في خضم الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، أثارت تصريحات جوزيب بوريل، المنسق العام للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جدلًا واسعًا عندما انتقد مطالب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بتوفير حماية جوية لكييف على غرار ما قدمته القوى الغربية لإسرائيل، خلال الهجوم الإيراني الأخير.
تأتي تصريحات بوريل في الوقت الذي تسعى فيه أوكرانيا للحصول على ضمانات أمنية من حلفائها الغربيين مماثلة لمستوى الحماية التي توفرها الولايات المتحدة لإسرائيل.
مُطالبات أوكرانية
طالبت الحكومة الأوكرانية بريطانيا والولايات المتحدة وحلفاءهما بتقديم نفس المستوى من الدعم الذي قدموه لإسرائيل في مواجهة الهجوم الإيراني الأخير.
وفي هذا الصدد، قال أندريه يرماك، رئيس مكتب فلاديمير زيلينسكي: "يجب ألا يكون الاتفاق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا أقل فاعلية من مستوى التعاون الدفاعي بين أمريكا وإسرائيل، الذي جرى تفعيله من خلال الإجراءات المشتركة للحلفاء في أثناء صد الهجوم الجماعي على إسرائيل من قبل إيران".
ضربة طهران
أطلقت طهران واحدة من أكبر ضربات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، الأسبوع الماضي، ردًا على الغارة الجوية الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، 1 أبريل الجاري، التي أسفرت عن مقتل 7 ضباط كبار من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ونجحت إسرائيل، بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في اعتراض معظم الصواريخ الإيرانية باستخدام قواتها العسكرية، ما أسفر عن أضرار طفيفة فقط حسب تقديرات إسرائيل، لكن هذه العملية كلفت إسرائيل 550 مليون دولار وفقًا لخبراء الدفاع المحليين.
أوكرانيا لن تحظى بنفس مستوى التدخل
على الرغم من مطالب كييف بحماية مماثلة، أوضح المسؤولون الغربيون أن أوكرانيا لن تحظى بنفس مستوى التدخل الذي حظيت به إسرائيل الأسبوع الماضي.
وقال ديفيد كاميرون، وزير الخارجية البريطاني: "وضع قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في صراع مباشر مع القوات الروسية سيكون تصعيدًا خطيرًا".
واقترح كاميرون بدلًا من "الطائرات الغربية التي تحلق فوق السماء الأوكرانية في محاولة لإسقاط الأهداف الروسية"، أن تحتاج أوكرانيا إلى أنظمة دفاع جوي متطورة لحماية أراضيها وسمائها.
الموقفان مختلفان
في المقابل، أكد بوريل أن الموقفين مختلفان تمامًا ولا يمكن مقارنتهما، لأن الهجمات الإيرانية استهدفت قواعد جوية لقوات فرنسية وأمريكية وبريطانية، ما استدعى رد فعل دفاعي منهم.
في حين أن أوكرانيا لا تضم قواعد لهذه الدول على أراضيها أو في المناطق التي تعبرها الصواريخ الروسية، كما لفت إلى أن إسرائيل استثمرت الكثير من الوقت والمال لبناء منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي، وهو ما لا يمكن للاتحاد الأوروبي تحقيقه بسرعة في أوكرانيا حتى لو توفر التمويل اللازم.
جهود أوروبية
على الرغم من اختلاف الظروف، يواصل الاتحاد الأوروبي جهوده لدعم أوكرانيا ودفاعاتها الجوية، وأكد بوريل أن الاتحاد يعمل على تزويد كييف بقدرات إضافية للدفاع الجوي، في محاولة لتعزيز قدرتها على صد الهجمات الروسية، ومع ذلك، نفى أن يكون الاتحاد الأوروبي متورطًا بشكل مباشر في الدفاع عن إسرائيل، موضحًا أن الاتحاد ليس دولة ولا يمتلك جيشًا، لكن بعض الدول الأعضاء فيه شاركت في ذلك التعاون العسكري مع إسرائيل.
وأضاف بوريل أن دور الاتحاد الأوروبي اقتصر على تبادل المعلومات الاستخباراتية مع حلفائه حول اقتراب الهجوم الإيراني على إسرائيل.
وبالتالي، فإن الاتحاد لم يشارك بشكل مباشر في العمليات العسكرية لصد الهجوم الإيراني، لكنه أسهم في توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي اللازم لشركائه.
ضغوط كييف
في الوقت نفسه، تواصل أوكرانيا ضغوطها على الولايات المتحدة للمضي قدمًا في تخصيص أكثر من 60 مليار دولار كمساعدات عسكرية، التي يعرقلها حاليًا مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكي.
وكشف أندريه يرماك، رئيس مكتب فلاديمير زيلينسكي، أن المحادثات التي شارك فيها تناولت "خطة العمل بعد أن يتخذ الكونجرس الأمريكي قرارًا بشأن المساعدات العسكرية لأوكرانيا".
دور فرنسا
في السياق ذاته، لم تستبعد الحكومة الفرنسية نشر قواتها في أوكرانيا، لكنها أوضحت أن أي مهمة افتراضية لقواتها ستكون بهدف تخفيف الأعباء عن الجنود الأوكرانيين في المهام غير المتعلقة بالقتال المباشر، حتى تتمكن كييف من إرسال المزيد من قواتها إلى خطوط المواجهة مع الجيش الروسي، دون التورط في صراع مباشر مع موسكو.