الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ما موقع الصين في الانتخابات الأمريكية 2024؟

  • مشاركة :
post-title
المرشحان للرئاسة الأمريكية بايدن وترامب

القاهرة الإخبارية - د. محمد أبو سريع

احتلت الصين مركزًا متقدمًا في اهتمامات الحملتين الانتخابيتين، لـ"بايدن" و"ترامب" المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من منطلق رؤية كل منهما للصين، وفي ظل وصف بعض المراقبين، للعلاقات الصينية الأمريكية، بأنها "علاقة انتفاع" تشوبها بعض المشكلات، وأنها واحدة من العوامل الوازنة في برامج المتنافسين، يبقى السؤال: ما هو موقع الصين في الأجندة الانتخابية للمرشحين للانتخابات الأمريكية 2024؟ وما المخاوف الصينية إزاء نتائج هذه الانتخابات؟

موقع الصين في الأجندة الانتخابية الأمريكية

مع تجدد ماراثون الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية والمقررة في الخامس من نوفمبر 2024، تتصدر العلاقات بين الصين وأمريكا أولويات أجندة وبرامج المرشحين في السباق الانتخابي، ويمكن تحديد موقع الصين في الأجندة الانتخابية على النحو التالي:

(*) موقع الصين في الأجندة الانتخابية للرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب: شهدت الولايات المتحدة والصين حربًا تجارية مريرة خلال فترة ولاية ترامب باعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم، فقد قام ترامب بفرض رسوم جمركية على بضائع صينية قيمتها مئات المليارات من الدولارات في عامي 2018 و2019 في خضم هذه الحرب.

وفي الوقت الراهن، يعد ترامب ناخبيه بفرض رسوم جمركية بنسبة تتجاوز 60% على البضائع الصينية حال انتخابه، وعلى الرغم من ذلك فإنه يرفض فكرة خوض حرب تجارية أخرى مع الصين، ويرى أنه قام بـ"عمل رائع مع الصين في كل شيء"، وأن الرئيس الصيني كان صديقًا جيدًا له خلال فترة ولايته.

وشهدت فترة ترامب الأولى، إثارة "نظرية المؤامرة" في التعامل مع الصين، وذلك على غرار القول إن الصين تعمدت نشر فيروس كورونا "كوفيد-19" عالميًا، مع مطالبة بكين بدفع تكلفة الخسائر الاقتصادية لتفشي الوباء، ويتبنى الرئيس السابق دونالد ترامب في الوقت الحالي، نظرية مؤامرة أخرى ضد الصين عبر اتهامها بسرقة الوظائف من الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بصناعة الرقائق الإلكترونية التي تدخل في أجهزة الكمبيوتر والسيارات وعديد من الصناعات.

وتشهد الفترة الحالية تصاعدًا في مهاجمة الرئيس الأمريكي السابق لسياسات الرئيس الحالي جو بايدن واتهام الديمقراطيين بالضعف تجاه الصين، التي ينظر إليها باعتبارها المنافس العالمي للولايات المتحدة والتي تسعى لتعزيز نفوذها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفي منطقة الشرق الأوسط كذلك، كما أن للصين علاقات قوية مع كوريا الشمالية، وهو ما يعكس تخوف المحللين العسكريين من اندلاع حرب محتملة بين الولايات المتحدة والصين (بشكل غير مباشر). وفي الوقت نفسه، رفض ترامب التصريح بما إذا كانت الولايات المتحدة في عهده ستدعم تايوان في حال تعرضت لحرب من جانب الصين.

(*) موقع الصين في الأجندة الانتخابية للرئيس جو بايدن:شهد العام الماضي 2023 العديد من لقاءات المسؤولين الأمريكيين بنظرائهم الصينيين، وتوجت بلقاء القمة بين الرئيسين الأمريكي والصيني، وهي اللقاءات التي كان من بين أبرز محاورها الحفاظ على علاقات تجارية واستثمارية صحية، وسط تنافسهما الاستراتيجي المتزايد، مع تعزيز قنوات الاتصال، من أجل إذابة الجليد في العلاقة بين البلدين.

وعلى الرغم من ذلك لا تنظر بكين بعين الرضا للرئيس الأمريكي الحالي الذي شن هجومًا عنيفًا على الرئيس الصيني ووصفه علنًا بـ"الديكتاتور"، فقد أبقت إدارة بايدن على الرسوم الجمركية وأضافت قيودًا جديدة تحظر تصدير أشباه الموصلات المتقدمة والمعدات اللازمة لتصنيعها بسبب مخاوف أمنية. وتعمل إدارة بايدن على منع الصين من الوصول إلى تكنولوجيات متطورة، متذرعة بحماية الأمن القومي، ما يثير استياء الصين التي تعتبر أن ذلك يضر بـ"مصالحها المشروعة".

ومن ناحية أخرى، يتعهد بايدن بدعم تايوان في حال تعرضها لحرب من جانب الصين (وهو التعهد الذي كرره الرئيس بايدن عدة مرات والتزم بتسليح تايوان).

مخاوف صينية:

تراقب بكين بقلق "مباراة العودة" بين ترامب وبايدن في انتخابات 2024، خاصة مع حديثهما بلهجة صارمة وهجومية خلال الحملات الانتخابية في سباقهما الانتخابي الراهن؛ لإظهار سياسات متشددة وحازمة تجاه الخصم الصيني بما يعزز الدعاية الانتخابية لكلا المنافسين، فالصين ترى أنها أمام خيار بين شخصين كلاهما سيئ لمصالحها، فمسألة من سيتولى منصب قيادة البيت الأبيض يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، بل الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وتتجسد كذلك المخاوف الصينية إزاء نتائج تلك الانتخابات، في موقف المستثمرين الصينيين، فوفقًا لتقرير صادر عن بنك "جولدمان ساكس"، فإن عددًا كبيرًا من المستثمرين الصينيين تحدثوا عن شعورهم بالقلق من عودة ترامب المحتملة للبيت الأبيض، وما سيتخذه من سياسات عدوانية تجاه الصين وتأثير ذلك على سوق الأسهم الصينية وتوقعات بالانكماش الاقتصادي. وتتأكد هذه المخاوف في ضوء تصريح ترامب في مقابلة بُثت في فبراير 2024 على قناة فوكس نيوز "انظروا، سوق الأوراق المالية كادت أن تنهار عندما أعلن عن فوزي في الانتخابات التمهيدية في ولاية آيوا بعدد قياسي من الأصوات". وأضاف "عندما فزت في نيوهامبشير بعد ذلك، انخفضت سوق الأسهم بجنون".

ويرى عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي والمحلل السياسي، مهدي عفيفي، أن العلاقات بين الدول لها أهداف قصيرة وطويلة الأمد، لذلك يتعين وضع تصريحات دونالد ترامب حول الصين واتجاهه لفرض مزيد من الرسوم على بضائعها حال فوزه على أنها مجرد دعاية انتخابية، ربما ليست قابلة للتطبيق، ففي حال فوزه بالانتخابات ومحاولته فرض شروط جزائية أو ضرائب وجمارك جديدة، ستتجه الصين على الفور بتطبيق نفس الشيء، وهو ما سينعكس سلبًا على الجانب الأمريكي في هذه الحالة وليس الصيني فقط، ووفقًا لذلك، فإنه في حال فوز ترامب لن تتأثر الصين بشكل كبير، بل سيحاول ترامب الاستفادة منها في مجالات كثيرة، لذلك يتعين التمييز بين المواقف السياسية والتصريحات الانتخابية.

إجمالًا،يمكن القول إن هناك ترقبًا صينيًا لما سوف تسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة، إدراكًا منها أن هوية حاكم البيت الأبيض تؤثر تأثيرًا مباشرًا على العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، تعاونًا وصراعًا، فرؤية المرشحين تزعج بكين؛ لأنها تتضمن تهديدات لمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، فوجود ترامب يعني الكثير من التوتر والقلق بالنسبة لبكين، لأنه معروف بسياساته التصعيدية ضد الصين، وقد فرض حزمًا من الرسوم على بضائعها في ولايته الأولى، ويعد ناخبيه بفرض رسوم جمركية على البضائع الصينية مرة أخرى بما يتجاوز 60%.

وفي الوقت نفسه لا يعني الخوف من عودة ترامب ترحيبًا صينيًا ببقاء بايدن الذي حافظ على سياسات متشددة إزاء الصين، وعلى الرسوم المفروضة عليها، وهو ما يكشف حجم المعضلة التي تواجهها بكين.

ومن ناحية أخرى، يُمكن القول إن مستقبل العلاقة بين واشنطن وبكين، لا يتوقف على نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة سواءً في حال فوز الرئيس بايدن أو الرئيس السابق ترامب، وإنما ترتبط كذلك بالثقل الصيني ورد فعلها في التعامل مع المشكلات الثنائية مع الولايات المتحدة، وكذلك القضايا الدولية، باعتبارها قطبًا عالميًا يتعاظم دوره في النظام الدولي.