشمالية، والتوترات بسبب النزاعات في بحري الصين الجنوبي والصين الشرقي.
أبرز القضايا الخلافية بين الصين وأمريكا
توترات بحر الصين الجنوبي
وتعد السيادة في بحر الصين الجنوبي، أحد أبرز الملفات التي تسببت في زيادة التوتر بين القوتين العظميين، ولعل آخرها ما أعلن عنه الجيش الأمريكي، من قيام مقاتلة صينية بمناورة عدوانية قرب طائرة استطلاع عسكرية أمريكية، وصفها الجيش الأمريكي بأنها "غير مبررة".
وهاجمت الصين الولايات المتحدة ووصفتها بأنها تقوم بـمناورات استفزازية خطرة، وأن الطائرة الأمريكية توغلت "عمدًا"، في منطقة التدريب التابعة لها.
أزمة تايوان
تزايدت حدة التوتر بين القوتين العظميين (الصين وأمريكا) بسبب تايوان، خاصة بعد التقارب الأمريكي مع رئيسة تايوان تساي إنج، التي تم تكريمها في نيويورك بجائزة القيادة.
وزاد التقارب الأمريكي مع تايوان من حدة التوترات، خاصة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، في تحدٍ أمريكي واضح للتهديدات التي أطلقتها بكين، والتي تعتبر تايوان "جزءًا لا يتجزأ من أراضيها" وفقًا لمبدأ "الصين الواحدة"، ثم لقاء رئيسة تايوان برئيس مجلس النواب الأمريكي الجديد كيفين مكارثي.
وردّت الصين وقتها بتحركات عسكرية غير مسبوقة حول الجزيرة، وأرسلت سفنًا حربية إلى المياه المحيطة بالجزيرة، وسط تحذيرات من "ردٍّ حاسم".
ويمكن اعتبار أزمة تايوان، هي نطقة الخلاف الأبرز بين القوتين العظميين، إذ تعد تايبيه واشنطن الحليف الأبرز لها.
وأدانت الخارجية الصينية، الاتفاق التجاري "مبادرة الولايات المتحدة وتايوان للتجارة في القرن الـ21"، بين أمريكا وتايوان، الذي وقعه البلدان أمس الخميس، والذي يهدف لتعزيز التجارة بينهما، وهو ما وصفته الصين بأنه ينتهك مبدأ "الصين الواحدة"، وطالبت بفسخ الاتفاق.
الحرب التجارية والاقتصادية والتكنولوجية
في عام 2018، أخذت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مسارًا تصاعديًا، إذ فرض الرئيس الأمريكي وقتها دونالد ترامب، قيودًا على الورادات الصينية، وفرض المزيد من الرسوم الجمركية، بهدف تقويض بكين، ثم واصلت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، السياسة الأمريكية، وفرضت المزيد من العقوبات والحظر على شركات صينية، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، ولا سيما أشباه الموصلات، ومعدات صناعة الرقائق، ومكونات صناعة الحواسيب العملاقة.
وتؤثر الحرب التجارية بين البلدين على الاقتصاد العالمي ككل، ليس عليهما فقط، ويعتقد مراقبون، أن خسائر هذه الحرب ستطال الجميع، ورغم التوترات القائمة، يُعتَبر البلدان من أكبر الشركاء التجاريين، وارتفع حجم التبادل التجاري بينهما في 2021 بنسبة 28.7% ليصل إلى 755 مليار دولار، لتظل الولايات المتحدة ثالث أكبر شريك تجاري للصين.