حذرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، من أن مرضى السرطان من غزة، وخاصة الأطفال، الذين يتلقون العلاج في القدس الشرقية المحتلة، يواجهون تهديدًا من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بإعادتهم إلى القطاع المحاصر، الذي يتعرض لعدوان مدمر منذ 7 أكتوبر الماضي.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن ما لا يقل عن 22 مريضًا من غزة، في حاجة ماسّة إلى علاج السرطان المتقدم، بمستشفى المطلع في مبنى "الأوجستا فكتوريا" بجبل الزيتون في القدس الشرقية المحتلة، يعيشون في خوف من اتخاذ جيش الاحتلال قرارًا بترحيلهم إلى القطاع المحاصر.
ويعتبر مستشفى المطلع في مدينة القدس ثاني أكبر مستشفى فلسطيني بالمدينة، ونجح منذ إنشائه عام 1950 في تقديم خدمات طبية عالية المستوى خاصة في علاج السرطان بمختلف أنواعه، ليس لفلسطينيي القدس فحسب، وإنما لفلسطينيي الضفة وغزة أيضًا.
وبعد بدء العدوان على غزة، طالب جيش الاحتلال المستشفيات في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، بتقديم قائمة بالمرضى الذين يعتبرون مؤهلين للخروج وإعادتهم إلى غزة.
ونقلت "ذا جارديان" عن الفلسطينية من جباليا قمر أبو زوار، 22 عامًا: "لقد وصلت إلى القدس مع ابني حمزة في 27 سبتمبر من العام الماضي".
وحمزة، البالغ من العمر أربع سنوات ونصف السنة، يعاني من ورم في المخ، ويحتاج إلى علاج لا يستطيع تلقيه في غزة. وتقول أمه: "بينما كنا هنا، اندلعت الحرب. ومنذ ذلك الحين، تقطعت بنا السبل في هذا المستشفى، بينما يوجد طفلاي الصغيران الآخران في شمال غزة مع زوجي".
وأضافت أبو زوار، التي تستخدم كرسيًا للنوم بجوار ابنها منذ سبتمبر الماضي، أنها بينما ترغب في العودة إلى غزة لاحتضان أطفالها الآخرين، فإنها تعلم أن حمزة لا يمكنه تلقي العلاج الإشعاعي الذي يحتاجه هناك في مستشفيات القطاع التي تعاني من أزمة حادة.
وقالت: "مستشفيات غزة مكتظة بمئات الجرحى بسبب العداون.. وهنا، أعلم أن حمزة يمكنه الحصول على الرعاية التي يحتاجها".
وفي نهاية ممر جناح علاج الأورام لدى الأطفال بمستشفى المطلع، يوجد الطفل علي، البالغ من العمر 8 سنوات، والذي وصل إلى المستشفى مع والدته في سبتمبر من حي الرمال الواقع على ساحل مدينة غزة. ويعاني الطفل علي من سرطان الدم، وكان من المفترض أن يبقى لمدة شهر واحد فقط عند وصوله المستشفى برفقة والدته، ولكن بعد ذلك اندلعت الحرب على غزة.
ويقيم العديد من مرضى السرطان كبار السن من غزة، في فندق بجوار المستشفى بالقدس المحتلة، حيث يتوجهون إليه للحصول على جرعات العلاج الكيميائي.
ووفقًا للأمم المتحدة، فإن نحو ثلث المستشفيات في غزة تعمل ولو بشكل جزئي. وقالت وزيرة الصحة في السلطة الفلسطينية مي الكيلة، إن أكثر من 2000 مريض بالسرطان في غزة، يعيشون في ظروف صحية كارثية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع والتهجير الجماعي.
وقال صبحي سوكيك، مدير مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، إن بعض المرضى طلبوا الانضمام إلى عائلاتهم في المدارس المخصصة كملاجئ، للموت بينهم، لأنهم يعلمون أن المستشفيات في غزة لن تتمكن من علاجهم.
وقال مسؤولو الصحة، إن المستشفى الوحيد لعلاج السرطان في القطاع خرج عن الخدمة، في الأول من نوفمبر الماضي، بعد نفاد الوقود.
وذكرت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، في بيان لها، إن "إعادة السكان إلى غزة أثناء صراع عسكري وأزمة إنسانية هو أمر يتعارض مع القانون الدولي ويشكل خطرًا متعمدًا على أرواح الأبرياء".
وقال البيان: "يزداد الأمر سوءًا عندما يتعلق الأمر بالمرضى الذين قد يواجهون عقوبة الإعدام بسبب الظروف غير الصحية والجوع، إلى جانب عدم توفر الرعاية الطبية بشكل محتمل".
وأضاف: "يجب على المستشفيات والطواقم الطبية أن تعارض بشدة خروج المرضى ما لم يتم تقديم ضمان بعدم إعادتهم إلى غزة، حيث تكون حياتهم في خطر".