خلال لقائهما المشترك مع انعقاد المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، قال الرئيس الصيني شي جين بينج لنظيره المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الصين "تشعر بألم عميق بسبب الوضع الإنساني الخطير للغاية في غزة"، مؤكدًا وقوف بكين إلى جوار مصر في الدعوة لمنع امتداد الصراع.
وجاءت تصريحات شي وسط مخاوف متزايدة من تصعيد أوسع بالمنطقة، في الوقت الذي تتطلع فيه بكين إلى علاقات أوثق في الشرق الأوسط وإفريقيا، في ظل التنافس المتزايد بين الصين والقوى الغربية.
ووصف شي الوضع الإنساني في غزة بأنه "خطير للغاية"، وقال لنظيره المصري إن الوقف الفوري لإطلاق النار هو "أمر حتمي".
وأضاف شي أن الصين ترغب في التعاون مع مصر في عملية الوساطة الإقليمية، مؤكدًا دعم بكين المستمر "لحل الدولتين" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والحصول على العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
ونقل تلفزيون CCTV الصيني الرسمي عن شي قوله: "الصين مستعدة للعمل مع مصر للتوصل إلى حل مبكر وشامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية".
وبينما يؤكد الرئيس السيسي "دعم مصر الكامل" للقضية الفلسطينية، أكد أيضًا أن القاهرة "تقدر بشدة النهج والموقف العادل" للصين تجاه القضايا الفلسطينية، وإنها "ستحافظ على اتصالات وثيقة" مع بكين بشأن هذه المسألة.
وبحسب بيان وزارة الخارجية المصرية، أكد السيسي "خطورة العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية وعواقبها الإنسانية والأمنية والسياسية الوخيمة".
القاهرة وبكين
تأتي زيارة الرئيس السيسي للعاصمة الصينية مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره السابع، ومع شن القوات الإسرائيلية هجمات جوية وبرية وحشية هذا الأسبوع على مدينة رفح الفلسطينية.
وبينما أشار شي إلى أنه يدعم القاهرة للعب دور أكثر أهمية في "الشؤون الدولية والإقليمية" من خلال المنصات والأطر الدولية المتعددة الأطراف، مستشهدًا بـ "منظمة شنجهاي للتعاون" و"بريكس"، أكدت بكين أن القاهرة "أكثر الوسطاء خبرة في الشرق الأوسط".
وقال الخبراء إن الموقف المشترك لدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني التي تتقاسمها الصين والدول العربية كان دائمًا عنصرًا هامًا في التعاون العربي الصيني.
ووفق تقرير لصحيفة South China Morning Post، تدعم بكين بقوة دور القاهرة كوسيط لوقف العدوان، وقد حافظت على اتصالات وثيقة معها، حيث اتصل وزير الخارجية الصيني وانج يي بنظيره المصري سامح شكري بعد أسبوع من اندلاع العدوان على غزة في أكتوبر، كما زار القاهرة في يناير للدعوة إلى حل سلمي.
وأوضحت الصحيفة أن مصر "شريك مهم للصين بين دول الشرق الأوسط، وقوة إقليمية تقليدية في الشرق الأوسط. ولذلك فإن العلاقة بين الصين ومصر مهمة لاستقرار الوضع في الشرق الأوسط بأكمله".
كما لفتت إلى أن القاهرة تعد أيضًا لاعبًا رئيسيًا في مبادرة الحزام والطريق، وهو برنامج عالمي للبنية التحتية في مواجهة الغرب، تقوده بكين.
ونقلت الصحيفة عن وانج جين، الأستاذ المشارك في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة نورثويست الصينية، قوله إن الحرب في غزة ستكون بالتأكيد على رأس جدول أعمال السيسي وشي "وربما يتخذان موقفًا جديدًا".
وقال: "ستكون اللقاءات بالتأكيد مرتبطة بالقضية الفلسطينية الإسرائيلية، وأيضًا لأن العلاقات الثنائية مهمة جدًا أيضا، لذلك قد تكون هناك بعض المواقف الجديدة بشأن القضيتين".
ونقلت صحيفة Global Times الصينية عن لي شينج قانج، زميل معهد الدراسات حول منطقة البحر الأبيض المتوسط بجامعة تشجيانج للدراسات الدولية "هذا يظهر أن القادة -المشاركون في المنتدى- يعتزمون اغتنام الفرصة لمناقشة تسوية سياسية للقضية الفلسطينية الإسرائيلية مع الصين".
ولفت إلى أن الصين والدول العربية يمكن أن تصدرا بيانًا مشتركًا بشأن حث إسرائيل على وقف الهجوم على رفح والدعوة إلى تسوية جوهرية للقضية الفلسطينية.
الدولة الفلسطينية
في كلمته خلال افتتاح منتدى التعاون العربي الصيني، اليوم الخميس، أكد الرئيس المصري أن العلاقات السياسية "العربية - الصينية" تقوم على عدد من الأسس الراسخة، على رأسها الحرص المتبادل على أمن واستقرار ومصالح الشعوب، ورفض الاعتداء على السيادة.
وقال: "مثلت تلك العلاقات والتعاون العربي الصيني الوثيق لإقرار تلك المبادئ ركيزة من ركائز الاستقرار الدولي، والعمل على إقرار العدالة في المنظومة الدولية".
وأوضح الرئيس السيسي التقدير العربي الكبير للسياسات الصينية تجاه القضية الفلسطينية، ودعم بكين المستمر للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، ولحق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولتهم المستقلة.
وأضاف: "إنني أدعو كل أطراف المجتمع الدولي الفاعلة للاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية لوقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة، كما أطالب المجتمع الدولي بالعمل دون إبطاء على الإنفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة لوضع حد لحالة الحصار الإسرائيلية والتصدي لكل محاولات التهجير القســري للفلســطـيـنـيـيـن مــــن أراضـيهم".
وتابع: "أكرر التأكيد أنه لا يوجد سبيل للوصول إلى السلام والاستقرار الإقليمي والدولي المنشودين إلّا من خلال المعالجة الشاملة لجذور القضية الفلسطينية، وذلك بالالتزام الجاد والفوري بحل الدولتين والإقرار للفلسطينيين بحقهم المشروع في الحصول على دولتهم المستقلة".
وتأكيدًا لموقف نظيره المصري، طالب الرئيس الصيني شي جين بينج، في كلمته بالمنتدى، بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا أن بلاده تدعم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
وأضاف شي، أن بكين مستعدة للعمل مع الجانب العربي لاستكشاف سبل حل القضايا الساخنة، لتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل.
وذكر الرئيس الصيني أنّ بكين ستتبرع بـ 3 ملايين دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة، كما أنها تدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وأكد شي أنه لا يجوز استمرار الحرب في غزة إلى أجل غير مسمى، كما لا يجوز غياب العدالة إلى الأبد، مبديًا استعداد الصين لبناء علاقات مع الدول العربية كمعيار للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين.