وسط تصاعد الخلافات بين الأصدقاء الأوروبيين، حول كيفية دعم أوكرانيا، التي تواجه نقصًا خطيرًا في المعدات والأسلحة وخاصة الذخائر، تمكنت دولة التشيك الصغيرة من إنقاذ كييف لعدة أشهر مقبلة من فَك الدب الروسي الذي يلتهم الأراضي شيئًا فشيئا، وذلك من خلال صفقة ذخائر ضخمة تقدر بمئات الملايين، التي ربما ستنقذ مدنًا أوكرانية بأكملها من نفس مصير أفدييفكا.
وتُواجه أوكرانيا -التي أنهكتها الحرب- مستقبلًا قاتمًا، حيث تآكلت ربع البلاد تقريبًا على يد الروس، ويُعاني الجيش من نقص في المعدات والجنود، التي تحتاجها الخطوط الأمامية، الأمر الذي أدى إلى حدوث انكماش دفاعي خطير، وتراجع مستمر، مع استمرار القتال العنيف بين الجانبين على مستوى كل محاور الصراع، وأصبحت روسيا تسيطر على العديد من الأراضي المهمة.
صمت المدفعية
وفي أوائل عام 2023 توسطت أمريكا من خلال صفقة مع كوريا الجنوبية لدعم أوكرانيا بمليون قذيفة من عيار 155 ملم، بمليارات الدولارات، وبحسب التليجراف البريطانية، فإن تلك القذائف حررت مدافع الهاوتزر الأوكرانية البالغ عددها 3000 لتنطلق بمعدل لا يقل عن 10000 طلقة في اليوم، وهو ما يطابق لأول مرة، معدل إطلاق النار اليومي لمدافع الهاوتزر الروسية التي تطلق 6000 قذيفة في اليوم.
ومع مرور الأيام وخاصة عقب فشل الهجوم المضاد، لاحظ الجيش الروسي أن نيران المدفعية الأوكرانية آخذة في الانخفاض، وباتت متقطعة يومًا بعد يوم، وانخفضت من 10000 طلقة إلى 2000 طلقة فقط، بل إنها صمتت تمامًا في بعض القطاعات، الأمر الذي بسببه حشد الروس عشرات الآلاف من قواتهم وشنوا هجومهم على المدينة الأوكرانية الأكثر عرضة للخطر أفدييفكا، وتمكنوا من السيطرة عليها على الرغم من الخسائر الكبيرة في صفوف الروس.
ترامب ورفاقه
وأرجعت الصحيفة هذه التطورات في صفوف الجيش الأوكراني، الذي بات يخسر يومًا بعد يوم، إلى السياسة الأمريكية، عندما وافق الديمقراطيون على مساعدات عسكرية بقيمة 75 مليار دولار لأوكرانيا، وعندما بدأت في النفاد، طلب بايدن تمويلًا إضافيًا بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أضحى مرشحًا رسميًا للحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية القادمة، أعرب عن رؤيته تجاه الحرب الروسية الأوكرانية والتي لا تتفق مع رؤية الديمقراطيين.
مفاجأة التشيك
في أواخر فبراير الماضي، فجّر وزير الدفاع التشيكي يان جيريس المفاجأة عندما أعلن في مؤتمر أمني في ميونخ أن حكومته حددت 800 ألف قذيفة مدفعية موجودة في دول غير غربية، يمكن أن تصل قيمتها إلى 1.5 مليار دولار، لكن وفقًا لصحيفة "بوليتيكو" فإن معظم هذه الدول غير راغبة في دعم أوكرانيا بشكل مباشر لأسباب سياسية وتحتاج إلى وسيط، وكانت التشيك هي صاحبة المبادرة لجمع ثمن القذائف.
وسرعان ما وقّعت بلجيكا وكندا والدنمارك وهولندا، وانضمت 13 دولة أخرى إلى نادي المدفعية التشيكية، وخلال ثلاثة أسابيع، جمع جيريس وزملاؤه مبلغ 1.5 مليار دولار، وكانت القذائف في طريقها إلى الخطوط الأمامية، ولم تعد الألوية الأوكرانية بعد الآن في حاجة إلى تقنين الذخيرة والحفاظ عليها لحالة الطوارئ فقط، مع وجود قذائف تكفي لأشهر مقبلة.